"مافيا تغيير الملة" لأقباط الزواج الثانى

العدد الأسبوعي

زواج - أرشيفية
زواج - أرشيفية

الأسعار تبدأ من 20 لـ100 ألف جنيه

■ الراغبون فى الطلاق كانوا يلجأون للكنيسة اللبنانية لكنها وضعت إجراءات صارمة أبرزها ممارسة المتحولين لشعائرها الدينية

■ بعض القضاة يشترطون خاتم الكنيسة ومديرية الأمن على الأوراق وتعديلات لائحة 38 أسهمت فى انتعاش الظاهرة


ليس أمام أى قبطى أو قبطية أرثوذكسية التخلص من شريك الحياة المريض أو النكدى إلا بالخروج من الملة ومفارقة دينهما الذى استقبلا الحياة به، لأن مذهبهما الأرثوذكسى لا يعترف بالطلاق إلا إذا ثبتت خيانة أحد الزوجين ووقوعه فى خطيئة الزنى، أما أى وسيلة أخرى فأقرب للمستحيل، خصوصاً أن الكنيسة لا تعترف بأحكام المحاكم بالطلاق، ولأن أى زواج جديد لا يتم إلا بمباركة الكنيسة، وقد تستغرق هذه الخطوة 10 سنوات.

يلجأ الأرثوذكس إلى تغيير الملة للهروب من حياة زوجية بائسة بالسفر إلى لبنان والحصول على شهادة بتغيير ملتهم من الكنيسة الإنجيلية هناك، حيث يتم تقديم هذه الشهادة إلى المحكمة لإثبات الحالة الدينية الجديدة، وهو ما لفت انتباه الكنيسة اللبنانية فوضعت إجراءات صارمة للتأكد من صدق رغبة المتحولين والتأكد من ممارستهم الشعائر الدينية، لمدة سنتين أو سنة على الأقل وذلك حسب قول القس رفعت فكرى، رئيس قسم الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية، ما دفع بعض الأقباط إلى الحصول على شهادة بتغيير الملة مقابل دفع من 20 إلى 100 ألف جنيه حسب ظروف كل حالة، خصوصاً أن القاضى الذى يعتمد عملية تغيير الملة يطلب شهادة تحركات للتأكد من سفر صاحب الطلب.

ويلجأ الراغب فى تغيير ملته إلى وسيط يكون حلقة الوصل بين الراغب فى زواج جديد والقس الذى يقوم بهذه المهمة دون أن يذهب الشخص بنفسه إلى الكنيسة، حتى لا يتم الكشف عن شخصية القس المتورط فى العملية، وزيادة فى الاحتياط يستعين القس برجل دين آخر لتوقيع شهادة تغيير الملة حتى لا يتعرض للطرد من الكنيسة وذك مقابل نصف ما يحصل عليه القس الأصلى.

أحد الوسطاء قال لـ«الفجر» إن أسعار شهادة تغيير الملة تبدأ من 20 ألفاً وتصل إلى 100 ألف وتختلف الأسعار من كنيسة لأخرى، ومن قس لآخر، وحسب نصيب الوسيط من الطرفين، مشيراً إلى أن كنيسة الروم الأرثوذكس بالإسكندرية تعتبر أكثر الكنائس المعروفة بإعطاء هذا النوع من الشهادات مقابل مبالغ مالية، كما أنها تعتبر الأرخص، منبهاً إلى أن تكلفة الشهادة تختلف حسب الأختام الموجدة بالشهادة، حيث يتراوح سعر الشهادة التى تتضمن أختام الكنيسة فقط من 20 لـ35 ألفاً ولكن السعر يصل لـ100 ألف فى حال وجود خاتم الكنيسة ورئاسة الطائفة ومديرية الأمن، ووضع تاريخ يعود لسنة ماضية على الشهادة حتى تعتمدها المحكمة.

وأوضح الوسيط أن القاضى يكتفى للأخذ بشهادة تغيير الملة بخاتم الكنيسة، لكن بعض القضاة يشترطون خاتم رئاسة الطائفة ومديرية الأمن، وهو ما رفع سعر الشهادة الأخيرة لـ100 ألف وقد يلجأ البعض إلى الهروب من الدائرة المنظور فيها القضية.

وأكد الوسيط أن الطريق القانونى هو الأصعب والأطول حيث يلجأ الطالب إلى تقديم طلب انضمام للكنيسة المراد تغيير الملة إليها ويكون فتح الباب مرة كل عام وخلالها يجب أن يواظب على الصلاة فى تلك الكنيسة لمدة عام كامل حتى يحصل على شهادة تغيير الملة، وفى هذه الحالة يحصل عليها مجاناً، وبعدها يرفع قضية الطلاق أو الخلع حيث ترسل المحكمة إنذاراً إلى الكنيسة التى تم تغيير الملة منها يفيد بأن مقيم الدعوة غير ملته.

