في ذكرى اليوم العالمي للمرأة.. نرصد 10 نساء أثرن في تاريخ مصر
على مدار تاريخ الدولة المصرية، بزغت شخصيات نسائية عديدة، كان لهن نصيب الأسد من الإسهامات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية، وساهمن في صناعة تاريخ مصر، فبعضهمن حكمن مصر؛ كالملكة حتشبسوت وكليوباترا وشجرة الدر، وأخريات رائدات ساهمن في صناعة الثورات؛ أبرزهن صفية زغلول وهدي شعراوي، فضلًا عن المساهمات في الحركة العلمية؛ كسهير القلماوي، ملك حفني ناصف، ونبوية موسي.
حتشبسوت
تعد حتشبسوت، زوجة الملك تحتمس الثاني، من أشهر الملكات اللواتي تولينَّ حكم مصر في عهد الفراعنة من 1508 إلى 1458 قبل الميلاد، وكانت الفرعون الخامس من عصر الأسرة الثامنة عشر في مصر القديمة.
وتعتبر حتشبسوت واحدة من أنجح الفراعنة، حامله للقب أطول من أي امرأة أخرى في الأسر المصرية وتميز عهدها بقوة الجيش ونشاط البناء والرحلات البحرية.
تشبهت حتشبسوت، بمظهر الرجال ليتقبلها المصريون خليفة لأبيها تحتمس الأول، قادت البلاد لمدة 21 سنة وهي من أطول فترات الحكم فى العصر الفرعوني، واتسم عصرها بأنه من أكثر العصور سلامًا ورخاءً.
اهتمت حتشبسوت بالأسطول التجاري المصري فأنشأت السفن الكبيرة واستغلتها في النقل الداخلي لنقل المسلات التي أمرت بإضافتها إلى معبد الكرنك تمجيدا للإله آمون أو إرسال السفن في بعثات للتبادل التجاري مع جيرانها.
توفت حتشبسوت في 14 يناير 1457 قبل الميلاد خلال العام 22 من فترة حكمها، جاء ذلك في كتابة على لوحة وجدت بأرمنت، حيث قدر المؤرخ المصري القديم مانيتو Manetho فترة حكمها ب 21 سنة وتسعة أشهر.
كليوباترا
كانت كليوباترا السابعة (69-30 ق.م) ملكة مصر، المنحدرة من أسرة البطالمة ذوو الأصل الإغريقي الذين حكموا مصر بعد موت الإسكندر الأكبر هي آخر فراعنة مصر، مثل حتشبسوت، شاركت زوجها الحكم، ثما ما لبثت أن استولت على الحكم بمفردها.
عٌرفت كليوباترا بسلسلة علاقتها العاطفية التي هدفت من ورائها الحفاظ على استقلال مصر عن الإمبراطورية الرومانية، وتشير المصادر التاريخية المعاصرة أنها كانت محبوبة جدًا من شعبها.
دعمت كليوباترا اقتصاد مصر بالتجارة مع بلاد الشرق فساعد هذا على تقوية وضع مصر في العالم القديم مما جلب السلام للبلاد بعد أن أضعفتها الحروب الداخلية.
فيقول بلوتارخ: "لم يكن جمالها ملفتًا بيهر الناظر اليها، ولكن حضورها كان طاغيًا، كانت شخصيتها وما تقوله وما تفعله شيء ساحر حقًا."
شجرة الدر
أما شجرة الدر، فقد لعبت دورًا تاريخيًا أثناء الحملة الصليبية السابعة على مصر وخلال معركة المنصورة، وكانت "شجرة الدر" تعمل في البداية كجارية اشتراها السلطان الصالح نجم الدين أيوب، وحظيت عنده بمكانة عالية حتى أعتقها وتزوجها، وعقب وفاته تولت عرش مصر لمدة ثمانين يوماً بمبايعة من المماليك وأعيان الدولة حتى تنازلت عن العرش لزوجها المعز أيبك التركماني.
كان أول عمل اهتمت به هو تصفية الوجود الصليبي في البلاد غير أن الظروف لم تكن مواتية لأن تستمر في الحكم طويلاً، بسبب ما وجدته من معارضة شديدة داخل البلاد وخارجها، وخرج المصريون في مظاهرات غاضبة تستنكر جلوس امرأة على عرش البلاد.
