الرسالة الثانية لوزير التعليم.. مافيا المدارس الخاصة.. "خربوها"
■ تسمم طلاب سوهاج يحل لغز الوجبات المدرسية
■ الكتب الدراسية "VS" سلاح التلميذ.. مين يكسب؟
العدد الماضى نشرت رسالة للسيد وزير التربية والتعليم الجديد، الذى توسمت فيه خيرًا، لأنه يفكر خارج الصندوق، على عكس سابقيه، فالرجل معترف بمصائب التعليم، التى تسببت فى كوارث، دفع ولا يزال يدفع ثمنها الشعب الغلبان، الذى لا حول له ولا قوة سوى الدعاء لله عز وجل.
تعليم مصر أخرج العباقرة الذين علموا شعوب الدول العربية والإفريقية، كان المدرس المصرى له حصة سفر ثابتة فى الدول العربية؛ يعلم أبناءها ويظل فى إعارة لمدة أربع سنوات كجندى مقاتل، الآن لا يعترفون بالمعلم المصرى، الذى تخرج فى مدارس وجامعات مصر، التى لا توجد الآن حتى فى ذيل قائمة جامعات العالم وخرجت من التصنيف؛ بسبب التجريف وفساد ضمائر وعقول موظفى -وأكرر موظفي- وزارة التربية والتعليم.
ساهم موظفو التربية والتعليم فى خراب المدارس بالمداراة على المدرسين الذين يعطون دروسًا خصوصية، وآخرين لا يشرحون ويضطهدون التلاميذ، بالإضافة إلى العديد من المناهج التعليمية الضعيفة والأبنية التعليمية غير السليمة ووجبات المدارس الفاسدة، وأظن أثناء وجود العدد الماضى بالسوق تعرض أكثر من 2600 طالب للتسمم بمحافظة سوهاج، بعد تناولهم وجبة مدرسية فاسدة، ولم نسمع بعدها خبرا واحدا عن المسئول، عادى.. أصبح مثل هذا النوع من الأخبار اعتياديا سيدى الوزير.
لو أمسكت الكتب المدرسية، وهذه البداية، ستلاحظ أن الكتاب يا سيدى الوزير بمجرد تصفحك له ستنفرط صفحاته فى يديك؛ لأن الصمغ المجمعة به تلك الصفحات سيئ للغاية وقد يكون أردأ أنواع الصمغ فى العالم، أما الطباعة التى من المفروض أنها ألوان فأتحداك يا معالى الوزير لو فتحت كتاب عربى أو دراسات ابتدائى ووجدت اللون مطبوعاً على الصورة، مفيش حاجة من دى، يعنى مثلاً كتاب دراسات الصف الرابع الابتدائى -لو عندك وقت- ستجده مفككًا من أول لمسة، وبه خرائط استرشادية عن مصر.
المفروض إن الطلاب أول مرة يدرسون خريطة بالعربية، ستجد فى الكتاب سؤال: انظر للخريطة واللون واكتب كل لون يعبر عن ماذا؟، يعنى الهضاب لها لون والجبال لها لون والسهول لها لون، هكذا يعلمون الأولاد مفتاح الخريطة وكل لون يعبر عن ماذا، أضمن لك يا سيدى أنك لن تجد اللون مطبوعًا على الخريطة، يقوم المدرس يستعين بسلاح التلميذ الذى يكون مطبوعاً ومعروضاً بالمكتبات من قبل بداية العام الدراسى؛ لأن لهم عيونا تعرف الملغى من الجديد فى المقرر.. واقلب.
