منال لاشين تكتب: الملفات الساخنة فى قمة واشنطن.. تعديل اتفاقية كامب ديفيد وتجديد الخطاب الدينى
■ عودة التعاون المخابراتي.. وزيادة المعونة لمواجهة الإرهاب فى سيناء
■ السيسى يسعى لتوحيد الموقف العربى فى القضية الفلسطينية.. والحكومة تطرح 36 مشروعا على مديرى الشركات الأمريكية
فندق فورسيزونز جورجتاون ليس الفندق الراقى الوحيد القريب من البيت الأبيض، ولا يعد فندقا تاريخيا فقد افتتح عام 1979، ولكنه فندق جاذب للرؤساء داخل أمريكا وخارجها.
فقد اختاره الرئيس السابق أوباما للاحتفال بعيد زواجه أكثر من مرة، حيث كان يختار مطعماً راقياً فى فندق فورسيزونز جورجتاون، وفندق الفورسيزونز يبعد نحو 2.1 كيلو متر عن البيت الابيض، ويضم 220 غرفة وجناحاً، وهو الفندق المفضل للملك سلمان، وهو اختاره للإقامة فيه خلال زيارته لواشنطن للقاء الرئيس السابق أوباما، وخلال هذه الزيارة التى تمت عام 2015 تم حجز جميع غرف الفندق للملك ومرافقيه، وأضافت إدارة الفندق الكثير من الأثاث المذهب والسجاد الأخضر بناء على طلب سعودى.
الفورسيزونز هو أيضا الفندق المفضل للرؤساء المصريين فى زيارات الربيع.
ربما لم تتغير إقامة السيسى خلال زيارته الأولى لواشنطن، ولكن المؤكد أن ثمة تغيرات كبرى فى كل من القاهرة وواشنطن وفى الاتحادية والبيت الأبيض تجعل هذه الزيارة ذات أهمية وطابع خاص جدا، وحاسم فى علاقات البلدين والمنطقة العربية كلها.
اللقاء بين السيسى وترامب لن يكون اللقاء الأول على المستوى الشخصى، فقد سبق والتقيا حين كان ترامب مجرد مرشح مثير للجدل، ولقد كان اللقاء إيجابيا. بحسب ترامب ثمة كيمياء شعر بها خلال لقائه مع الرئيس السيسى، وذلك أثناء تواجد الرئيس فى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولكن الكيمياء وحدها لا تكفى لإقامة علاقات استراتيجة على أسس جديدة، وخاصة أن الرئيس الأمريكى لا يملك صلاحيات مطلقة. ففى أمريكا الكونجرس واللوبى وأصحاب النفوذ الاقتصادى والإعلام ومراكز الأبحاث التى تقدم استشاراتها وآرائها كبيوت خبرة للجميع البيت الأبيض.. الكونجرس.. الإعلام.
وزيارة الرئيس السيسى سوف تشمل كل هذه المراكز المؤثرة فى صنع القرار الأمريكى.
1- عمان - واشنطن
على الرغم من أن الطريق الجوى من القاهرة لواشنطن لا يمر بالعاصمة الأردنية عمان، إلا أن القمة العربية بعمان تجعل محطة الأردن محطة مهمة للرئيس السيسى قبل الوصول للبيت الأبيض.
تسعى مصر إلى توحيد الموقف العربى خلال قمة عمان تجاه عدة قضايا وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فنحن أمام قمة حاسمة لأن توحيد الموقف العربى وإنهاء التوترات بين الدول العربية خاصة الدول الإقليمية منها لا يحتمل التأجيل، ولا يجب أن يقف عند عبارات إنشائية على طريقة «اللى فى القلب فى القلب» فنحن أمام فرصة قد لا يمكن تعويضها لإنقاذ القضية الفلسطينية وحلم الوطن الفلسطينى من الضياع النهائى.