والوسيط أوضح أن إلغاء البابا الرحل شنودة الثالث لمادة الهجر من لائحة 38، هو ما تسبب فى ظهور حالات تغيير الملة، لأنه رفض منح الأقباط تصاريح بالزواج الثانى إلا لعلة الزنى، فلجأ الكثيرون للتحايل للهروب من الأرثوذكسية.

واضطرت «م.ع» ، 28 سنة، منفصلة فعلياً عن زوجها منذ 5 سنوات بسبب خلافات بينهما، ولم تتمكن من الانفصال فقامت بالانضمام إلى الطائفة الإنجيلية لتتمكن من تقديم هذه الشهادة إلى المحكمة والتى ستتحرى عن صحة الشهادة من خلال الاستعلام فى الكنيسة الأرثوذكسية التى ترسل بدورها شهادة تؤكد أن السيدة غيرت ملتها بالفعل، فتطلب المحكمة من مقيمة الدعوى إرفاق شهادة ممارسة الطقوس الدينية من طائفتها الجديدة، قبل إعلان بطلان الزوج ما يمكن الزوجة من الزواج من جديد.

البعض يظل حبيس الزواج الأرثوذكسى، لعدم قدرته على دفع مقابل الشهادة، حيث لم تتمكن فيفيان من التخلص من زوجها بعد 9 سنوات من هجره لها فلم تتمكن من إقامة دعوى خلع لعدم امتلاكها المبلغ اللازم للحصول على شهادة تغيير الملة، خصوصاً مع عدم قدرتها على المواظبة على حضور الصلوات بالكنيسة التى ترغب فى الانضمام إليها.

أما جابر النخيلى، 47 سنة، صاحب مكتب لتعليم قيادة السيارات، فقضى 10 سنوات كاملة بين أبواب الكنيسة والمحاكم ليتمكن من الانفصال عن زوجته بعد نشوب خلافات عديدة بينهما واستحالة استمرار هذا الزواج، فلجأ إلى الانضمام إلى الكنيسة الإنجيلية ليتمكن من الانفصال.

النخيلى قال لـ«الفجر» إن تكلفة شهادة تغيير الملة تصل لـ25 ألف ليحصل على ورقة مختومة من الكنيسة تفيد بتغيير ملته ليقدمها إلى المحكمة التى لا تعترف سوى بالشهادة المقدمة من الكنيسة بمصر، ولا تعترف بشهادات كنائس لبنان، ويستند القاضى فى رفض هذه الشهادات إلى أن مقدم الشهادة لا يمكن أن يمارس الشعائر الدينية باستمرار فى دولة أخرى غير بلده فيطلب القاضى شهادة تحركات.

وحسب هانى عزت، رئيس رابطة منكوبى الأحوال الشخصية للأقباط، فإن تغيير الملة أصبح مكلفاً للغاية ما يتعتبر عائقاً أمام كثيرين من الأقباط، الذين ينتظرون تعديلات قانون الأحوال الشخصية للأقباط، لأنه الأمل الوحيد أمامهم.

القس رفعت فكرى، رئيس قسم الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية، قال إن التعديلات المتوقعة على قانون الأحوال الشخصية للأقباط لا تتضمن مواد لحل مسألة الطلاق خاصة أن الكاثوليك والأرثوذكسية يضعان شروطاً صارمة فى هذه المسألة.

وقال محمد العزب، محام متخصص فى دعاوى الأحوال الشخصية: إن 90% من دعاوى الخلع والطلاق للأقباط تحصل على أحكام قضائية بالقبول لكن لا تنفذ الكنيسة سوى 5% فقط منها، لذا تبقى تغيير الملة هى الوسيلة الوحيدة أمام الراغبين فى مفارقة أزواجهم، مشيرا ًإلى أن معظم الأحكام القضائية بالطلاق أو الخلع لا تنفذ كنسياً فيضطر مقيم الدعوى إلى إقامة دعوى إثبات علاقة زوجية بتحرير عقد زواج عرفى وتوثيقه بالشهر العقارى بعد تغيير ملته من طائفة لأخرى والتأكد من أن الزوجة تتبع ملة مغايرة للملة الجديدة للزوج وفى هذه الحالة تحكم المحكمة لصالح المدعى.

وأضاف وجيه نصيف، محام متخصص فى دعاوى الأحوال الشخصية، إن تعديلات قانون الأحوال الشخصية تشمل أن يصدق القضاء على الأحكام التى تصدرها الكنيسة وليس العكس وذلك بعد السماع للزوج والزوجة وإثبات أحقيتهم فى التطليق ويتم عمل توصية للتصديق على القرار من قبل المحكمة.