قصة أرض مسلمة صمدت أمام طغيان الاحتلال الغربي
إنها الفلبين الأرض المسلمة التي صمدت أمام الطغيان الاستعماري من الإسبان والأميركان..
انتشر الإسلام بصورة كبيرة في الفلبين سنة (800هـ – 1380م) عن طريق الدعاة والتجار عربًا وهنودًا وماليزيين.
ومن هذا التاريخ بدأ الإسلام ينتشر من الشمال إلى الجنوب في الفلبين، ولم يأتِ القرن العاشر حتى كانت الجُزُر كلها تحت سيطرة إمارات مسلمة؛ كإمارة صولو ومانداناو وأمان الله – التي حولها الصليبيون إلى مانيلا- وسلطنة ماكتان.
وقد تم استعمار الفلبين من الإسبان والأميركان واليابان لمدة أربعة قرون؛ اغتصبوا خلاله خيرات البلاد، وعملوا على طمس هوية المسلمين وإبادتهم، ومازالت الحرب قائمة على المسلمين من قبل الحكومة المحلية إلى الآن.
وكانت المرحلة الأولى من استعمار الفلبين هو الاستعمار الإسباني الذي استمر قرابة الأربعة قرون (927- 1376هـ/ 1521- 1898م).
ففي عام (927 هـ= 1521م) وصلت طلائع الصليبيين إلى تلك الجُزُر قادمة من الشرق بقيادة المستكشف التبشيري “ماجلان”، في محاولة لتطويق العالم الإسلامي.
وقد تصدى لها السلطان المسلم لابو لابو أمير ماكتان وقتل ماجلان، وبعد إبادة هذه الحملة وغيرها من الحملات المتكرِّرة بدأ الغزو الإسباني (973هـ 1565م) الفعلي وتمكن الإسبان من السيطرة على الجزر الشمالية والوسطى للفلبين ابتداء من عام 1565م إلى عام 1898م وأجبروا سكانها الوثنيين على اعتناق الدين النصراني, ولم يبق من إمارة مانيلا أي أثر اليوم سوى القلعة التي بناها المسلمون وتحصنوا بها أثناء حربهم مع الإسبان, وسمى الإسبان الجزر التي احتلوها بالفلبين نسبة إلى الأمير فيليب الثانى الذى أصبح ملكا لإسبانيا فيما بعد.
أما بلاد مورو المسلمة في الجنوب الفلبيني فلم تتمكن القوات الإسبانية من السيطرة عليها؛ لأنها مركز تجمع قوات المسلمين وظل المسلمون يجاهدون الإسبان المعتدين إلى أن تم انسحابهم من البلاد؛ إثر هزيمتهم في حرب دارت بينهم وبين أميركا في عام 1318هـ/ 1898م.
وبعدها جرى اتِّفاق سرِّيٌّ بين الولايات المتحدة وإسبانيا، يَقْضِي بانسحاب إسبانيا من تلك الجُزُر ودخول أميركا مقابل خمسة ملايين دولار تدفعها أميركا لها.
وقد تمَّت هذه الاتِّفاقية في باريس، ولما رفضها السكان، ورفضوا حُكْم أميركا من خلال ثورة قاموا بها (1319 هـ= 1901م)، قضت أميركا على الثورة.
وقد انتهجت أميركا في الفلبين سياسات استعمارية متعنتة ضد المسلمين واستمرَّت الحروب بين شعب المورو المسلم وبين أميركا أربعين عامًا، ابتداءً من عام 1899م، ولم تنتهِ هذه الحروب حتى حقَّقت لأميركا مأربها من فرض السيطرة الكاملة على بلاد المورو، ولكنها توقَّفت بوقوع البلاد ضمن الحرب العالمية الثانية وفي أثناء الحرب العالمية الثانية احتَلَّت اليابان الفلبين عام (1360هـ= 1941م)، وطَرَدَت الأميركان.
وقاتل المسلمون اليابانيُّون قتالاً عنيفًا، واشتركوا في كل مراحل النضال واستطاعوا طَرْدَ اليابانيين عام (1364هـ= 1945م)، وقد تآمر نصارى الفلبين في الشمال مع الولايات المتحدة الأميركية لضم بلاد مورو -الجانب الجنوبي المسلم في الفلبين- إلى جمهورية الفلبين الكاثوليكية.
وفي عام 1365هـ/ 4 يوليو سنة 1946م حصلت الفلبين على استقلالها، وتبعا لذلك أصبحت المناطق الإسلامية الجنوبية ضمن جمهورية الفلبين الكاثوليكية التي مارست حكومتها تضييقا واسعا على المسلمين في جنوب الفلبين.