"تحليل" ماذا ينتظر الاقتصاد التركي بعد إقرار التعديلات الدستورية

الاقتصاد

بوابة الفجر

نجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأحد، في توسيع صلاحياته بعد تصويت أكثر من 50% من المواطنين الأتراك "بنعم" علي التعديلات الدستورية الجديدة التي من المقرر أن تحول "تركيا" إلى نظام رئاسي شبه كامل بعد عقود من الزمن حقق خلالها النظام البرلماني نهضة اقتصادية وسياسية واسعة.


أكد أردوغان  ثقته بأن تعديل 18 مادة من مواد الدستور كفيل بإعادة النشاط للاقتصاد التركي الذي تراجع من مستويات نمو بـ 4% في عام 2015 إلى 2.9 % في 2016 عقب محاولة الانقلاب الفاشلة من الجيش، والتي شهدت بعدها البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي عصفت بمعدلات النمو الاقتصادى.


 ووعد أنصاره بأن اقتصادها سيحقق المعجزات بمجرد خروج نتيجة الأستفتاء "بنعم"، كوعدهم  لهم من قبل بتنفيذ حلمهم الذي طال الانتظار لمدة 54 عامًا بأن تركيا ستكون ضمن دول الاتحاد الأوروبي؛ لتسهيل عملية التبادل التجاري مع دول الاتحاد، إلا أنه أدرك أن هذا الحلم صعب المنال وخاصة بعد توتر الأوضاع السياسية مع بعض دول الاتحاد الأوربي (هولند وألمانيا)، ليؤكد أنه بعد نتيجة الاستفتاء سيطلب قراًر واضحًا من الاتحاد الأوربي بخصوص موقف تركيا ملمحًا إلى أن تركيا ليست في حاجة إلى الانضمام للأتحاد  الآن.


ولكن السؤال الأبرز يبقى ، هل لجوء أردوغان لتلك التعديلات من أجل نهضة اقتصادية حقيقية، وهل بالفعل تنتشل  الاقتصاد التركي الذي بدأ الدخول في مرحلة الانكماش إلى مرحلة النمو والازدهار كما يدعي بعض أنصار حزب العدالة والتنمية(الحزب الحاكم).   

 

 لو كان لجوء أردوغان، لتلك التعديلات من أجل  إعادة الاقتصاد التركي إلى طريق صحيح، فإنه كان بغني عنها، لأن الاقتصاد التركي دخل في مرحلة الهبوط منذ بداية عام  2017 مع ازدياد حدة التوترات السياسية داخل المجتمع التركي وخارجه ليس عن طريق البرلمان ولكن من خلال زج الرئيس بلاده في صرعات  كلفت الاقتصاد الكثير بعد تورطه فى الحرب السورية، ودخول في صراع مع بعض الدول العظمى مثل روسيا والذي أدى إلى تراجع أعداد السياح الروس، و انخفاض حجم التبادل التجاري معها مما جعله يدرك أنه كان مخطئ في هذا الصراع فقام بتحسين صورته في الأيام الماضية، وأعاد كسب ود الرئيس الروسي فلادمير بوتين.


وتشير أحدث التقارير الاقتصادية،  إلى أن الإرهاب وتوتر العلاقات مع روسيا  كلف السياحة التركية خسائر ضخمة بنحو 8.5 مليار دولار وخسرت البلاد نحو 12 مليون سائح أجنبي في عام 2016.


 تبقى الإجابة علي الشق الثاني من السؤال هي الأهم الآن، بعد أن أقرت التعديلات الدستورية، حيث يعد موقف الاقتصاد التركي في تلك المرحلة الانتقالية غير جاذب للاستثمار الأجنبي، في ظل توتر الأجواء السياسية خصوصًا وأن المعارضة لن تفسح المجال أمام الرئيس في تعزيز صلاحياته، بالإضافة إلى أن نتائج الاستفتاء تشير إلى تقارب النسب المؤيدة والمعارضة للإصلاحات الدستورية الجديدة، وليس كما كان يتخيل  أردوغان  أن التعديلات الدستورية سيكون مرحب بها لدى عموم شعبه.


سيتأثر سعر "الليرة" التركية بتلك التعديلات فمن المتوقع أن تواصل هبوطها خلال الأيام القادمة بعد انخفاضها بصورة  قوية منذ بداية تداولات هذا العام بنسبة 7% أمام الدولار الذى اصبح يساوى 3.66 لييرة.


العلاقة بدول الاتحاد الأوربي ستزداد تعقيدًا في المرحلة المقبلة، وذلك بعد تأكيد "أردوغان" بأن نتيجة "نعم" ستكون صدمة للاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تكراره بأنه سيعيد تقييم التعاون الاقتصادى مع دول الأتحاد خاصة هولندا التي كانت رافضة لفكرة الترويج عن هذه التعديلات علي أراضيها، فمن الممكن أن تتراجع صادرات تركيا إلى الاتحاد الأوروبي التي تمثل 4% من إجمالي الصادرات، لتفقد معها امولًا عديدة كانت تدخل في الناتج المحلي الإجمالي.

          

من المتوقع أن، تتجه العديد من وكالات التصنيف الائتمانية إلى تخفيض تصنيفها الائتماني لتركيا، لتمنع معها مزيد من التدفقات في الأموال الأجنبية  في حين أن تركيا في أشد الحاجة إليها بعد تهاوي احتياطها النقدي إلى 29 مليار دولار، وكانت وكالة فيتش خفضت تصنيفها الائتماني إلى ( bb+) مرجعة ذلك إلى احتمالات الزج بالبلاد فى صراعات سياسية مع ارتفاع حدة العنف من قبل النظام الرئاسي مع المعارضة .