ولعل ذلك يفسر الجهود المصرية المعلنة والسرية قبيل القمة، ولعل هذا يبرر لقاءات قمة بين الرئيس السيسى مع العاهل الأردنى الملك عبد الله والرئيس الفلسطينى محمود عباس وأخيرا ملك البحرين حمد بن عيسى. ثمة وساطات خليجية قد تسفر عن لقاء بين الرئيس السيسى والعاهل السعودى الملك سلمان لإنهاء التوتر الذى ساد العلاقات منذ فترة، وثمة رسائل وإجراءات ايجابية من جانب الرياض.. عودة شحنات البترول، وفد من المستثمرين السعوديين يزور القاهرة الآن.
ولكن القضية تتعدى العلاقات بين مصر والسعودية أو حتى العلاقات الثنائية بين الدول العربية. ما يسعى إليه الرئيس السيسى هو توحيد موقف العرب خلال قمة عمان تجاه القضية الفلسطينية، وأن يستعرض هذا الموقف خلال مباحثاته مع ترامب والإدارة الأمريكية.
موقف عربى مؤيد لحل الدولتين ورافض تمام الرفض لأى طرح آخر، وبالمثل موقف عربى موحد تجاه نقل السفارة الأمريكية للقدس.
وبحسب الصحافة الأمريكية فإن ترامب بدأ فى التراجع عن رفض حل الدولتين أو نقل السفارة الأمريكية للقدس، ولكن الرئيس السيسى يريد أن يتوحد العرب جميعا فى هذه القضية لإنقاذ فلسطين من الضياع النهائى.
بحسب الإعلام الأمريكى وبعض تقارير مراكز الأبحاث فإن تغير موقف الرئيس ترامب يرجع إلى جهود مصرية وعربية، وإلى تحذير لترامب من أن هذه التوجهات قد تثير أزمات حادة فى الوطن العربى تجاه أمريكا.
2- خيارات المُلِح والمهم
على الرغم من أهمية الملف العربى فى مباحثات الرئيسين السيسى وترامب.. وعلى الرغم من أهمية فلسطين أو سوريا فى هذه المباحثات، فإن مكافحة الإرهاب تعد كلمة السر فى الزيارة أو بالأحرى فى التغير الحاد الذى حدث فى البيت الأبيض تجاه مصر ورئيسها ونظامها، فبالنسبة لترامب وحتى بعد زيارة ولى ولى عهد السعودية للبيت الأبيض، فإن مكافحة الإرهاب هى القضية العاجلة أو الملحة لواشنطن فى المنطقة، وقد عبر عن هذا التوجه روبرت سسانلوف المدير التنفيذى لمعهد واشنطن فى مقال نشر له بجريدة «نيوريوك ديلى نيوز» يؤمن روبرت بأن الاختيارات بالنسبة لترامب تقع ما بين «المُلِح» وهو تهديد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» و«المهم» وهى المشكلة المتعلقة بطموح إيران فى المنطقة، وقد أبدى ترامب تغيرا فى التعامل مع إيران، وتعهد بتفكيك النظام النووى الإيرانى، ولكن يبدو ان المُلِح سيكون له الأولوية بالنسبة لترامب وإدارته، وأن الحرب على الإرهاب هى القضية ذات الأولوية الآن فى البيت الأبيض.
هذه النظرة ستحدد أو بالأحرى حددت علاقة البيت الابيض بالملفات الأولى بالرعاية والشخصيات التى يمكن الاعتماد عليها فى المرحلة القادمة، وهذا التغير لم يحدث فقط على مستوى إدارة ترامب، ولكنه الآن يجد أنصارا حتى على الضفة الأخرى.
فجريدة النيوريوك تايمز لا تؤيد ترامب، ولها مواقفها المعادية والشهيرة ضد «مصر 30 يونيو»، ولكن رغم هذا وذاك اضطرت الجريدة للاعتراف مؤخرا بأن ترامب على صواب باختيار مصر والرئيس السيسى كشريك أساسى فى الحرب على الإرهاب، وبحسب موقع أمريكى آخر فإن كل الإشارات تؤكد أن ترامب منحاز لمصر فيما يتعلق برسم سياساته فى منطقة الشرق الأوسط، وأنه لم يعتمد على دول أخرى بالمنطقة تدعم الكيانات الإرهابية، لم يقاطع ترامب هذه الدول وسيتعامل معها ولكن الدولة الأهم فى المنطقة هى مصر.