ولم تجد شجر الدرّ تجاه هذه المعارضة الشديدة إلا التنازل عن العرش للأمير عز الدين أيبك أتابك العسكر.
سَهير القلماوي
ولدت سهير القلماوى فى طنطا ودرست في المدرسة الأمريكية للبنات هناك، ثم أقدمت على تسجيل اسمها للدراسة بجامعة فؤاد الأول مع بعض الفتيات الأخريات في سابقة كانت الأولى من نوعها.
وفي عام 1929 كان وجود فتاة واحدة بين 14 رجلاً يدرسون في كلية الآداب في جامعة فؤاد الأول أمرًا غريبًا، ولكن سهير لم تعر نظرات الاستغراب التفاتًا وتفوقت على جميع زملائها في كل سنوات الدراسة لتصبح من أوائل المصريات الآتى تخرجن من الجامعة وحصلن على درجة الماجستير وكانت هي أول من حصلت منهن على الدكتوراه التي كان موضوع البحث فيها عن رواية الف ليلة وليلة، ذلك الكتاب الذي واجه هجومًا ضاريًا بعد ذلك بعقود بدعوة انه مناف للأخلاق.
وفي عام 1956 أصبحت سهير القلماوى استاذًا للأدب العربي المعاصر ثم رئيسة لقسم اللغة العربية بكلية الآداب في الجامعة العريقة ولمدة تسع سنوات.
أعجب عميد كلية الآداب آنذاك د.طه حسين بحماسها وشجعها وساعدها أن تكتب في مجلة الجامعة المصرية وما لبثت أن أصبحت محررة بها لتبدأ بعد ذلك مسيرة طويلة في عالم الكتابة والصحافة.
انضمت القلماوى للبرلمان المصري سنة 1967 وشاركت في تأسيس معرض الكتاب فقد أرادت أن تكون أعمال الأدب العالمي متاحة أمام جميع المصريين، وشجعت إقامة عديد من المكتبات والمشروعات التي عنيت بترجمة كلاسيكيات الأدب العالمي وتوفيرها فى طبعة شعبية لتصبح فى متناول الجميع، وكانت هي أيضًا من قدمت الأدب المصري المعاصر كفرع من فروع الدراسة بكلية الآداب التي سيطر عليها ولايزال الأدب العربي الكلاسيكى.
صفية زغلول
ولدت صفية مصطفى فهمي أو "صفية زغلول" ما كان لقبها نسبة لزوجها سعد زغلول"في ديسمبر 1878، لأب يعد من أوائل رؤساء وزراء مصر، ولقبت باسم "صفية زغلول" نسبة إلي اسم زوجها سعد زغلول، كما لقبت "أم المصريين" إثر مشاركتها في المظاهرات النسائية إبان ثورة 1919.
كان لصفية زغلول، دور بارز في الحياة السياسية المصرية، ساهمت بشكل فعال في تحرير المرأة المصرية، ووقفت "زغلول" بمشاركة زوجها في مواجهة الاحتلال، من أجل هذا الشعب، حتى أصبح بيتها هو "بيت الأمة" لكل المصريين، حيث بدأت مع زوجها رحلة كفاح ونضال وحياة غير تقليدية، وكانت تؤمن بقضيته، وكان عطائها زاخر من أجل قضية الوطن العربي والمصري.
حملت "زغلول" لواء ثورة 1919، مع زوجها وخرجت على رأس المظاهرات النسائية من أجل المطالبة بالاستقلال حتى تم نفي زوجها إلى جزيرة "سيشل"، ووقفت إلى جانب زوجها في محنته.
وكانت "زغلول" أول زوجة لزعيم سياسي عربي تظهر معه في المحافل العامة والصور دون نقاب، وذلك في عام 1921، عندما خلعت النقاب لحظة وصولها مع زوجها إلى الإسكندرية.
عقب وفاة سعد زغلول عاشت زوجته "صفية" عشرين عامًا لم تتخل فيها عن نشاطها الوطني لدرجة أن رئيس الوزراء وقتها "إسماعيل صدقي" وجه لها إنذارًا بأن تتوقف عن العمل السياسي، ولكن لم يحدث ذلك حتى لحقت بزوجها.
