سارة إبراهيم تكتب: فقط في مصر.. "أبو تريكة" يشوط و"ميسي" يجيب الجون!
من سخرية القدر التي نواجهها في بلدنا الحبيب مصر، أن يُقفل بابها في وجه نجم كرة القدم المعتزل، وصاحب الجماهيرية الكبيرة في العالم العربي، محمد أبوتريكة، بينما تفتح مصر أبوابها للأرجنتيني ليونيل ميسي، نجم فريق برشلونة، وتستقبله بموكب تشريفي وحفل ضخم لم يُقم مثله لمنتخبنا القومي، عند عودته من بطولة كأس الأمم الأفريقية، بعدما بث روح الوحدة والسعادة في قلوب الملايين من الشعب المصري.
تلقى منذ ساعات، الكابتن محمد أبوتريكة،
نجم المنتخب المصري والنادي الأهلي، خبر وفاة والده، وبرغم أن رحيل الأب "يكسر
الضهر" كما يقال في مجتمعنا، كان حزن من نوع آخر يصيب قلب حبيب الملايين أبوتريكة،
الاسم الذي شكّل قدوة ومثل أعلى للكثير من أبناء هذا الجيل، والقدم الذهبية التي سددت
أهداف في معظم المباريات والبطولات الدولية، نجده حاليا حبيس غربته بعدما اتهمته الأجهزة
الأمنية في مصر بتمويل الجماعة الإرهابية، فكيف لشخص أسعد قلوب ملايين المشجعين أن
يكون إرهابيا!.
بالرغم من اعتماد ممارسة الرياضيات الجماعية
على روح التنافس الشريف، تعتمد السياسة على روح التنافس الغير شريف بالمرة، فالصوت
الأعلى هو الأصدق دائما، وهو ما وجدناه في اتهام أبو تريكة، بالانضمام إلى الجماعة
الإرهابية دون دليل واضح، ليصبح الأمر مثله مثل عشرات الأمور التي يجهلها الشعب المصري
ويعرفها المسؤولون فقط، ويثير بعضها جدلا واسعا واهتمام كبير من وسائل الإعلام، ثم
يُنسى الأمر وكأن شيئا لم يكن.
نعود مرة أخرى لحديثنا عن "أبوتريكة"
الذي بالرغم من نجوميته الكبيرة في الوسط الرياضي، فهو أيضا إنسان يشعر بالحزن على
فراق والده، ويتكبد الآلام لعدم توديعه قبل تشييعه إلى مثواه الأخير، فنحن أمام حالة
إنسانية بحتة، دون أية حسابات سياسية أو شخصية، فمن المشين أن يُمنع أبوتريكة من دخول
مصر، أو يُهدد بالقبض عليه عند وصوله لمطار القاهرة الدولي، لا يمكن أن تصير مصر قاسية
على أولادها لهذا الحد، وتختزل التاريخ الكروي الطويل لأبوتريكة في اتهام كاذب.
وفِي النهاية، لا يمكن أن ينكر أي شخص أن
محمد أبوتريكة، كان وما زال رمزا من رموز الرياضة المصرية والعالمية، وسيظل صاحب فضل
برفع اسم مصر في الكثير من دول العالم، فهو أعطى ومن الواجب أن يجد مقابل بتكريمه في
بلده، ووجوده وسط الجماهير العاشقة له، والذين إذا أتيحت لهم الفرصة سيكونوا خير مدافعا
عنه أمام العالم، ولا يمكن أن ننسى أنه أعلن اعتزاله للمرة الأولى عام ٢٠١٢، حزنا ودعما
لشهداء الحادث الأليم الذي شهده ستاد بورسعيد لكرة القدم، من مشجعي النادي الأهلي.