العرب اللندنية: الإخوان تخشي قرار أمريكي سيقلب المشهد السياسي في المنطقة
قالت صحيفة العرب اللندنية، إن إستراتيجية الإدارة الأميركية الجديدة تقض مضاجع تنظيمات إسلامية في الشرق الأوسط، باتت تخشى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وهو ما سيقلب المشهد السياسي رأسا على عقب في بلدان عربية يلعب التنظيم في بعضها دورا محوريا، ووصل في البعض الآخر إلى الحكم.
وتابعت
الصحيفة خلال تقريرا لها: في المغرب، حيث يكافح حزب العدالة والتنمية الإسلامي لتشكيل
الحكومة، من المرجح أن يضع القرار الأميركي حدا لتوازن سياسي مازال هشا، وسيقوض مصداقية
الإسلاميين الذين يشكلون كتلة مؤثرة في البرلمان الأردني، وسيضع حركة النهضة التونسية
في مأزق.
وتحاول
إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنهاء أكثر من عقد من سياسة أميركية صنعت من الإخوان
المسلمين بديلا سياسيا عن أنظمة عربية تقليدية، لطالما كانت حليفا للولايات المتحدة.
وتسببت
هذه النظرة الأميركية في نفور غير مسبوق بين واشنطن وحلفائها، الذين اتخذوا خطوات عدة
إلى الوراء في اتجاه معاكس لمصالح الولايات المتحدة، في مرحلة ضبابية من تاريخ المنطقة
الحديث.
وانتهجت
إدارة الرئيس السابق باراك أوباما نهجا يقوم على استنتاجات أكاديمية، وباتت أسيرة لأفكار
تقليدية انتشرت في الغرب منذ نجاح أحزاب مسيحية أوروبية معتدلة في الوصول إلى الحكم.
ويعتقد
كثيرون في الولايات المتحدة أن من الممكن تكرار تجربة الأحزاب الدينية الأوروبية في
مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، في منطقة الشرق الأوسط.
ومن
بين هؤلاء شادي حميد، الباحث في معهد بروكينغز الأميركي للدراسات، الذي قال إن “تصنيف
الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية سيغذي دعاية تنظيم داعش بأن الغرب يحارب الإسلام،
وأن العمل من داخل مؤسسات الدولة لا معنى له”.
ويسعى
التنظيم الدولي للإخوان المسلمين إلى الاحتماء خلف تابوهات الغرب تجاه الإسلام، في
منطقة عربية يتزاوج فيها الدين مع السياسة إلى حد كبير.
ويقول
إيريك تراغر، الباحث المتخصص في شؤون الإسلام السياسي في معهد واشنطن لدراسات الشرق
الأدنى، إن “الدعاية الكلاسيكية للإخوان المسلمين تقوم على ترويج أن منع الجماعة أو
تهميشها أو تصنيفها كتنظيم إرهابي سيؤدي إلى ارتفاع منسوب العنف. إننا معتدلون”.
وأضاف
“بالطبع الإخوان المسلمون لا يعرفون شيئا عن الاعتدال، هم جماعة متعصبة وإقصائية ومستبدة
وتروج للعنف. اقرأ موقعهم الإلكتروني وشاهد مقاطعهم المصورة”.
وتختفي
أيديولوجيا التشدد خلف ستار من البراغماتية يلجأ إليه التنظيم في عدة دول عربية تنتهج
سياسة “لف الحبل بالتدريج على رقبة الجماعة”، التي مازالت تملك طموحا سياسيا للوصول
إلى الحكم. وانتهت تجربة الجماعة الأم في مصر باحتجاجات شعبية حاشدة أدت إلى إطاحة
الجيش في يوليو 2013 بالرئيس المنتمي إلى التنظيم محمد مرسي.
وفي
الأردن بات الإخوان المسلمون جزءا من واقع مرتبك، إذ مازال التنظيم يهيمن على صفوف
المعارضة رغم نجاح الحكومة في قصمه من الداخل. وسيؤدي تصنيف الإخوان تنظيما إرهابيا
إلى “خنق الجماعة” دون أي تدخل رسمي.
ويقول
مراقبون إن دولا داعمة للتنظيم انسحبت من سباق البحث عن دور إقليمي عبر استخدام التنظيم
كـ”حصان طروادة” يمكن عبره كسب نقاط إستراتيجية في دول مازال يتمتع فيها بنفوذ مؤثر.
وسلمت
قطر، المتهمة بتمويل أذرع الإخوان المسلمين في مصر وتونس وليبيا والأردن، الملف بأكمله
لتركيا، إذ باتت تسيطر عليها مخاوف من ردود أفعال ترامب غير المتوقعة.
وفي
شمال أفريقيا، يدرك داعمو الإخوان أن تصنيف الجماعة منظمة إرهابية سيمنح زخما كبيرا
لقائد الجيش الليبي خليفة حفتر في الانتصار على ميليشيات تابعة للتنظيم في معركة على
دعم دولي يمثل مدخلا للشرعية على حدود أوروبا الجنوبية.وسيقضي على طموحات بات تحقيقها
قاب قوسين أو أدني لحركة النهضة التونسية في الوصول إلى الحكم، ضمن تجربة ديمقراطية
فريدة يرعاها الغرب.
وسينتهي
أي حلم يراود الجماعة في مصر بشأن أجل قلب موازين القوى الداخلية، وبدء رحلة جديدة
نحو إعادة تأهيل التنظيم كبديل محتمل لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي.
ويقول
تراغر “لنفترض أن الإخوان المسلمين يسعون للوصول إلى الحكم عبر الانتخابات، العديد
من الأكاديميين والمحللين يتجاهلون ما الذي تخطط الجماعة لفعله بعد أن تصل إلى الحكم،
ويصرون على الوقوع في فخ أفكار مغلوطة مفادها أن الانتخابات تساوي الاعتدال”.
ولم
يسهم التضييق على الإخوان المسلمين في اكتساح تنظيم داعش الذي استولى على مساحات شاسعة
من الأراضي في العراق صيف عام 2014، كما لم يؤثر على تمكنه من التحول من تنظيم يقود
حرب عصابات، إلى شبه دولة تقوم على مؤسسات رئيسية.
ويقول
مراقبون إن العكس حدث في ليبيا، إذ ساهم التساهل مع الإخوان المسلمين في تحول ليبيا
إلى محطة داعش في شمال أفريقيا بعد تمكنه من السيطرة على مدينة سرت، قبل أن يخسرها
أواخر العام الماضي.