من هنا فإن فتح ملف تعديل اتفاقية كامب ديفيد أو بالأحرى الملاحق الأمنية قد يكون مناسبا فى إطار السياسة أو التوجه الجديد للبيت الأبيض، لأن مصر ترغب فى تأمين كامل لسيناء بكل مناطقها للقضاء نهائيا على الإرهاب.
وفى هذا الإطار فإن ثمة توتر بين القاهرة وتل أبيب، حيث زعمت الأخيرة أن مصر تنتهك الاتفاقية الأمنية بشكل متكرر فى حربها على الإرهاب، وربما يكون الحل هو طرح تعديل اتفاقية كامب ديفيد على مستويات رسمية وبحثية خلال الزيارة.
3- ملف سيناء
فى قلب ملف مكافحة الإرهاب تأتى سيناء باعتبارها ارض المعركة ضد الإرهاب ومكان تمركز الإرهابيين والمتشددين، ويتوقع أن تشهد المباحثات الرئاسية مباحثات مطولة حول سيناء وأن تسفر هذه المباحثات عن زيادة الدعم المعلوماتى والتعاون المخابراتى بين مصر وأمريكا، وذلك لمساندة مصر فى حربها ضد الإرهاب، وكان هذا التعاون المعلوماتى قد أصيب بحالة من التباطؤ فى ظل إدارة الرئيس الأمريكى السابق أوباما أو بالأحرى توجهاته، وقد ظهر هذا الفتور واضحا خلال كارثة سقوط الطائرة الروسية.
ومن المتوقع أن تسفر المباحثات عن زيادة نسبة الأموال الموجه لسيناء من المعونة الأمريكية، وكان ملف محاربة الإرهاب فى سيناء قد خصص له 100 مليون دولار من قبل.
ومن المتوقع أيضا أن يشهد ملف التعاون العسكرى تطورا إيجابيا ينهى حالة التجميد والتوتر الذى سيطرت على هذا الملف فى عهد أوباما.
وفى إطار الحرب على الإرهاب أو التوجه المُلِح لترامب فإن قضية تجديد الخطاب الدينى لها أولوية خاصة فى الزيارة، فالدعوة التى أطلقها الرئيس السيسى لتجديد الخطاب الدينى للقضاء على جذور الإرهاب ومصادره وجدت أصداء إيجابية فى أمريكا، وهناك تساؤلات رسمية وبحثية عن دور الأزهر فى هذا الملف، وعن وسائل تجديد الخطاب الدينى وإمكانية تقديم كل دعم ممكن لهذه الدعوة أو بالأحرى لضمان تجديد الخطاب الدينى.
4- الملف الاقتصادي
بجانب سيناء والإرهاب وفلسطين فإن الزيارة تشمل جانبا اقتصاديا مهماً، فهذه الزيارة تهدف إلى زيادة الاستثمارات الأمريكية فى مصر، وسوف تعرض الحكومة المصرية خلال لقاءين مع عدد من كبار المديرين التنفيذيين لكبريات الشركات الأمريكية، وبالمثل لقاء مع الغرفة الأمريكية المصرية، وخلال لقاء الغرفة سيتم استعراض الإصلاحات فى الاقتصاد المصرى مثل تعويم الجنيه وتسهيل الإجراءات وتطوير البنية التحتية من طرق ومطارات وتسهيل الإجراءات التشريعية للاستثمار.
أما اجتماع المديرين التنفيذيين فسيشهد طرح عدد من المشروعات (36 مشروعا)، وتضم هذه المشروعات النقل والبترول والكهرباء والاتصالات والصناعات الغذائية.