ضحايا مستشار السيسى المزيف يتحدثون لـ«الفجر».. «علاقاته بضباط ومستشارين جعلته محل ثقة»
النصب باسم الرئاسة
■ انتحل صفة مستشار الرئيس الاقتصادى وجمع 3 ملايين جنيه من النصب على 15 شخصية
■ يلتقى ضحاياه بجوار «الاتحادية» وحاصل على دبلوم تجارة وقام بتكريم ضباط ونواب
■ يقدم تسهيلات فى الأحياء ويمنح الماجستير والدكتوراه
■ حاصل على دبلوم تجارة يدعى العمل مستشاراً أمنياً للرئاسة ويحصل على 3 ملايين من ضحاياه
لم تكن واقعة النصاب الذى انتحل صفة مستشار برئاسة الجمهورية، وحضر عزاء الدكتور عمر عبدالرحمن، أمير الجماعة الإسلامية، الواقعة الوحيدة، من نوعها، التى يجرؤ فيها شخص على الادعاء بأنه يعمل فى أعلى وأهم مؤسسة فى مصر، ولكن أوراق هيئة الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة ممتلئة بوقائع نصب على المواطنين والاستيلاء على أموالهم من أشخاص ادعوا أنهم مسئولون بالرئاسة.
وتبدو وسائل خداع المواطنين من جانب مدعى العمل بالرئاسة، بسيطة وسهلة، لا يمكن أن تقنع طفلاً، شخص أنيق واثق من نفسه، يجرى اتصالات كثيرة وقادر على حل بعض المشكلات من خلال صلات كونها من معارك نصب قديمة، ما يسهل عليه خداع ضحايا جدد، خصوصاً عندما يرونه صديقاً لضباط وأعضاء بمجلس الشعب ويقيم حفلات تحضرها شخصيات معروفة وكلهم ينادونه بالصفة التى يدعيها.
منذ أيام، قدم عدد من المواطنين بلاغات ضد شخص يدعى «محمد. إ. ع»، الذى انتحل صفة مستشار برئاسة الجمهورية، للإيقاع بضحاياه، واستطاع خلال عام إقناعهم بمنصبه وحصل منهم على ما يزيد على 3 ملايين جنيه، حيث أمرت نيابة العجوزة باحتجازه على ذمة التحقيقات معه فى المحضر رقم 5111 لسنة 2017، فى 21 فبراير الماضى.
وكشفت التحقيقات الأولية أن المستشار المزيف، قام بالنصب على عدد من الأطباء المتخصصين فى الأمراض الجلدية، منهم طبيبة استولى منها على 450 ألف جنيه، وعلى 650 ألف جنيه من طبية أخرى، و150 ألفاً من طبيب ثالث، و9500 دولار من رابع وآخرين بمبالغ متنوعة.
ترسم «م.س»، طبيبة أمراض جلدية، إحدى الضحايا التى دفعت 650 ألف جنيه، صورة للنصاب وتقول: اسمه «محمد إسماعيل»، مواليد 1976، رجل شيك، يحمل سلاحا وجهازا لاسلكيا بشكل دائم، وموبايلات آيفون.
تعرفت الطبيبة إلى النصاب عندما تعرض المركز الطبى الذى تعمل فيه لمشكلات مع الحى فى نهاية عام 2015، وحصل على أول مبلغ منها 128 ألف جنيه، لإنتاج حفل فى أحد الفنادق حضره العديد من الشخصيات الأمنية والقانونية المهمة، ما جعلها تثق فيه وفى وعوده، ثم اقترح تأسيس الأكاديمية الكندية التى تهدف للتدريس ومنح درجات الماجستير والدكتوراه، ووعدها وعدداً من زملائها بتحقيق أرباح خيالية، فشاركت فى الجامعة بـ450 ألف جنيه، كما حصل من شقيقها على ما يزيد على 9 آلاف دولار.
ثقة الطبيبة «ن» فى النصاب جاءت نتيجة العديد من المواقف، منها دخولها المطار بدون تفتيش، وقيامه بتسليمها جواز السفر أمام سلالم الطائرة، وعلاقاته الواضحة مع ضباط المطار، وعندما ذهبت لمقر مجمع التحرير لتخليص بعض المصالح، قابلها مع أحد مسئولى الجوازات وناداه الأخير بـ«سيادة المستشار» وكان تعاملهما يوحى بأنهما صديقان، ما طمأنها، بجانب علاقاته مع ضباط آخرين.
