العرب اللندنية: أمريكا تستعد للتدخل البري في سوريا
قالت صحيفة العرب اللندنية، إن مراقبون رصدوا تدافع الإشارات التي تحضر لتغير في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية المعتمدة لمحاربة تنظيم داعش في سوريا.
ولفت المراقبون وفقا للصحيفة إلى مجموعة مقالات
بدأت تنشرها الصحافة الأمريكية تتحدث عن خيارات جديدة تعدّها واشنطن لتسريع عمليات
القضاء على التنظيم الإرهابي، على نحو يُعِدُ الرأي العام الداخلي إلى تدخل أميركي
مقبل أكثر تطورا، لا سيما في شمال سوريا.
ورجح هؤلاء أن تكون زيارة وزير الدفاع الأمريكي
جيمس ماتيس المفاجئة مؤخرا إلى العراق، والجولة التي قام بها قائد القيادة المركزية
الأمريكية الجنرال جوزيف فوتيل إلى المنطقة، إضافة إلى الزيارة السرية التي قام بها
السيناتور الجمهوري جون ماكين إلى شمال سوريا، تعبيرا عن ورشة سياسية عسكرية أميركية
شاملة للوصول سريعا إلى الخلاصات المؤاتية لمكافحة داعش.
واللافت في هذا الإطار ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز
الأمريكية عن الجنرال فوتيل عن إمكانية توسيع المشاركة العسكرية للقوات الأمريكية في
سوريا، والتي يصل عددها حاليا إلى 500 عنصر من القوات الخاصة.
ورأى فوتيل أنه “قد يكون علينا أن نتحمل العبء الأكبر”
في هذه الحرب، في إشارة إلى استعادة مدينة الرقة من داعش، ورغم أن النقاش لم يصل إلى
خلاصات نهائية، بيد أن بعض المعلومات تحدثت عن إمكانية تخلي الإدارة الأمريكية الحالية
عن تسليح القوات الكردية “حماية الشعب” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره
تركيا تنظيما إرهابيا تابعا لحزب العمال الكردستاني.
ويعتبر هذا الخيار مناقضا لخيار الإدارة السابقة
برئاسة باراك أوباما التي شددت على مفصلية الدور الكردي واعتباره الوحيد القادر على
خوض معركة تحرير الرقة.
وكانت تركيا قد رفضت مشاركة قوات سوريا الديمقراطية
(الكردية العربية) والتي رفعت واشنطن مستويات تسليحها مؤخرا، مقترحة قيام المعارضة
السورية المعتدلة المدعومة من الجيش التركي بالقيام بهذه المهمة.
وزار مدير وكالة المخابرات الأمريكية مايك بومبيو
أنقرة في التاسع من فبراير الجاري لمناقشة الأمر دون أن ترشح معلومات عن فحوى المحادثات.
وترى مصادر أميركية مطلعة أن الإدارة الأمريكية
قد تكون أخذت برأي السفير الأمريكي في أنقرة جون باس، كما بعض كبار المسؤولين الأمركيين
الذين حذروا من خطأ الخيار الكردي لتعارضه مع مصالح تركيا، ما يمكن أن يقوّض جهود واشنطن
العسكرية ضد داعش في الرقة.
لكن مصادر عسكرية وفقا للصحيفة، متمسكة بالخيار الكردي
تشكك في إمكانات التحالف العسكري ما بين المعارضة السورية وتركيا الذي يواجه صعوبات
في معركة الباب.
واستغرب بعض المراقبين ما كشفته صحيفة وول ستريت
جورنال الأمريكية الأربعاء من أن السناتور ماكين قد التقى، أثناء زيارته السرية إلى
شمال سوريا، بقادة من حزب الاتحاد الديمقراطي في مدينة عين العرب (كوباني)، ورأوا في
ذلك إشارات ملتبسة تعكس عدم نضج الخيارات النهائية الأمريكية في شأن العلاقة مع الأكراد
في هذه المنطقة.
لكن مراقبين آخرين رأوا في ذلك أيضا بداية سعي أميركي
لاحتواء الأكراد داخل التحولات الأمريكية المحتملة.
ويقول الخبير في العلاقات الدولية سامي نادر إن
هناك ملامح تشير إلى تغير الموقف الأمريكي بالشأن السوري عبر التقرب من تركيا.
وقال نادر في تصريح لـ”العرب” إن “الرئيس الأمريكي
سيستمر في دعم الأحزاب الكردية ولكن مع كبح جماحها ونزعتها الانفصالية التي تقلق تركيا”.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى دراسات صدرت
عن مركز بحثي تابع للبنتاغون شدد على أنه “لا بد من احتواء الأكراد بطريقة لا تقلق
الأتراك مع استمرار دعمهم في المعارك ضد داعش”.
ويؤكد نادر أن الإدارة الأمريكية ستعمل على “منع
إغضاب المكون العربي والسني في المناطق التي سيتم تحريرها من داعش، وذلك بكبح النفوذ
الكردي في تلك المناطق بنفس الوقت”.
ورغم أن دور القوات الأمريكية في سوريا اقتصر على
الإسناد المدفعي واللوجستي والمعلوماتي، إلا أن الجنرال فوتيل ألمح إلى أنه “قد نضطر
في مرحلة معينة من الحرب في الرقة إلى أن نعتمد على قواتنا بدل الاعتماد على قوة الشركاء”،
ما فهمه المراقبون بأنه تمهيد لإمكانية تدخل أميركي واسع في الشمال السوري.
وتكشف مصادر أميركية مطلعة أن مهلة الـ30 يوما التي
منحها الرئيس دونالد ترامب لوزارة الدفاع الأمريكية للخروج بخطة للقضاء على داعش قاربت
على النفاذ، وأن أجهزة البنتاغون بدأت تسرّب أعراض الخطة العتيدة.
ورغم أن فوتيل يتحدث عن توسيع المشاركة البرية،
لكنه يضع ذلك في إطار الضرورة بقوله “نريد استقدام ما هو ضروري، فإذا ما احتجنا للمزيد
من المدفعية فسيكون الدعم بحجم ما تطلبه العمليات العسكرية”، مؤكدا أنه لن يوصي بانتشار
أميركي واسع في المنطقة.
وتوقعت صحيفة واشنطن بوست أن يقطع الرئيس ترامب
المساعدات عن المعارضة السورية. واستندت الصحيفة على ما كشفته وكالة رويترز عن تعليق
وكالة المخابرات المركزية مساعداتها التي تشمل أجورا وتدريبا وذخيرة وحتى صواريخ موجهة
مضادة للدبابات، لفصائل المعارضة المسلحة في شمال غرب سوريا.
وأوضحت أن التعديلات التي ستأتي بها خطة البنتاغون،
قد تؤدي أيضا إلى تخلي إدارة ترامب عن الاعتماد الحصري على وحدات حماية الشعب الكردية
في معركة الرقة ضد داعش.