في ذكرى رحيله.. "شريف باشا" رائد الدستور المصري (بروفايل)
عُرف بنزاهته وإخلاصه لمصالح وطنه مصر وبمقاومته للنفوذ الأجنبي والاستعمار البريطاني، وكان دائما محط آمال التطلعات والتوجهات الوطنية المصرية كرئيس وزراء وطني معروف بوطنيته التي تعلو فوق الشبهات.
محمد
شريف باشا، الملقب بأبو الدستور المصري، مؤسس النظام الدستوري المصري وواضع دستوري
1879و1882 تولى رئاسة الوزراء في مصر أربعة مرات، كان محبوب، فعند وفاته خرج عدد
كبير من محبيه لتشييع جثمانه، مصري ولكن أصله تركي، وهو جد الملكة نازلي، زوجة
الملك فؤاد، وأم الملك فاروق.
روايات
حول نشأته
ولد
محمد شريف باشا في 28 نوفمبر 1826 بإسطنبول وفي رواية أخرى بالقاهرة، كان والده
أحمد شريف باشا تركي الأصل، الذي أصبح شيخاً للإسلام بالآستانة في عهد السلطان
محمود، وقد عمل قاضي قضاة في مصر إبان حكم محمد علي، وبعد انتهاء عمله في مصر عادت
أسرته إلى إسطنبول، وعُين والده قاضياً للحجاز، فمر بمصر ومكث فيها بعض الوقت في
طريقه إلى مقر عمله الجديد، فأعجب محمد علي بنجله، وأقنعه بتركه تحت رعايته.
وفي
رواية أخرى أن محمد شريف جاء لمصر للدراسة في الأزهر ونزل برواق الأتراك، وعندما
سافر محمد علي للآستانة تقابل مع شيخ الإسلام فيها "أحمد شريف" فأوصاه
بابنه، فلما عاد محمد علي لمصر أرسل في طلب محمد شريف من الأزهر، وأشرف على
تعليمه.
فالتحق
بالمدرسة الابتدائية الخاصة بالأمراء (مدرسة الخانكة) وهي المدرسة الحربية التي
أنشئت عام 1826 بأمر من محمد علي وكان من تلاميذها بعض أنجاله، وأحفاده، ولذلك
توطدت علاقته بهم.
حياته
السياسية
أرسله
محمد علي في مهمات إلى الآستانة، وإلى أوروبا، وكان ممثلاً لمصر بصفة غير رسمية في
مؤتمر لندن عام 1840، لبحث مصير مصر وعلاقتها بالدولة العثمانية.
تفرزت
علاقة شريف بالأمراء عندما اختير لمرافقتهم بالبعثة الدراسية إلى باريس عام 1844،
وكان من أفراد هذه البعثة من أنجال محمد علي الأميران حسين وعبد الحليم، ومن
أحفاده إسماعيل (الخديوي مستقبلاً) وأحمد رفعت، وعلي مبارك وغيره.
بعد
أن مكث فترة قصيرة بمدرسة باريس، انتقل إلى سانت سير saint cyr (مدرسة أركان الحرب الفرنسية)، ثم انتقل
فيها للتدريب بمدرسة تطبيق العلوم الحربية، حيث قضى عامين فيها والتحق بالجيش
الفرنسي أثناء التدريب بمقتضى اللوائح العسكرية، وحصل على رتبة النقيب بإحدى الفرق
الفرنسية.
بعد
خمس سنوات قضاها في فرنسا أمر عباس الأول بعودة البعثة من فرنسا، فعاد شريف إلى
مصر عام 1849، ليعين ياوراناً لسليمان باشا الفرنساوي (الكولونيل سيف)، ومكث معه
ثلاث سنوات.
وفي
عهد عباس لم يلق شريف اهتماما فلما تولى سعيد اهتم بشريف وأعاده ورقاه إلى رتبة
أميرالاى الحرس الخصوصى، ثم إلى رتبة (باشا)، وبعد عام تزوج شريف من ابنة سليمان
الفرنساوي، ثم عهد إليه سعيد بالمناصب السياسية، فجعله وزيرا للخارجية عام ١٨٥٧
فلما توفى سعيد عام ١٨٦٣ ظل شريف وزيراً للخارجية، واهتم به الخديو إسماعيل (زميل
البعثة القديم)، وعهد إليه بوزارتي الداخلية والخارجية.
ولما
أسس إسماعيل مجلس شورى النواب عام ١٨٦٦ كان شريف وزيرا للداخلية، وكان قد لعب
دوراً في تأسيس هذا المجلس، وفي ١٨٦٨ عهد إليه الخديو برئاسة المجلس الخصوصي (مجلس
الوزراء).
استقال
بعد خلع إسماعيل وعهد إليه الخديو توفيق بتأليف وزارة إلى أن دبت الخلافات بينهما،
تولى شريف رئاسة الوزارة أربع مرات، وبدأ رحلته مع الدستور مع رئاسته الوزارة
الدستورية الأولى في ١٨٧٩، وفي ١٨٨١ أعد اللائحة الأساسية للحياة النيابية ولائحة
الانتخاب،
أهم
أعماله
أدخل
الكتاتيب في الهيكل التعليمي للوزارة، وجعل معرفة القراءة والكتابة شرطاً أساسيا
لتعيين أعضاء مجلس شورى النواب مما شجع على نشر التعليم وشكل "مجلس
المعارف" لإعداد المشورة في أمور التعليم ووضع له لائحة خاصة، وأنشئ في عهده
مدرسة المهندسخانة (الهندسة) 1866، والمدرسة التجهيزية بالقاهرة (المدرسة
الخديوية) عام 1868، ومدرسة الحقوق في العام نفسه.
صدرت
في عهده عام 1881 القوانين العسكرية التي تهدف إلى تحسين حال الضباط والجنود
وكفالة حقوقهم في الترقيات والمرتبات والمعاش، كما نظم التعليم في المدارس
الحربية.افتتاح المحاكم الأهلية عام 1883، ويعتبر مؤسس مجلس النواب المصري والنظام
الدستوري النيابي الحديث.
وفاته
توفي
محمد شريف باشا في النمسا في 20 إبريل من العام 1887، وشيع من قبل الألوف من محبيه
في كل من القاهرة بالإسكندرية وغيرها من
المدن المصرية.