حتى وصلنا إلى نقلها بـ"اللودر".. نرصد طرق انتشال التماثيل الأثرية على مر التاريخ (فيديو وصور)
رغم ما تشهده مصر، من تقدم تكنولوجي على كافة المستويات في القرن الحادي والعشرين، إلا أن المشهد الذي شهده الجميع أثناء انتشال تمثالين ملكيين من الأسرة الـ19 واللذين عثرت عليهما البعثة الأثرية المصرية الألمانية المشتركة، العاملة بمنطقة عين شمس الأثرية، بـ"اللودر"، آثار جدلًا كبيرًا حول تلك الطريقة التي على إثرها كسرت أجزاء من التمثال.
وبالرجوع إلى القرن العشرين، تجد مشهد اكتشاف عالم الآثار البريطاني والمتخصص في تاريخ مصر القديمة "هوارد كارتر"، مقبرة توت عنخ آمون، من خلال التنقيب الدقيق واستخدام الدقة في نقل مومياء "توت عنخ آمون".
ترصد "الفجر"، الفرق بين اكتشاف المقابر الفرعونية قديمًا وحديثًا وطرق الانتشال.
اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون
اكتشف "هوارد كارتر"، عالم الآثار البريطاني والمتخصص في تاريخ مصر القديمة، مقبرة الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون" في الرابع من نوفمبر عام 1922، عندما كان يقوم بحفريات عند مدخل النفق المؤدي إلى قبر الملك رمسيس الرابع في وادي الملوك، فلاحظ وجود قبو كبير واستمر بالتنقيب الدقيق إلى أن دخل إلى الغرفة التي تضم ضريح توت عنخ أمون، وكانت على جدران الغرفة التي تحوي الضريح رسوم رائعة تحكي على شكل صور قصة رحيل توت عنخ أمون إلى عالم الأموات، وقد أحدث هذا الاكتشاف ضجة إعلامية واسعة النطاق في العالم، نظرًا للتوصل إلى مومياء الفرعون الصغير كاملة المحتويات، وبكامل زينتها من قلائد وخواتم والتاج والعصي وكلها من الذهب الخالص والأبنوس.
وفي 16 فبراير عام 1923 كان العالم البريطاني هوارد كارتر أول إنسان منذ أكثر من 3000 سنة يطأ قدمه أرض الغرفة التي تحوي تابوت توت عنخ أمون، حيث لاحظ وجود صندوق خشبي ذات نقوش مطعمة بالذهب في وسط الغرفة وعندما قام برفع الصندوق لاحظ أن الصندوق كان يغطي صندوقًا ثانيًا مزخرفًا بنقوش مطعمة بالذهب، وعندما رفع الصندوق الثاني لاحظ أنه يغطي صندوقًا ثالثًا مطعمًا بالذهب، وعند رفع الصندوق الثالث وصل العالم البريطاني إلى التابوت الحجري الذي كان مغطى بطبقة سميكة من الحجر المنحوت على شكل تمثال لتوت عنخ أمون، وعند رفعه لهذا الغطاء الحجري وصل إلى التابوت الذهبي الرئيسي الذي كان على هيئة تمثال لتوت عنخ أمون وكان هذا التابوت الذهبي يغطي تابوتين ذهبيين آخرين على هيئة تماثيل للفرعون الشاب.
استخراج مومياء توت عنخ آمون
هذا واضطر العالم البريطاني، إلى قطع ثلاثة توابيت ذهبية لكي يصل إلى مومياء توت عنخ أمون، غير أنه لاقى صعوبة في رفع الكفن الذهبي الثالث الذي كان يغطى مومياء توت عنخ أمون عن المومياء ففكر كارتر أن تعريض الكفن إلى حرارة شمس صيف مصر اللاهبة ستكون كفيلة بفصل الكفن الذهبي عن المومياء، ولكن محاولاته فشلت واضطر في الأخير إلى قطع الكفن الذهبي إلى نصفين ليصل إلى المومياء الذي كان ملفوفًا بطبقات من الحرير.
وبعد إزالة الكفن المصنوع من القماش وجد مومياء توت عنخ أمون بكامل زينته من قلائد وخواتم والتاج والعصي وكانت كلها من الذهب الخالص، ولتخليص هذه التحف والمجوهرات من رفات الفرعون الذهبي اُضطر فريق التنقيب إلى فصل الجمجمة والعظام الرئيسية من مفاصلها، مستخدمين النصال والأسلاك لتخليص القناع الذهبي والذي كان مصهوراً على وجه الفتى الذهبي "توت عنخ آمون" خلال عملية التحنيط. وبعد إزالة الحلي أعاد الفريق تركيب الهيكل العظمي للمومياء ووضعوه في تابوت خشبي في عام 1926 حيث تم إخراجه ثلاث مرات فقط لإجراء مسوحات بأشعة اكس في السنوات اللاحقة.
