"طبطبلي".. ضحايا جرائم الختان يروون عن مأساتهم.. و1500 جنيه فاتورة لـ"قطع الجسد"
تذهب بها الأم، توهمها بأساليب مختلفة حتى تستدرجها، تجد نفسها في عيادة طبيب وربما شقة، الكل يتحرك حولها، يطيحون بها على سرير المرضى يبدأون في خلع ملابسها، ترى المشرط في يد الطبيب ويتجه به اليها، صراخ وبكاء وألم ينتهى بعادة بشعة تتعرض لها الكثير من الفتايات وهى "ختان الإناث".
جريمة ترتكبها العديد من الأسر في حق بناتهن معللين جريمتهم، بأنها أفضل صحياً للفتاة وجنسياً في تعاملها خلال زواجها، والحقيقة أنهم يقتلون براءة الفتاة في طفولتها ويتركون لها صدمة لا تنساها طيلة عمرها.
لتجد تلك الفتيات "طبطلي" طوق النجاة لعرض الجريمة الوحشية اللاتي تعرضن لها وكان لها تأثيراً صحياً ونفسياً عليهن.
ماهى مبادرة "طبطبلي"؟
طبطبلي أو حكايات بنات مبادرة بدأت على صفحة موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لتكون منبر لكي تروي الفتايات اللواتي تعرضن للختان عن الجريمة البشعة التي أثرت علي حياتهن، في سرية دون الكشف عن اسمائهن.
توصف بأنها " مجتمع مفتوح وآمن لضحايا الختان والعنف، بيدعم حقهم في البوح والطبطبة كخطوة أولى لبداية حياة خالية من الألم والخوف".
البداية
بدأت مبادرة "طبطبلي" من خلال مجموعة تدوينات نشرها مؤسسها، حسام السكري، الإعلامي ورئيس بي بي سي السابق، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عن المفاهيم المغلوطة عن ختان الإناث، بإعتباره أحد المهتمين بمخاطر هذه العادة البشعة.
وبعد نشر التدوينات وجد "السكري" تفاعل كبير معها، فتلاها رسالة جائته على صفحته عن معاناة لأحد الفتايات من تلك العادة فأعاد نشرها على صفحته، ففوجيء السكري بسيل من الرسائل على صفحته، ومن هنا جاءت فكرة المبادرة وتدشين صفحة باسم حكايات بنات.. طبطلي".
بدأ تدشين الصفحة في ديسمبر الماضي، لتصبح مصدر الدعم النفسي لفتايات تعرضن لجريمة ختان الإناث.
فريق من المتطوعين
يقوم بالعمل على الصفحة التي يترأسها الإعلامي، حسام السكري، مجموعة من المتطوعين وهما: رانيا بسيونى المذيعة فى الإذاعة، أمال عويضة الكاتبة الصحفية بجريدة الأهرام، دكتورة هالة عصمت العاملة بمنظمة الصحة العالمية سابقاً، والدكتورة هدير عبد الفتاح الطبيبة النفسية، بالإضافة إلى نسرين يوسف وميرنا أحمد المهتمتين بشئون المرأة (الحركة النسوية).
"الحتة بتاعة الشيطان"
تقول إحدى الفتايات والتي نشرت روايتها عن ختان الإناث على صفحة "طبطبلي"، إنها قبل 10 سنوات كانت تبلغ 13 سنة، تشاجرت جدتها مع والدتها لتذهب بها وتقوم بختانها فرفضت.
وتضيف:" كنت فى تانية إعدادى لما لاقيت جدتي بتتخانق مع ماما عشان ماما منعتنى أروح للدكتور مع بنات العيلة وقتها عشان يختنوهم. اللي فاكراه كويس إصرار ماما الشديد انى ما أروحش، ومشهد ٣ بنات واخدينهم للدكتور وعمالين يحايلوهم بلعب ووعود بفسح بعد العملية".
