طفلة بلا يدين.. "جنة" ولدت فاقدة ذراعيها ويراودها حلم الطب.. وتؤكد: نظرات الناس بتقتلني

تقارير وحوارات

الطفلة جنة
الطفلة جنة

"نفسي أكون دكتورة، بس مش عايزة أروح المدرسة"..كلمات نطقت بها "جنة" فتاة التسع سنوات، بصوت تملأه الحسرة، ودموع محبوسة بعينيها مليئة بتساؤلات تأبى النطق بها خوفاً من أن يستعطفها أحد، بهذه الحالة قابلتنا الطفلة صاحبة الوجه الملائكي، والابتسامة التي تحمل بداخلها معاني كثيرة من البراءة والجمال.




جنة أحمد، طفلة يتيمة الأب تبلغ من العمر تسع سنوات، لعب القدر أن  تولد بعيب خلقي بسببه فقدت ذراعيها، وأصبحت بدون يدين، لتتحول حياة الطفلة البريئة التي كانت تمتلك قدراً كبيراً من الحيوية والنشاط، لطفلة منطوية ترفض التعايش مع المجتمع الذي أصبح سر عذابها، وفضلت الاختباء من عيونه، بعدما وصلت في مرحلة الإدراك بالمرحلة الثانية من طفولتها.




تروي والدة "جنة" معاناة ابنتها التي بدأت منذ ولادتها، فتقول في حديثها لـ"الفجر": "جنة بنتي عمرها حالياً 9 سنوات، ومنذ ولادتها وحتى اليوم وهي تعاني، في المرحلة الأولى من طفولتها كان الأمر شبه عادياً، ولكن مع الوقت تغير الأمر وأصبحت إعاقتها مصدر ألم كبير لها أوقف حياتها".





عندما وصلت جنة للمرحلة الثانية - حسب كلام والدتها-  بدأت أن تدرك العالم من حولها فبدأت بالاختباء من نظرات المجتمع المليئة بالشفقة والتساؤلات المؤلمة لها، فتركت تعليمها الذي كانت تحقق فيه أعلى المراتب، وفضلت الجلوس بالمنزل، وعلى مدار العامين السابقين لم تخرج "جنة" من المنزل إلا لقضاء متطلبات المنزل، وبالرغم من محاولات مدرسينها لإرجاعها عن قراراها كانت تأبى سماعهم وتظل تردد جملة واحدة وهي: "أنا الناس بتبص عليا وكل أصحابي بيعرفوا يكتبوا وأنا لأ".





بدأت رحلة علاج "جنة" بعد عامين ونصف من ولادتها، فتقول والدتها: "أول عملية خضعت ليها جنة كانت في إسكندرية عمرها كان سنتين ونص، ووقتها المستشفى عالجتها غلط، فاتحجزت في العناية المركزة بالمستشفى 6 شهور، وبعدها عملت أربع عمليات تطويل في إيديها في مستشفى الدمرداش في خلال 3 سنين، ولكن بدون أي نتيجة، وحينها قررنا التوقف عن رحلة العلاج لعدم وجود فائدة في البداية، وعندما تدهورت نفسية ابنتي حاولنا اجراء عملية تركيب ذراعين ولكن العين بصيرة والايد قصيرة".




"جنة مجتهدة وشاطرة جداً..وبتعمل حاجات محدش يقدر عليها"..هكذا وصفت والدة جنة بنتها، واستندت على الكثير من الاجتهادات التي فعلتها جنة لتتميّز بها، فأشارت إلى أن فتاتها قادرة على فعل أي شئ بقدميها فتقول: "جنة بتعرف تغسل المواعين وتروق الشقة برجلها، وكمان بتجبلي طلبات البيت، وكانت بتذاكر لمدرستها قبل قرار أنها تسبها وكانت مجتهدة وشاطرة وكل المدرسين بيحبوها، كانت بتكتب برجلها كمان، مكنتش فيه أي حاجة بتقف قدمها حتى اللعب، بس لوحدها أول ما بقت في سنة ثالثة ابتدائي انعزلت تماماً عن المجتمع".

وبكلمات قليلة تحدث جنة لـ"الفجر" عن أمنياتها فقالت: أنا نفسي أكون دكتورة، علشان أقدر أعالج الناس، بس أنا مش عاوزة أروح المدرسة لإن الناس بتبص على إيدي وده بيضايقني".




لم تكن جنة الحالة الوحيدة التي تعاني في أسرتها المكونة من "أم، زوج أم، وشقيقين" فأسرتها عدا زوج والدتها جميعهم مرضى بمرض ضمور الأطراف ولكن حالة جنة أصعبهم حيث أنها لا تمتلك ذراعين، لكنهما كل أفراد العائلة مرضهم يتمثل في ضمور بكفين اليد.

وقبل نهاية لقائنا مع الأسرة المنكوبة تقول الأم موجهة حديثها لرئيس الجمهورية والمسئولين: "نفسي في ذراعين يتركبوا لبنتي علشان تقدر تعيش حياتها، وتحقق حلمها، نفسي أطمن عليها علشان أرتاح وأريحها من التعب اللي بتواجه في كل ثانية في عمرها".