وكرم النصاب فى الحفل الذى نظمه بأموال الطبيبة «ن» العديد من الشخصيات المهمة من المستشارين والقضاة والضباط، ما جعله محل ثقة من الجميع، كما جمعته صور مع ضباط ومستشارين كانوا ينادونه بـ«المستشار»، ومنهم لواء أحد أعضاء مجلس النواب، كان دائم التردد معه على المركز الطبى، بجانب مأمور قسم إحدى المناطق الراقية، حيث كان الأخير يلبى أوامره، لأنه أحد تلاميذ اللواء النائب.
كما جمعت النصاب الصور بأحد الضباط الكبار، بمباحث مطار القاهرة، الذى كان يؤكد صفته كمستشار، وكان يتعمد على أن يتصل بضحاياه لمقابلتهم بشارع صلاح سالم، بجوار قصر الاتحادية، حيث كان يقف وسط ضباط حراسة فى القصر الذين تم تكريم عدد منهم بالحفل ما جعله محل اطمئنان من ضحاياه.
وأثبتت التحقيقات مع النصاب أنه يبلغ من العمر 42 سنة، حاصل على دبلوم تجارة، وتمكن من خداع 15 ضحية، ووصل مجموع الأموال التى حصل عليها منهم 3 ملايين جنيه، بزعم تأسيس جامعة خاصة.
وقالت إحدى ضحايا النصاب، وتدعى «ن. ر»، طبيبة، إنها تعرفت إلى المستشار المزيف فى مايو 2015، من خلال زميلة لها، بعد تحرير مخالفات ومحاضر للمركز الطبى المملوك لها، حيث قام بتعريف نفسه بأنه مستشار أمنى بالرئاسة، والمسئول عن تدريب الحراسات الخاصة والإشراف على أقسام الشرطة فى محيط قصر الاتحادية بمصر الجديدة، وأن له علاقات ونفوذاً على أقسام الشرطة، وأصبح يزورها بشكل دورى، حاملاً سلاحاً وجهازا لاسلكيا، وعدداً من الهواتف بشكل دورى، مدعياً تلقيه العديد من المكالمات الهاتفية من الرئاسة، متعمداً أن يسمع من حوله أنه يتلقى مكالمة مهمة.
الطبية قالت أيضاً إنه فى إحدى المرات اقترح المستشار المزيف الذى يبدو فى الأربعين من عمره، عليها تأسيس أكاديمية لتدريب الأطباء، على أن تعتمد شهادتها من المجلس الأعلى للجامعات ووزارة التعليم العالى، وبعض الجامعات الكندية، حيث أخبرها بأنه بعدما ترك العمل بجهاز أمنى سيادى حصل على الدكتوراه من كندا وأمريكا، وتمت الاستعانة به كمستشار لتدريب الحراسات الخاصة، مع إشرافه على الأقسام والأكمنة المجاورة لمحيط الاتحادية لإبداء الملاحظات الأمنية عليها.
وتتابع أن المستشار النصاب كان دائم الإثبات لقدراته فى السيطرة على المخالفات التى يحررها الحى للمركز الطبى، وعندما تعرض أحد زملائها لأزمة تدخل وأجرى اتصالات أمامهم، على أثرها خرج أكثر من ضابط لاتخاذ اللازم، ما أكد نفوذه، كما دعاها وعدداً من زملائها لاحتفالية الأكاديمية الأمريكية فى يناير من العام الماضى، بأحد الفنادق الشهيرة، وكرم خلال الحفل بعض الممثلين والعديد من الأطباء والمسئولين، ليؤكد أهميته ونفوذه أمامهم.
أقنع المستشار النصاب الطبيبة وبعض زملائها بتأسيس أكاديمية كندية على غرار الأمريكية، واستطاع من خلال هذه الحيلة الإيقاع بهم وحصل منها على 450 ألف جنيه، فى شهرى فبراير ومارس من العام الماضى، بإيدعات بنكية على حسابه بأحد البنوك الحكومية، وفى إبريل من العام الماضى نظم حفلاً فى فيللته بالمريوطية احتفالاً بتأسيس الأكاديمية، وأخبرها بأنه حصل على موافقة المجلس الأعلى للجامعات، وأودع بحساب الأكاديمية 300 ألف جنيه. وفى نوفمبر من العام الماضى، حررت توكيلاً لمحاسب تابع له يدعى «مجدى. ف»، وتوكيلاً آخر لمحام يدعى «خالد. إ»، وأرسل لها صورة من البطاقة الضريبية للأكاديمية باسمه وعندما استفسرت عن الأمر ولماذا لم يتم استخراج الشهادة باسمها، زعم لها أن العنوان الذى يقطن فيه عمارات المحاربين القدامى التابعة للقوات المسلحة، بميدان سفنكس، ولا يمكن تأجيرها لمدنيين، وتهرب من الرد عن وجود باقى الأوراق ثم اختفى لتكتشف أنها تعرضت للنصب.