قل لى يا معالى الوزير، أين اللجان التى تستلم الكتب من المطابع التى تأخذ ملايين الملايين من أموال الوزارة التى تجمعها من دم وقوت قلبنا، كيف كتبت اللجان فى تقاريرها أن كله تمام والكتب طباعتها جيدة والورق والألوان سليمة، راحوا فين رؤساء هذه اللجان والمديرين طوال الـ20 سنة الماضية وحتى اليوم، هل مبدأ يا بخت من نفع واستنفع جعل التلاميذ سلعة تتحرق والمهم «الأوبيج»؟
أعلم أن وزير التعليم الأسبق حسين كامل بهاء الدين -الذى هو الآن فى ذمة الله- كان يوزع على مطابع المؤسسات الصحفية القومية حصص طباعة الكتب المدرسية، كل حسب قوته فى السوق فى توزيع مجلاته ومطبوعاته، حتى يضمن ولاء تلك المطبوعات وعدم نقد وزارة التربية والتعليم أو الاقتراب منها بأى وسيلة، وتكون ملايين المطبوعات للكتب المدرسية التى توزع على مؤسسات الصحف القومية هى الجزرة، فإذا تجرأ صحفى داخل أى مطبوعة صحفية على نشر أى نقد سلبى للتعليم تظهر العصا، وهى حرمان المؤسسة الصحفية من حصة طباعة الكتب العام الذى يليه أو تأخير شيك المستحقات، وكانت هذه سُنة وضع أسسها حسين كامل بهاء الدين واتبعها كل وزير للتعليم بعد ذلك.
أما الآن يا سيدى، فأصبح من المستحيل السيطرة على وسائل النشر، عندك فيس بوك وتويتر ومواقع إلكترونية بعدد شعر الرأس، وأصبح الحديث عن الصحف الورقية حديث قديم، وأصبحت كل أم لديها مشكلة مع أى مدرسة موجودة على مواقع التواصل الاجتماعى وبرامج التوك شو، إذن يا سيدى ما الداعى بالبلدى للطرمخة على ضمائر بعض موظفيك الذين يتسلمون الكتب المطبوعة من المؤسسات الصحفية متهالكة وغير جيدة لمجرد إرضائهم، يا سيدى أكرر لك.. لديك «جحر الثعابين» ومافيا داخل الوزارة، وإذا أعطوك يا سيدى كتبا جيدة للتصوير الإعلامى تعالى أعطيك كتب جميع المراحل التعليمية الموجودة فى أيدى تلاميذ مصر من مطروح لأسوان.
يا وزير التعليم الجديد أعلم أنك تحدد من الآن كتب وميزانية مطبوعات العام الدراسى الجديد، أعانك الله، أما يا سيدى المناهج وما بداخل المناهج فأعتقد أن مصر دولة عربية ولدينا تراث ينبغى علينا الحفاظ عليه وتجديد اللغة العربية، داخل كليات اللغة العربية ودار العلوم وتربية عربى وآداب عربى وكلية بنات قسم عربى، فهل أجيال العشرين عاما الأخيرة التى تخرجت فى المدارس الحكومية الالزامية والخاصة تجيد اللغة العربية؟.. لن أحملك مسئولية فساد ما مضى ولكن يا معالى الوزير عليك أن تعلم أن هناك ملفات يجب فتحها والتصدى لها وأخذ قرارات حاسمة من أجل أولادنا ومستقبلهم، والذين يدفعون الثمن هم اولياء الامور واولادهم.
فى البداية يجب أن تعرف أن المدارس الخاصة تأخذ مناهج اللغة العربية مثل المدارس الحكومية، ومن المفترض أن الحكومية لها من «13 حتى 18» حصة أسبوعيا، ما بين قراءة وتعبير وخط ونحو وخلافه، ما يحدث حقيقة يا سيدى الوزير هو أن أغلب المدارس الخاصة توقع للإدارات التعليمية التابعة لها على أنه يتم فعلا أخذ كل هذه النسبة من الحصص، بينما لا تتعدى الحصص ثلاثة فقط أسبوعياً، وتكون النتيجة أن نفس المنهج الذى يأخذه طلاب الحكومة يأخذه طلاب المدارس الخاصة لكن مع الفارق، فى البيوت دروس خصوصية لأنهم ملتزمون بالامتحان فيه، تقوم المدرسة ترمى المنهج على أولياء الأمور وافتحوا مدارس داخل بيوتكم.
فتجد مدرس عربى من منطقة شعبية متخرج من تربية عربى أو آداب عربى من دفعات الأعوام الأخيرة يتقمص دور عميد الأدب العربى طه حسين، ويطلب بالمائة جنيه فى الساعة، ولا كشف دكتور القلب.. والله يا سيادة الوزير تخيل الدكتور الذى درس سبع سنوات خلاف الامتياز وأهله صرفوا عليه دم قلبهم، وبعد عامين تجد المدرس من دول راكب سيارة أحدث موديل من دم الأهالى؛ بسبب أن وزارتك مصرة إن المدارس الخاصة تأخذ نفس منهج الحكومى، فيتم التزوير واقلب، تكون النتيجة يا سيدى أن هناك تلاميذ تخرجت «بتفك الخط» بصعوبة، كل ذلك نتيجة عدم تعليم اللغة العربية على أصولها، المهم إن الحشو الذى يطالب به موظفوك ويطبقه شوية مدرسين موجهين موجود.. «اللهم أجرنا منهم».