ويظهر الفيديو التالي، الذي تم تصويره عام 1922 خلال التغطية الإعلامية لاكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، فريق البحث والتنقيب من مصريين وأجانب، كما يظهر فيه العالم البريطاني هوارد كارتر.
سقوط ذقن "توت عنخ آمون" حديثًا
وبالرغم من دقة نقل مومياء "توت عنخ آمون"، إلا أنه لا ينسى أحد ما حدث عند سقوط ذقن قناع الملك توت عنخ أمون المعروضة بالمتحف المصري في القاهرة أثناء خضوعه لعمليات تنظيف اعتيادية، عام 2014.
حيث نشرت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية، في أغسطس عام 2014 تقريرًا حول سقوط ذقن القناع، وإعادة لصقها بشكل متسرع بمادة "الإيبوكسي" غير الملائمة والتي تُستخدم في أعمال السباكة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة.
وبعد خروج هذا التقرير صرح الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار السابق، بأنّ بعض الصحف أخذت صورًا خاطئة عن مواقع التواصل الاجتماعي، بعد التلاعب بها بالفوتوشوب، موضحًا أنه كلّف أحد الخبراء الألمان الموجودين في مصر بتقديم تقرير حول الواقعة، ونفى تعرض التمثال لأي تشويه عقب ترميمه.
ورغم هذا التصريح، إلا أن "الدماطي" بعدها بأيام قليلة عقد مؤتمرًا صحفيًا بالمتحف المصري ومعه رفقة الخبير الألماني وأقر وقوع الخطأ في ترميم القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون، وبفشل الفريق المكلف بترميمه في إتمام المهمة، فتم تشويه ذقن القناع الأثري وكسره وعلى إثره حُول جميع المسؤولين عن ذلك للتحقيق لاتخاذ اللازم، موضحًا أن الخطأ ليس كبير وإنما هي مجرد زيادة في المادة اللاصقة وإن الإعلام أثر المشكلة وهي بسيطة وليس كبيرة كما أثرتها وسائل الإعلام.
انتشال تمثالين بـ"الونش"
وبالرغم من الدقة في نقل مومياء "توت عنخ آمون"، قديمًا، إلا أنه مقارنة بانتشال التماثيل حديثًا، في القرن الحادي والعشرين، فتجد ارتكاب وزارة الآثار لأخطاء فادحة، ما ينم عن عدم توافر أدوات حديثة لانتشال التماثيل والتعامل مع حضارة الأجداد، وهو ما حدث لحظة انتشال تمثالين أثريين يشتبه أنهما لرمسيس وسيتي باستخدام اللوادر والأوناش في منطقة المطرية، التابعة لمحافظة القاهرة.
حيث شهد الدكتور خالد العناني وزير الآثار عملية انتشال تمثالين ملكيين من الأسرة الـ19 واللذين عثرت عليهما البعثة الأثرية المصرية الألمانية المشتركة، العاملة بمنطقة سوق الخميس (المطرية) بمنطقة عين شمس الأثرية، وتم العثور على التمثالين في أجزاء في محيط بقايا معبد الملك رمسيس الثاني الذي بناه في رحاب معابد الشمس بمدينة أون القديمة.
وأوضح الدكتور محمود عفيفي، رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة الآثار، أن البعثة عثرت على الجزء العلوي من تمثال بالحجم الطبيعي للملك سيتي الثاني، مصنوع من الحجر الجيري بطول نحو 80 سم، ويتميز بجودة الملامح والتفاصيل، أما التمثال الثاني فمن المرجح أن يكون للملك رمسيس الثاني، وهو تمثال مكسور إلى أجزاء كبيرة الحجم من الكوارتزيت، ويبلغ طوله بالقاعدة نحو ثمانية أمتار.
ولم تكتفي وزارة الآثار، باستخدام المعدات الحديثة في استخراج التمثالين، بل ازداد الوضع سوءً حينما تركت التمثالين في الشارع، حيث يلعب الأطفال على رأس التماثيل وكأنها ملهى لهم، بالإضافة إلى القمامة المنتشرة في كل مكان حولهم.