منال لاشين تكتب: انتخابات نقابة الصحفيين.. معركة البدل والكرامة
مصر بلد التناقضات الوهمية المصنعة داخل مصانع خبيثة لخلط الاوراق وقتل كل الأحلام المشروعة، وبمناسبة انتخابات نقابة الصحفيين أتابع الجدل الدائر أو بالأحرى المصطنع، والجدل يدور حول أيهما أولى بالرعاية المصالح المالية والاجتماعية للصحفيين أو الحقوق المهنية، واختصر الجدل فى كلمتين البدل أو الحرية أو بالأحرى المال أو الكرامة.
وهذه الإشكالية الوهمية تم التسويق لها منذ سنوات طويلة للسيطرة على نقابة الصحفيين والنقابات المهنية الأخرى.
هذه الإشكالية الوهمية تفترض أن هناك تعارضاً بين الحفاظ على الحقوق المهنية للصحفيين من ناحية، ومصالحهم المالية والاجتماعية من ناحية أخرى.
ولو فكر الصحفيون المؤمنون بهذه الإشكالية مليا، لاكتشفوا حجم الخدعة التى يتم التسويق إليها وتمريرها.
بداية لا يمكن التفاوض بين نقابة منزوعة الحرية والكرامة وأى مؤسسة من مؤسسات الدولة، ولا يمكن لنقابة ضعيفة تتم الموافقة على اقتحامها أن تحصل على حقوق أعضائها سواء المالية أو الاجتماعية، ولكنها سترضى فى هذه الحالة فالفتات الذى يلقى لها. دون أن يكون لها حق الرفض أو حتى الاعتراض.
ولذلك فإن كرامة النقابة وحماية الحريات هى المدخل الرئيسى والوحيد للحفاظ على كل حقوقنا سواء الحقوق المهنية أو المالية.
ومن هذا المنطق أعتقد أن كل من وافق على اقتحام نقابة الصحفيين لا يمكن أن يكون جديرا بتمثيل الصحفيين أو الدفاع عن حقوقهم.
وكل من هاجم قرارات الجمعية العمومية بعد فضيحة الاقتحام لم يصل بالمهنة إلا لمزيد من الضعف للنقابة والمهنة والصحفيين معا، وتسليم النقابة تسليم مفتاح.
فالمشاكل والسحب السوداء تتكاثف على المهنة من كل المجالات، ولذلك تكتسب هذه الانتخابات أهمية خاصة، ولذلك يجب أن يُحسن كل صحفى الاختيار، ولكى يُحسن الاختيار علينا أن نراجع كل الأوهام التى يحاول البعض الترويج لها. أوهام إن لم نحصل على حقوقنا المالية إلا بالتنازل عن حريتنا أو كرامة المهنة أو الاعتذار عن رفضنا لاقتحام النقابة وماتلاها من توابع حين تسقط هذه الأوهام وحين نتحرر من عقدة البدل.. حين نستبدل نظرية الكفاف والفتات بنظرية حقوقنا المشروعة وندافع عنها.. حين نصون كرامة المهنة.. حين نناضل لإقرار قانون عادل وعصرى للنقابة حين نفعل ذلك سنحصد أضعاف ما يتم الوعد به الآن، لأن الصحفيين لهم حقوق مشروعة أكثر بكثير من البدل الصحفى، وأعتقد أن أولى خطوات إسقاط الأوهام هو أن نطالب بالأصل وهو حقوقنا المالية بدلا من انتظار الهبة أو الفتات من الحكومة.
إسقاط الوهم يبدأ عندما يدرك جميع الصحفيين أن قوة النقابة وقوة واستقلال النقيب ومجلس النقابة هو الضمانة الوحيدة لتحقيق مطالب وأحلام وحقوق الصحفيين.. بدون نقابة قوية عصية على الاقتحام حامية للمهنة ومسيطرة على قوانين النقابة والصحافة.. بدون هذه النقابة قولوا على الصحافة السلام.