"المفتي": الإرهابيون أخرجوا حديث "أمرت أن أقاتل الناس" من سياقه
أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أن زيادة وتيرة الإسلاموفوبيا خاصة في دول الغرب ليست في صالح البشر جميعًا، خاصة وأنها تؤدي إلى ظاهرة أخرى وهي حتمية الصراع.
وأضاف - خلال لقاءه التلفزيوني ببرنامج "حوار المفتي" الذي أذيع على قناة "أون لايف" اليوم الجمعة - أن الإسلاموفوبيا أنتجتها أمور عديدة منها ما يرجع إلى أفعال بعض المسلمين الذين يقومون بأفعال تخالف تعاليم الإسلام سواء بقصد أو بغير قصد، وأمور أخرى لبعض من ينتسبون إلى الإسلام من الجماعات المتطرفة وداعش وغيرها.
وأوضح مفتي الجمهورية أن الدين الإسلامي إنما جاء لضبط حركة الحياة في المجتمع، ووضع ضوابط لكل شؤون حياة الإنسان التي يمارسها فجعل لها أحكامًا إما واجبة أو محرمة أو مكروهة أو مندوبة أو مباحة.
وأشار إلى أن التيارات الإرهابية أساءت للإسلام وقدمته للغرب بشكل مختلف يدعو لما يناهض التطور الحضاري، وأرادت أن تقنع البشرية أن ما يقومون به من أفعال إجرامية هو الإسلام، وهو ما يستغله أعداء الإسلام لتخويف الناس منه.
وقال مفتي الجمهورية: "الإرهابيون يريدون العودة بالإسلام لعصور الرق والعبودية التي حاربتها أنوار الرسالة المحمدية، خاصة وأن المجتمع الدولي يعتبر الرق مجرمًا مما أعطى انطباعًا بأن الإسلام يسعى لاسترقاق الناس وجعلهم عبيدًا، على الرغم من أن الإسلام رغب في عتق الرقاب وتحرير العبيد".
ولفت إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الناس سواسية كأسنان المشط"، وما ورد كذلك من قوله: "لا فرق بين عربي و لا أعجمي و لا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى"، مؤكدًا أن التشريع الإسلامي فتح منافذ لتحرير الناس لإنهاء الرق في كثير من الكفارات مثل الظهار وغيرها.
وأضاف: أن الجماعات المتطرفة صدرت للغرب بأفعالهم قضية القتل بأنها من صميم الإسلام عن طريق فهمهم المنحرف والمغلوط لحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، حيث أخرجوا الحديث من سياقه، مشيرًا إلى أن الأحاديث النبوية يجب فهمها في سياقها العام وليست بصورة فردية حتى لا تؤدي عكس مقصودها مثلما يفعل المتطرفون، وهو ما يؤدي إلى إزكاء الإسلاموفوبيا والخوف من الإسلام.
وأوضح مفتي الجمهورية، أن منهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم البناء والعمران والرحمة وليس القتل والحرق والدمار، لافتًا إلى أن هذا الحديث اجتزاء من سياقه فالأمر عائد على النبي بقوله "أُمرت" وهو ما يدل على أن قرار الجهاد إنما يعود إلى الحاكم وولي الأمر، وجميع الفقهاء على مر العصور أجمعوا على أن الجهاد والقتال لا يكون إلا تحت راية أي تحت عين الدولة وبتقدير من ولي الأمر، وكلمة "أقاتل" جاءت بصيغة المفاعلة ومعناها أنها لصد العدوان أو دفاعًا عن النفس، وقد قال العلماء أن كلمة "أقاتل" تختلف في المعنى عن كلمة "أقتل" كما قال الإمام الشافعي رحمه الله وغيره.
وأكد المفتي أن النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله لم يقاتل أحدًا منذ هجرته للمدينة المنورة إلا دفاعًا عن النفس عندما نقضوا العهد وسعوا لمحاربته مثلما فعل يهود المدينة.
وأضاف مفتي الجمهورية، أن الله سبحانه وتعالى قد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن الكريم بأن يجير من يطلب منه الحماية من غير المسلمين وأن يبلغه مأمنه، وهو ما يدل على أن الإرهابيون أضلوا الشباب بنشر الأقوال الخادعة والكاذبة ليصرفوهم عن صحيح الدين ووسطية أحكامه، لافتًا إلى أننا أمام منظومة متكاملة من الأحكام والمواقف ينبغي أن يفسر كل موقف من مواقف الإسلام في سياقه.
وحول السبيل لمواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا قال مفتي الجمهورية إن المؤسسات الإسلامية والإفتائية والأفراد مطالبون بمجهودات مكثفة لمواجهة الإسلاموفوبيا التي تتغول ضد مستقبل مسلمي الغرب، وذلك عبر إظهار فساد هذا المنهج المتطرف وإيضاح المعنى الصحيح لتلك الأحاديث والآيات، وكذلك تحسين صورتنا وإظهار مبادئ وأخلاق الإسلام الحقيقية بأن يكون المسلمين الذين يعيشون في الغرب إيجابيين وفاعلين في مجتمعاتهم حتى يكونوا سفيرًا للإسلام وحائط صد أمام دعوات المتطرفين.
وأوضح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في ذاته نموذجًا حضاريًا بأفعاله وأخلاقه في المجتمع، فقد كان رحمة مهداه وكان خلقه القرآن فكان يترجم الآيات القرآنية إلى أفعال فلم يضرب أحدًا في حياته قط لا زوجة ولا خادمًا.
وأشار المفتي إلى أن الإسلام علمنا كيفية التعامل الحضاري مع الناس، حتى أن الإسلام قد انتشر في جنوب شرق آسيا على يد التجار المسلمين وتعاملاتهم مع الناس في تلك البلاد، حيث قدموا نموذجًا حضاريًا للإسلام وقيمه ومبادئه.
ووجه مفتي الجمهورية نصيحة للشباب أن يلجأوا للعلماء والمتخصصين لفهم الأحاديث وتعاليم الدين، وألا يأخذوها من هؤلاء المتطرفين ومنحرفي الفكر.
وأضاف مفتي الجمهورية، رغم قلقي من ارتفاع وتيرة الإسلاموفوبيا لكنني مطمئن لسماحة الإسلام"، مشيرًا إلى أن التعامل الغربي مع المسلمين محكوم بقواعد المصلحة الشخصية، وهو ما يجعل على المسلمين مسؤولية كبيرة بأخلاقهم وتعاملاتهم لحث غير المسلمين للبحث عن صحيح الإسلام.
وحول دور دار الإفتاء في مواجهة الإسلاموفوبيا قال إن من واقع مسؤوليتنا قامت دار الإفتاء برصد فتاوى الجماعات المتطرفة والإرهابية وأعدت موسوعة تقوم بتفكيك وتفنيد هذا الفكر المنحرف، وترد على كل الأفكار التي خرجت من هذه الجماعات فكرة فكرة، بطريقة تتفق مع المعايير العلمية والشرعية الموضوعة لتفسير النص الشريف، وجاري ترجمتها للغات عدة.