سطور من حياة بطل الريف المغربي العظيم الذي واجه فرنسا و اسبانيا

منوعات

عبد الكريم الخطابي
عبد الكريم الخطابي


الأمير عبد الكريم الخطابي مناضل عظيم قاد شعب الريف المغربي ضد المحتل الفرنسي والإسباني لمدة عشرين سنة.

ولد محمد بن عبد الكريم الخطابي في بلدة أغادير بالمغرب سنة (1300هـ= 1882م)، ونشأ في أسرة كريمة محافظة، ثم درس في جامعة القرويين العلوم الشرعية واللغوية، وتولَّى منصب القضاء بمدينة مليلة المحتلة.
كان الأمير الخطابي في التاسعة والثلاثين من عمره حين تولى قيادة منطقة الريف المغربي، وقد حنكته التجارب، فاستكمل ما كان أبوه قد عزم عليه من مواصلة الكفاح، وإخراج الاحتلال الأوربي من المغرب.

وفي تلك الأثناء كان الجنرال الإسباني سلفستر قائد قطاع مليلة يزحف نحو الريف المغربي، وقد حاول عبد الكريم الخطابي أن يُحَذِّرَ سلفستر من عواقب ذلك، لكنَّ الجنرال المغرور لم يعبأ بكلام الخطابي، واستمرَّ في التقدُّم واحتل مدينة أنوال.
بعد ذلك بدأ رجال عبد الكريم الخطابي هجومهم على كل المواقع المحتلة من الإسبان، وحاصروا هذه المواقع حصارًا شديدًا، وفشل الجنرال سلفستر في ردِّ الهجوم، وأصبحت قوَّاته الرئيسيَّة مُهَدَّدة.

وحين حاول سلفستر الانسحاب بقواته اصطدم بالخطابي في (16 من ذي القعدة 1339هــ= 22 من يوليو 1921م) في معركة حاسمة عُرفت بمعركة أنوال، وكانت الهزيمة الساحقة للإسبان.

بعد هزيمة الإسبان حاول الفرنسيون التدخل في القتال ضد الخطابي، ففُوجئ الفرنسيون بالتنظيم الجيد الذي عليه قوَّات الخطابي، فاضطروا إلى التزام موقف الدفاع لأربعة أشهر، وأُصيبت بعض مواقعهم العسكرية بخسائر فادحة.

لم يعد أمام فرنسا وإسبانيا سوى أن يجتمعا على حرب الأمير عبد الكريم الخطابي، فأعدت الدولتان لهذا الأمر عدته بالإمدادات الهائلة لقواتهما في المغرب.

واستطاعت فرنسا أن تغري السلطان المغربي بأن يعلن أن الخطابي أحد الخارجين عليه؛ ففعل السلطان ما أُمر به، كما قامت فرنسا بتحريض بعض قبائل المقاومين على الاستسلام، فنجحت في ذلك.

وكان من نتيجة ذلك أن بدأت الخسائر تتوالى على الأمير عبد الكريم الخطابي في المعارك التي يخوضها، وتمكَّن الإسبان بصعوبة من احتلال أغادير عاصمة الأمير الخطابي، ثم تمكَّنت فرنسا وإسبانيا من الاستيلاء على حصن ترجست مقر الخطابي بعد سقوط أغادير في ذي القعدة 1344هـ= مايو 1926م.

واضطر الأمير عبد الكريم الخطابي إلى الاستسلام؛ وذلك بعد أن شعر بعدم جدوى المقاومة نتيجة الخيانات التي حدثت، كما أن القبائل لم تَعُدْ مستعدَّة لمواصلة القتال، وقد قامت فرنسا بنفي الأمير المجاهد إلى جزيرة بعيدة في المحيط الهندي.

ثم نجح الخطابي في الانتقال إلى مصر كلاجئ سياسي وظلَّ مقيمًا بها، يُتابع نشاط المناضلين من أبناء المغرب المقيمين بالقاهرة، حتى لقي رَبَّه في (غرّة رمضان 1382هـ= 6 من فبراير 1963م) بعد سجلّ حافل بالكفاح والنضال من أجل تحرير المغرب من الاحتلال.