"زلة لسان".. أردوغان يعترف بتدخله السافر في القضاء

عربي ودولي

أردوغان
أردوغان

اعترف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتدخله في عمل جهاز القضاء بشكل علني؛ إذ قال: "من الذي اعتقل الآلاف من العسكريين والشرطيين والموظفين وأودعهم السجن؟ نحن من اعتقلناهم باعتبارنا السلطة التفيذية، ومن ثم أعلن القضاء حكمه في الموضوع".   

وألقى أردوغان كلمة خلال فعالية أقارب شهداء الخامس عشر من يوليو وقدماء المحاربين قال خلالها بعبارات واضحة إنه من أمر باعتقال عشرات الآلاف من المواطنين، الأغلبية الساحقة منهم مدنيون، بتهمة المشاركة في الانقلاب، دون أن ينتظر قرار المحاكم في هذا الصدد.

وقال أردوغان: "من الذي اعتقل الآلاف من العسكريين والشرطيين والموظفين وأودعهم السجن؟ نحن من اعتقلناهم باعتبارنا السلطة التفيذية، ومن ثم أصدر القضاء قراره في الموضوع.. والآن تستمر العملية القانونية. إن القضاء سيقوم بما يجب، ألا ترون ذلك؟"، على حد تعبيره.

يُذكر أن تقارير استخباراتية دولية كذبت الرواية الرسمية للرئيس أردوغان حول محاولة الانقلابو كشفت دوره فيها وتوظيفه لها في إعادة تصميم الحياة المدنية والسياسية وأجهزة الدولة والمؤسسة العسكرية من جانب، ومن جانب آخر أيدت براءة فتح الله غولن وحركة الخدمة منها، كما رصدت منظمات حقوق دولية، إلى جانب تلك التقارير، الخروج على القوانين أثناء عملية الاعتقالات والمحاكمات، إلى جانب انتهاكات فظيعة يتعرض لها المعتقلون في السجون من قبيل التهديد والتعذيب والاغتصاب.

وقال آدم يافوز أرسلان؛ رئيس تحرير صحيفة بوجون التي أغلقها أردوغان في عام 2015 في مقاله الذي تناول فيه تناقضات الانقلاب: "إن محاولة الانقلاب منفذوها مجهولون؛ لكن ضحاياها معلومون وهم مواطنون مدنيون".

وكان زعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو وصف أحداث ليلة 15 يوليو المنصرم بـ”الانقلاب تحت السيطرة”، التصريح الذي جعله هدفًا لسهام الرئيس أردوغان وتسبب في اتهامه بالانقلابي لأول مرة منذ وقوع الانقلاب قبل نحو 10 أشهر.

يشار إلى أدلة الرئيس أردوغان على وقوف حركة الخدمة وراء الانقلاب اقتصرت على عنصرين أساسين وهما: مراسلات ومكالمات الانقلابيين على تطبيق “بايلوك” للمحادثة واعترافات المتهمين. 

كانت وسائل إعلام أردوغان نشرت عديدًا من الوثائق ونسبها إلى جهاز المخابرات حول محتويات المراسلات والمكالمات السرية التي زعم أنها جرت بين الانقلابيين عبر تطبيق “بايلوك”.

ورغم أنه كان مجرد تطبيق للتواصل، مثل نظيراته من عشرات التطبيقات للمحادثات “واتس آب” و”فيبر” و”لاين” و”وي تشات” و”سكايب” و”إيمو” و”بي بي إم” وغيرها.. وأن المخابرات سبق أن أعلنت بشكل رسمي “أن الوثائق والتقارير الاستخباراتية التي نقدمها لمؤسسات الدولة الأخرى، والتي نعدها بعد تقييم وتفسير الوثائق والمعلومات التي تأتي إلى جهازنا من مصادر مختلفة، لا يمكن استخدامها كأدلة قانونية”، إلا أن هذا التطبيق كان أحد الدليلين الرئيسيين اللذين اعتمد عليهما أردوغان في اتهامه لحركة الخدمة بتدبير المحاولة الانقلابية.

ومع أن أردوغان زعم أن تطبيق بايلوك كان “الوسيلة السرية لتواصل الانقلابيين”، و”لا يستخدمه إلا المنتمون إلى حركة الخدمة”، و”لا يمكن تحميله إلا من خلال واصلة أو بولوتوث”، وكل عمليات الاعتقال والفصل تجري بتهمة استخدام هذا التطبيق وإن لم تكن مشاركة فعلية في محاولة الانقلاب، إلا أن صحيفة “حريت” التركية نشرت في شهر أكتوبر الماضي حوارا في افتتاحيتها أجرته مع ديفيد كينز؛ صاحب برنامج وتطبيق بايلوك، حيث أكد أن التطبيق توقف تداوله وطرحه في كل من Google Play وAppstore منذ شهر يناير  من عام 2016، أي قبل ستة أشهر من وقوع الانقلاب الفاشل، وأن التطبيق نزله حوالي 600 ألف شخص، وهو مفتوح للجميع، وليس مقتصرا على المنتمين إلى حركة الخدمة، كما زعم أردوغان.

ولما جاء يوم 17 من شهر يناير المنصرم نشرت معظم الصحف التركية تقريرا أعدته المخابرات التركية يتناقض مع أطروحات أردوغان حول تطبيق بايلوك. 

ومع أن التقرير أعد أصلا من أجل الدعاية السوداء ضد الخدمة، وتقديم أدلة جديدة تساند نظرية وقوفها وراء الانقلاب الفاشل، إلا أن “قراءة ما بين السطور” تكشف أن المخابرات التركية تعترف بشكل صارخ بأن التطبيق يمكن أن يحمله أي شخص من Google Play المفتوح للجميع، بمعنى أنها نفت مزاعمها السابقة التي ادعت فيها أنه لا يمكن تحميله إلا من خلال واصلة أو بولوتوث، وأنه خاص بأفراد حركة الخدمة.

كما أقرت بأن هذا التطبيق قد بدأ عرضه على المستخدمين عبر Google Play منذ بداية عام 2014 حتى مطلع عام 2016، أي انتهى عرضه قبل 6 أشهر من الانقلاب الفاشل، التقرير الذي أيد تصريحات صاحب التطبيق وأسقط مزاعم أردوغان.

أما الدليل الثاني يستند إليه أردوغان ويتهم حركة الخدمة بتدبير الانقلاب فهو اعترافات العسكريين المتهمين؛ إذ كانت صور ومقاطع فيديو تعود لهم نشرت على الشاشات التلفزيونية بعد إفشال الانقلاب وإلقاء القبض عليهم، وكان إعلام “السلطة” نقل عن أفواههم اعترافاتهم بجريمتهم وانتسابهم إلى حركة الخدمة! لكن كانت تبدو على وجوههم وأجسامهم علامات التعذيب، ما كشف أن هذه الاعترافات انتزعت منهم تحت الضغوط والتهديد والتعذيب. 

وأعلن العسكريون المتهمون في أول مثول لهم أمام المحكمة في شهر مارس الماضي انتسابهم إلى “التيار القومي الأتاتوركي” وأنهم لاعلاقة لهم مع حركة الخدمة، مؤكدين أن رئيس الأركان خلوصي أكار كان رأس المجلس العسكري الانقلابي، وأنهم لم يفعلوا شيئًا سوى تنفيذ الأوامر الصادرة من رئاسة هيئة الأركان العامة.