الحل يا سيدى فى منهج لغة عربية ودين للمدارس الخاصة خال من الحشو الذى لا داعى له، مع الالتزام بكل قواعد النحو، وإلا بهذه الطريقة سنقضى على البقية الباقية من التعليم، ناهيك عن جيل يتخرج وخرج منه بالفعل أجيال لا تعرف عن دينها شيئا نتيجة التزوير فى إعطاء المناهج، المهم العيال تنجح وتعدى «فيستلقفهم» بتوع الجماعات ويغسلوا مخهم باللغة العربية والدين الذى من المفترض أن يتأسسوا عليه بحق ربنا فى المدارس، لكن المدرس كل اللى يهمه فى الآخر هو كام رأس هتأخذ عنده درس واقلب، ويتحرقوا بعد كدا.
أما يا سيدى المدارس التابعة للسفارات والقنصليات فيجب أن تعلم أن تلك المدارس التى من المفترض أنها تقبل أبناء جالياتها فى مصر فهذا أمر لا يحدث، هى لا تقبل حتى حاملى جنسيات بلادها على أرض مصر، وتفتح أبوابها لمن يدفع بالـ200 ألف جنيه، وأظنك تعلم أن المدارس التابعة للسفارات بمصر منذ الأزل تتبع مناهج تعليم دولها ولا تتبع إدارة وزارة تعليم مصر، وبالتالى لا تأخذ مناهج اللغة العربية والدين والجغرافيا والتاريخ بتاع بلدنا، وبعض المدارس تجعل أولياء الأمور يوقعون على تعهد أنهم لن يعطوا شيئا من ذلك داخل مدارسهم، مثل المدارس التابعة لسفارة فرنسا.
ورغم ذلك يا سيدى تجد هؤلاء التلاميذ الذين من المفترض غير مقيدين بملفات وزارة تعليم مصر، لأنهم بتلك المدارس -سبحان الله-، يتم امتحانهم ونجاحهم فى ورق الحكومة فى تلك المواد.. طب إزاي؟، ببساطة يتم قيدهم فى مدارس تابعة لوزارة التربية والتعليم، وأيضاً مقيدين بالمدارس التابعة للسفارات والقناصل ويمتحنوا بمباركة موظفيك وينجحوا ويدخلوا جامعات، ولو مش عارف تعالى أوريك بعينك، ونماذج حية تلمسها بيدك، مافيا يا سيدى أضاعت تعليم مصر و«ودته فى ستين داهية»، هل تقدر على فتح ذلك الملف، أظن أن أمامك مدرسة «البيسك» التابعة لسفارة إنجلترا أو المدرسة التابعة لقنصليتها بالإسكندرية، على الورق تم فتحها لأبناء جاليتها، لكن الواقع إيه يا سيدى، إنه بيزنس التعليم الذى خربها.
حتى المدارس غير المرخصة يا سيدى، تجد الأولاد مقيدين فى مدارس أخرى، موظفوك منهم يخرجون أرقام جلوس ويقيدون الأولاد بتلك المدارس وهم فى مدارس غير مرخصة، وأظن نموذج مدرسة انترناشونال أكاديمى الشهير بالإسكندرية خير دليل وتعالى شوف، عيال فى مدرسة ومقيدين على اسم مدرسة أخرى حكومية، وموظفوك يقيدون، وصاحب المدرسة الأخرى له حصة على كل تلميذ يتم قيده عنده، الاسم له والفعل للمدرسة غير المرخصة، فساد التعليم بدأ من استقطاب تلك الطبقات للمدارس التابعة للسفارات، فأرادت فئة تقليد تلك المدارس، لا هى مثل المدارس القومية ولا هى تلك المدارس الأجنبية، فظهرت «السلعوة» وهى المدارس الخاصة التى جرفت التعليم وأضاعته بمباركة بعض موظفيك وأصبح المواطن فى خبر كان.