طرق مجاهدة النفس بعد الفراغ من العبادة

إسلاميات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


أولاً: إياك أن تعجب بعملك فإن نفسك تزينه وتحسنه بعدما أخرجتك مسلوب الفائدة، ومع هذا تريك عملك وكأنك سيد الأولياء وإمام المتقين، وأن كل الناس دونك، وأن عملك فوق كل عمل، حتى تهتز أعطافك ولا تعرف كيف تمشي أو تنطق؛ لأن هذه عوارض العجب، وترى لك الأفضلية على غيرك، ثم ذبحتك ذبحاً كاملاً فما انتصرت.

هذا فيما لو انتصرت داخل العمل، أما خارجه فلا تفوت أبداً، وأكبر ما يصيب العبد العجب، ومن أعجب بعمله بطل، كان بعض الصحابة وهم خارجون من مكة ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الخلق قد أصيبوا بهذا فأصابتهم نكبة وحلت بهم هزيمة ولا سبب لها إلا هذه النفس الخبيثة، إذ قال قائلهم: لن نغلب اليوم من قلة، فقال تعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ [التوبة:25].

يا عبد الله! إذا فرغت من عمل وانتصرت عليها أثناءه فإنها لن تعطيك القيادة لأن معها جيشها المظلم، إياك وأن تعجب بعمل هي التي تزينه حتى ترى عملك أفضل الأعمال وأنت خير الرجال، ثم تقتلك.

ثانياً: احذر بعد العجب أن تحملك نفسك على السمعة، فتجعلك تقول: أنا البارح -ما شاء الله- قضيت ليلتي في قراءة كتاب الله، أو قمت آخر الليل فتهجدت ورأيت كذا وكذا، أو تقول: ما شاء الله وفقنا الله ويسر لنا وبنينا المسجد الفلاني، أو أسهمنا في كذا بكذا. إن النفس تريد أن تبطل العمل؛ فتحسن لك السمعة، فتكون مدفوعاً من حيث لا تشعر وتتحدث بعملك، وبمجرد أن تتحدث به تكون قد نالت منك، هذا إذا أنت قهرتها قبل الدخول في العمل ثم قهرتها أثناءه، فإن قهرتها هنا انتصرت عليها.

السمعة والرياء والعجب هذه التي تستغلها النفس، فاحذر أن تعجب بعملك، فإنها هي التي تحملك على العجب، وهي التي تزين بمعونة أفراد قواتها: الشيطان، والدنيا، والهوى، والشهوة.

السمعة كذلك تريد أن تقول: فعلنا كذا، وحصلنا على كذا، وقد تقول: من فضل الله وبمعونة الله فعلت كذا وكذا، وهي التي تحمل على هذا، فإن انتصرت يا بني في هذه المراحل الثلاث انتصرت عليها، وهنيئاً لك ونجحت في هذا الميدان: ميدان الطاعة، وبقي موطنان.

الحياة شاقة: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا [العنكبوت:69] لا تحسب الحياة تمراً أنت آكله، الحياة جهاد، عرفتم هذا الموطن، وكيف تجاهدون، وكيف يتم لكم النصر إن شاء الله؟