هدى شعراوي
تعد هدى شعراوي، واحدة من أبرز الناشطات المصريات في النشاط النسائي في نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، حيث بدأ نشاطها أثناء رحلتها الاستشفائية بأوروبا بعد زواجها، وانبهارها بالمرأة الإنجليزية والفرنسية، وهناك تعرفت على بعض الشخصيات المؤثرة التي كانت تطالب بتحرير المرأة، وعند عودتها أنشأت شعراوي مجلة " الإجيبسيان" والتي كانت تصدرها باللغة الفرنسية.
وكان لنشاط زوجها علي الشعراوي، السياسي الملحوظ في ثورة 1919 وعلاقته بسعد زغلول أثر كبير على نشاطاتها، فشاركت بقيادة مظاهرات النساء عام 1919، وأسست "لجنة الوفد المركزية للسيدات" وقامت بالإشراف عليها.
حضرت "شعراوي"، أول مؤتمر دولي للمرأة في روما عام 1923م، وكان معها نبوية موسى و سيزا نبراوي، وحينما عادت من المؤتمر كونت الاتحاد النسائي المصري سنة 1927، وشغلت منصب رئاسته حتى عام 1947، كما كانت عضوا مؤسسا في "الاتحاد النسائي العربي" وصارت رئيسته في العام 1935، وبعد عشرين عاماً من تكوين هذا الاتحاد قامت بعقد ما سمي بالمؤتمر النسائي العربي سنة 1944م.
وحازت "شعراوي" في حياتها على عدة أوسمة ونياشين من الدولة في العهد الملكي وأطلق اسمها على عديد من المؤسسات والمدارس والشوارع في مختلف مدن مصر في حينها.
توفيت "شعراوي" بالسكتة القلبية وهي جالسة تكتب بياناً في فراش مرضها، تطالب فيه الدول العربية بأن تقف صفاً واحداً في قضية فلسطين، بعد صدور قرار التقسيم في فلسطين من قبل الأمم المتحدة وفي 29 نوفمبر 1947.
سيزا نبراوي
في واقعة خلع النساء حجابهن في محطة القطار سنة 1923 كانت هي أصغرهن، حيث سارت سيزا نبراوى على خطى هدى شعراوى وتقدمت معها صفوف المتظاهرات في ثورة 19 وأكملت كفاحها في الاتحاد النسائي بعد وفاة مؤسسته هدي شعراوي، كان اسمها عندما ولدت زينب مراد ولما انفصل أبواها تبنتها إحدى قريبات أمها وعاشت في الإسكندرية ثم سافرت إلى فرنسا وتعلمت في مدرسة ليسيه دو فرساى حتى سن السابعة عشر.
وعندما عادت لحياتها المرفهة الخاوية في مصر، أصيبت بالاكتئاب إلى أن احتضنتها هدي شعراوي وبدأتا معًا مسيرة كفاحهما لتحرير المرأة المصرية، إلى جانب رئاستها لتحرير مجلة L'Egiptienne"" التي يصدرها الاتحاد النسائي.
كانت سيزا نبراوى أسعد حظًا من هدى شعراوى، فقد عاشت لترى تحقق كثير من المطالب التي نادى بها الاتحاد النسائى، وعلى رأسها رفع سن الزواج للفتيات ليصبح 16 عامًا والتأكيد على حق الفتاة في التعليم، ومن ثم السماح لها بالترشح للبرلمان والمناصب المختلفة.
نبوية موسى
ربتها أمها بمفردها، فأدركت جيدًا أهمية أن تكسب المرأة عيشها، كانت نبوية موسى من أهم الشخصيات النسائية المصرية في القرن العشرين، دافعت عن حقوق المرأة ودافعت أيضًا عن حرية وطنها.
حفرت صورتها في ذاكرة المصريين عندما كانت أحد النساء الثلاثة اللآتي خلعن حجابهن في محطة القطار في الواقعة الشهيرة، معلنةً بذلك للمجتمع المصري أن المرأة لن تظل صامتة أو مختبأة بعد ذلك اليوم.
وعلى الرغم من انخراطها في أنشطة عديدة، إلا أن قضية التعليم ظلت هي شغلها الشاغل، فقد أدركت أن تعليم المرأة هو الطريق الوحيد الذي سيؤدى بها لتحقيق استقلالها المادى بما من شأنه تحقيق ذاتها والحصول على حقوقها.
