تقرير إسرائيلي يكشف حقيقة استعداد الحكومة للأنفاق في حرب غزة 2014
أصدر مراقب الدولة في إسرائيل تقريرا قال فيه إن حكومة بلاده لم تكن مستعدة لما وصفه بالـ"تهديد الإستراتيجي" الذي مثلته الأنفاق التي أقامتها حركة حماس بين قطاع غزة والأراضي الإسرائيلية في حرب عام 2014. واتهم التقرير بشكل أساسي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه موشيه يعلون بعدم مشاركة المعلومات مع جميع أعضاء الحكومة الأمنية المصغرة.
اتهم مراقب الدولة في إسرائيل الثلاثاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقادة عسكريين بعدم الاستعداد بشكل كاف للأنفاق التي استخدمتها حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة أثناء حرب 2014.
وقال مراقب الدولة يوسف شابيرا في التقرير "كانت المؤسسة السياسية والعسكرية والهيئات الاستخباراتية على علم بتهديد الأنفاق وحتى عرفته بأنه إستراتيجي. ولكن الأفعال التي اتخذت لم تكن على مستوى التهديد".
واتهم التقرير نتنياهو ووزير دفاعه في حينه موشيه يعلون بعدم مشاركة المعلومات بشكل كامل حول الأنفاق مع أعضاء الحكومة الأمنية المصغرة، بل تحدثا بدلا من ذلك باستخدام مصطلحات "عامة ومتفرقة".
الحكومة الأمنية هي مجلس وزراء يديره رئيس الحكومة، وهو مكلف بالمسائل الحساسة، ويشمل الوزراء الإستراتيجيين في الحكومة.
واعتبر التقرير أن الرجلين فشلا في تزويد الوزراء بـ"معلومات ضرورية وأساسية"، تساعد في اتخاذ "قرارات على بينة من الوقائع" حول الوضع في قطاع غزة قبل الحرب.
وأضاف أن "رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق ورئيس الأركان السابق لم يتأكدوا من امتلاك الجيش خططا للقتال في المناطق المدنية مع الأنفاق".
وبدأ شابيرا بإعداد التقرير في سبتمبر 2014، فورا بعد انتهاء حرب غزة التي استمرت قرابة شهرين.
وقد نفى نتنياهو بشكل متكرر هذه الاتهامات، مؤكدا أنه أطلع الوزراء على الوضع بشكل منتظم.
ودافع بعد نشر التقرير عن نتائج العملية العسكرية التي وصفها بـ"النجاح الكبير".
وقال نتنياهو في بيان إن الجيش "وجه لحماس أقسى ضربة تكبدتها منذ تأسيسها. قتلت إسرائيل حوالي ألف إرهابي ودمرت آلاف الصواريخ كما أحبطت محاولات حماس لضرب مدنها بالصواريخ".
وأضاف أن "العبرة الملموسة والحقيقية التي تم استخلاصها من عملية الجرف الصامد تطبق على الأرض بشكل جذري يتحلى بالمسؤولية والهدوء. تلك العبرة لم يذكرها تقرير المراقب".
وكانت الأنفاق أحد أهم الوسائل التي استخدمتها الفصائل الفلسطينية خلال الحرب صيف عام 2014.
وفي إحدى الهجمات المنطلقة من الأنفاق، قتل خمسة جنود إسرائيليين عندما تسلل مقاتل من حركة حماس من نفق قرب كيبوتس ناحل عوز داخل إسرائيل في 29 يوليو 2014.
واستخدمت الأنفاق أيضا داخل القطاع إبان العملية البرية ودخول القوات الإسرائيلية إلى غزة، حيث قتل عدد من الجنود بعد ظهور مقاتلين من حماس منها.
من جهته، أكد زعيم المعارضة الإسرائيلية وحزب العمل إسحق هرتزوغ أن التقرير يظهر مرة أخرى أن "بيبي (لقب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) فاشل في السلام وأيضا في الأمن".
لا تأثيرات بعيدة المدى
ومن المرجح أن يؤدي التقرير إلى خلافات بين نتنياهو وشريكه في الائتلاف الحكومي، وزير التعليم زعيم حزب البيت اليهودي القومي المتطرف نفتالي بينيت.
وقال بينيت إنه لم يتلق هو ووزراء آخرين في المجلس الأمني المصغر معلومات كافية من نتنياهو حول حجم التهديد الذي تشكله الأنفاق، واضطر بذلك إلى استخدام مصادر خاصة في الجيش للحصول على معلومات.
بينما أكد يائير لابيد، وهو وزير مالية سابق من تيار الوسط قام نتنياهو بطرده من حكومته السابقة عام 2014، أن التقرير "يستنتج بوضوح أن دولة إسرائيل بقيادة بنيامين نتانياهو لم تكن مستعدة بشكل جيد لعملية الجرف الصامد".
وبحسب لابيد، فإن الإسرائيليين القاطنين بالقرب من قطاع غزة "يعيشون تحت تهديد الإرهاب المستمر. حماس تشعر أنها قادرة على مواجهة إسرائيل وتظل صامدة. الأسوأ من كل ذلك، هو أنه لم يتم القيام بشيء لضمان عدم تكرار ذلك".
لكن أبدى عدد من المحللين شكوكا حيال أي تأثير واسع للتقرير على الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو. وتعد هذه الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
بدوره، اعتبر أفراهام ديسكين، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس أن التقارير المماثلة لا يكون لديها تأثير بعيد المدى.
وقال إنه لا يتوقع أن يؤدي إلى اضطراب سياسي كبير أو استقالات.
وأضاف أن "التقرير لن يتسبب بوقوع زلزال (...) من الناحية السياسية، بالطبع هناك الكثير من الضجيج الآن لكن في غضون شهر، سننسى كل شيء".
وتعبر الأنفاق تحت الجدار الذي يغلق بإحكام الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة، وكانت إحدى الأسلحة الأكثر فاعلية للفصائل الفلسطينية.
وأبرز هدفين للعملية الإسرائيلية كانا وقف إطلاق الصواريخ وتدمير الأنفاق. وكانت العملية الثالثة من نوعها في قطاع غزة خلال ست سنوات.
وأعلن الجيش أنه دمر أكثر من 30 نفقا عام 2014. وتؤكد حماس أنها تواصل حفر الأنفاق.
واستمرت حرب صيف 2014 خمسين يوما وكانت الأطول والأكثر دموية ودمارا بين الحروب الثلاث على القطاع منذ سيطرة حركة حماس عليه عام 2007.
وأسفرت الحرب عن سقوط 2251 قتيلا من الفلسطينيين بينهم 551 طفلا بحسب الأمم المتحدة. وفي الجانب الإسرائيلي قتل 74 شخصا بينهم 68 جنديا.