وتكمل: " بنت خال ماما اللى كانت أكبر مني بسنة قالتلي انها عارفة هما هيعملولها ايه. وبالنص قالتلي هما بس هيقطعوا مني حتة صغيرة. ديه بتاعة الشيطان و يدفنوها فى الرملة عشان الشيطان ميلعبش فى دماغى ولا ييجى جمبى ".
أغبى تجربة
وتروى سيدة حكاية قبل 40 عام لجريمة الختان التي تعرضت لها، واصفة أن تجربتها من أغبى التجارب التي تتعرض لها طفلة في ابتدائي.
فتروى أنها كانت تحب المانيكير فأوهمتها جدتها أنها ستذهب لخالتها وتضع مانيكير، ليعدوا لها عملية الختان.
وأضافت: " المهم دخلت ف الست نيمتنى على سرير وجت اتنين ستات تاتيين مسكونى ووقعت الواقعة...وطبعا صرخت وكنت سمعاهم وشايفة الأداة وهما بيجييوها ومش عاوزة اكمل واقولك ايه الاداه وطريقة تطيهرها عشان متتالمش من الوصف".
وتابعت: "صحيح فات اكتر من 40 سنة على الحكاية دى لكن تفاصيلها وشكل البيت واصوات واحجام الستات دى لسه ف دماغى".
"لحد دلوقتى وحتى لما بروح لاى دكتور اكشف ولو حتى عاملة عملية جراحية وبفوق م البنج مبقدرش افضل مستسلمة ولا بعرف استرخى واكشف زى بقية الناس.. دماغي بتفوق وببقى عاوزة اجرى من المكان".
فرصة للفضفضة
تقول المذيعة، رانيا بسيوني، أحد القائمين على مبادرة "طبطبلي"، أن صفحة المبادرة على الفيسبوك فرصة لفضفضة هولاء الفتايات عن الأذى الذى تعرضوا إليه.
وأضافت في تصريح لـ "الفجر" أن الصفحة تتلقى روايات الفتايات اللواتي تعرضن للختان، كما تأتي رسائل لفتايات حاولوا صد هذه العادة البشعة عن أخواتهم وكذلك المتزوجين الآن يمنعوها عن بناتهن حتى لا تكرر المآساة.
وأوضحت بسيوني، أن صدمة الختان لا تستطيع الفتايات التغلب عليها، ويظل تأثيرها النفسي والجسماني عليهن.
القانون لا يمنع بائعي الضمير
وأشارت الإذاعية رانيا بسيوني، إلى أن ختان الإناث لم يقل بعد تغليظ عقوبة مرتكب هذه الجريمة، لافتة إلى أن الإحصائيات الرسمية تؤكد أن 90% من الفتايات يتعرضن للختان، مضيفة أن مصر يأتى ترتيبها كثالث دولة عالمياً تجري هذه العادة البشعة.
ختان الإناث سعره 1500 جنيه بالقاهرة
وأضافت رانيا بسيوني، أن القانون لا يأخذ مجراه في صد الختان إلا عندما تحدث الكارثة بأن يحدث نزييف للطفلة يؤدى للموت.
وأوضحت أن أطباء النساء مازالوا يجرون عملية ختان الإناث، مضيفة: "للأسف ختان البنات موجود في كل المحافظات حتى في أرقى مناطق القاهرة".
وأشارت إلى أن ختان الإناث عملية مربحة لهؤلاء الأطباء بائعي ضمائرهم، مشيرة أن تكلفتها وصلت 1500 جنيه في القاهرة، بخلاف اللوازم التى يطلبونها من آباء تلك الفتايات.
ماذا بعد؟
وأكدت المذيعة، رانيا بسيوني، أن المبادرة حتى الآن تكتفي باستقبال الرسائل وعرضها بعد اخفاء هوية الفتايات حفاظاً عليهم، مشيرة أنهم يحاولون الآن توصيل الفتايات اللواتى يحتاجون لعلاج نفسي على اخصائي نفسي.
وتابعت أنهم من الممكن زيادة التوعية التى تهدف لها مبادرتهم من خلال عقد الندوات، والتى تمكن من انضمام منظمات المجتمع المدني لهم.