كانت نبوية موسى أولى الحاصلات على شهادة البكالوريا من مدرسة السنية وكرست حياتها بعد ذلك لتشجيع تعليم البنات وإدماج المدرسات وتقدمهن فى نظام التعليم المصري، وأصبحت أول ناظرة مدرسة وأول كبيرة مفتشين في وزارة المعارف، وأول عضوة في نقابة الصحفيين.
دُعييت موسى، هي والرائدتان ملك حفنى ناصف ولبيبة هاشم لإلقاء محاضرات في الجامعة المصرية الوليدة حينذاك (التي أصبحت فيما بعد جامعة فؤاد الأول ثم جامعة القاهرة)، ومن أهم ما نشر لها كتاب "المرأة والعمل" و"ثمرة الحياة في تعليم الفتاة" الذي أدخلته وزارة المعارف كجزء من المقررات الدراسية.
ملك حفني ناصف
أما ملك حفني ناصف، ناشطة وأديبة مصرية ولدت في ديسمبر 1886، بمدينة القاهرة وهي ابنة الشاعر المصري حفني ناصف القاضي أحد المشاركين في تأسيس الجامعة المصرية، اتخذت اسم باحثة البادية اشتقاقًا من بادية الفيوم التي تأثرت بها.
اعتبرت "ناصف" أول امرأة جاهرت بدعوة لتحرير المرأة المصرية، والمساواة بينها وبين الرجل، كما اعتبرت أول فتاة مصرية تحصل على الشهادة الابتدائية العام 1900، كما حصلت على شهادة في التعليم العالي لاحقًا.
عرفت "ناصف" بثقافتها الواسعة وكتاباتها في العديد من الدوريات والمطبوعات وكانت تجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية وتعرف شيئا من اللغات الأخرى، وهذا ما ساعدها في عملها.
كما أسست "ناصف" عددًا من الجمعيات للنهوض بالمرأة، كجمعية "التمريض" على غرار "الصليب الأحمر"؛ لإرسال الأدوية والأغطية والأغذية والملابس إلى الجهات المنكوبة بمصر والبلاد الشقيقة، فأرسلت إلى المجاهدين في ليبيا ضد الاحتلال الإيطالي بعض ما يحتاجونه، وأنشأت مدرسة لتعليم السيدات التمريض، على حسابها، وجعلت منزلها في القاهرة مقرًا للجمعية، وأزمعت إنشاء مشغل للفتيات وملجأ للفقيرات، وقررت أن توقف له خمسة وثلاثين فدانا على هذا المشروع لكن موتها اغتال هذا المشروع النبيل.
سميرة موسى
سميرة موسى، أول عالمة ذرة مصرية ولقبت باسم مس كوري الشرق، وهي أول معيدة في كلية العلوم بجامعة القاهرة، ولدت3 مارس 1917 بمحافظة الغربية.
حصدت "موسي" الجوائز الأولى في جميع مراحل تعليمها، فقد كانت الأولى على شهادة التوجيهية عام 1935، ولم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفا في ذلك الوقت حيث لم يكن يسمح لهن بدخول امتحانات التوجيهية إلا من المنازل حتى تغير هذا القرار عام 1925 بإنشاء مدرسة الأميرة فايزة، أول مدرسة ثانوية للبنات في مصر.
حصلت "موسى" على بكالوريوس العلوم وكانت الأولى على دفعتها وعينت كمعيدة بكلية العلوم وذلك بفضل جهود الدكتور مصطفي مشرفة الذي دافع عن تعيينها بشدة وتجاهل احتجاجات الأساتذة الأجانب.
حصلت علي شهادة الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات، وسافرت في بعثة إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي، وحصلت علي الدكتوراه في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة.
قامت "موسي" بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948، وحرصت علي إيفاد البعثات للتخصص في علوم الذرة فكانت دعواتها المتكررة إلى أهمية التسلح النووي، ومجاراة هذا المد العلمي المتنامي.
نظمت مؤتمر الذرة من أجل السلام الذي استضافته كلية العلوم وشارك فيه عدد كبير من علماء العالم.