د. نصار عبدالله يكتب: أهارون شابتاى
كراهيتى لإسرائيل، لا تحول دون إعجابى بما يستحق الإعجاب مما يتاح لى قراءته بين الحين والحين،من الأدب الإسرائيلى مترجما إلى الإنجليزية أو العربية، ومن بين ما أثار ومازال يثير إعجابى إلى حد كبير قصيدة جميلة كتبها منذ سنوات شاعر إسرائيلى اسمه: «أهارون شابتاى»، وقد نشرتها فى حينها جريدة أخبار الأدب المصرية مترجمة إلى العربية، أما سرّ إعجابى بتلك القصيدة فهو لا يرجع فحسب إلى ما تتسم به من مستوى فنى رفيع رغم البساطة الساحرة فى بنائها، ولكنه يرجع كذلك وربما قبل ذلك إلى أن القصيدة تنطوى على سخرية موجعة وتنديد شديد بالروح العدوانية الإسرائيلية الظالمة التى تعتبر انتفاضة الشعب الفلسطينى دفاعا عن حقوقه ومقدساته، تعتبرها نوعا من الحرب العدوانية ضد إسرائيل!!، وهو ما يبرر من وجهة النظر الإسرائيلية كل ما تقوم به إسرائيل من تنكيل وقتل وتدمير !... تقول القصيدة التى ترجمها إلى العربية الأستاذ عاطف عبدالعزيز:
حــــــــرب
أنا أيضا أعلنت الحرب
سوف تضطرون إذن ،
أن تحولوا بعضا من قواتكم نحوى ،
قواتكم، تلك المنتشرة هناك،
كى تبيد العرب
أجل ….
لديكم دبابات وطائرات وجنود
لكى تقبضوا على قرون الوعل المستكين
أجل …
لديكم الرجال الذين يحاكمون …
والرجال الذين يشوهون
ولديكم الزنازين،
أما أنا …
فليس عندى سوى هذا القلب،
الذى جعلته مخبأ للطفل الفلسطينى
...وجهوا إذن سلاحكم نحوه
فإذا ما صار أشلاء مبعثرة ،
سوف يظل يسخر من رصاصكم
إلى الأبد
ويبقى بعد هذا أن أقول إننى لا أعرف شيئا عن أهارون شابت - أى مؤلف هذه القصيدة - سوى أنه مؤلفها، ولا أتمنى أن أعرف عنه شيئا آخر، حتى لا يفسد على الأرجح إعجابى بها، ذلك أن الخبرات السابقة المؤلمة قد برهنت على أنه أيا ما كان حجم التعاطف الذى يبديه بعض الشعراء والمثقفين التقدميين الإسرائيليين مع الشعب الفلسطينى، إلا أنهم، حين تحين لحظة الجد، وحين تطالبهم جهـــة ما بتحديد موقف واضح محدد من المطالب الأساسية للشعب الفلسطينى كحق العودة للاجئين وإزالــــــة المستوطنات وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، حين يطالبون بذلك فإنهم فى غالب الأحيان يتنكرون لما سبق أن أبدوه من التعاطف !، ولا يسيطر عليهم فى مثل هذه الحالة سوى هاجس واحد هو هاجس الأمن ولو على حساب الحق والعدل!، وهذه هى للأسف الشديد السيكولوجية
الطبيعية لشعب من اللصوص يعيش فوق أرض مكدسة بجماجم ضحاياه، أجل .. هذه هى السيكولوجية الطبيعية لمثل هذا الشعب حتى لو كان من بين أبنائه شعراء مثل أهارون شابتاى!