59 عاما على قيام الجمهورية العربية المتحدة بين "مصر وسوريا".. يوم أن توحد الشقيقين
"لقد قامت دولة كبرى في هذا الشرق ليست دخيلة فيه ولا غاصبة، ليست عادية عليه ولا مستعدية، دولة تحمى ولا تهدد، تقوى ولا تضعف، توحد ولا تفرق، ترد كيد العدو".. هكذا أعلن الراحل جمال عبد الناصر، الجمهورية العربية المتحدة، الاسم الرسمي للوحدة المصرية السورية، التي أعلنت في مثل هذا اليوم 22 فبراير 1958، بتوقيع ميثاق الجمهورية المتحدة من قبل الرئيسين السوري شكري القوتلي و"عبدالناصر" واختير عبدالناصر رئيسًا والقاهرة عاصمة للجمهورية الجديدة، فيما تم منح "القوتلي" وسام المواطن الأول في الجمهورية العربية المتحدة.
الوحدة.. حلم السوريين
ولم تكن الوحدة العربية، وليدة اللحظة، فقد طالب مجموعة من الضباط السوريين، مرارًا وتكرارًا بها، حيث قام قادة حزب البعث العربي الاشتراكي بحملة من أجل الاتحاد مع مصر، إلا أن جمال عبد الناصر لم يكن متحمسًا لوحدة عضوية مع سوريا، ولم يكن يطمح لإدارة شؤون سوريا الداخلية حتى لا يرث مشاكلها، ولكن السوريون دفعوه إلى الموافقة على قيام الجمهورية العربية المتحدة.
"عبد الناصر" يحقق حلم السوريين
ولم يكن أمام "عبد الناصر"، إلا أن يحقق حلم السوريين، وساعده على ذلك سعيه لتحقيق حلم الترابط العربي منذ توليه رئاسة مصر عام 1954.
توقيع ميثاق الوحدة
وفي 22 فبراير 1958، تم توقيع ميثاق الجمهورية المتحدة من قبل الرئيسين السوري "شكري القوتلي"، والمصري "جمال عبد الناصر"، وحينها اختير الزعيم رئيسًا والقاهرة عاصمة للجمهورية الجديدة.
مواد دستور 58 الخاصة بالوحدة
وبعد توقيع ميثاق الجمهورية لوحدة الأراضي المصرية السورية، تحددت المادة الأولى من الدستور ٥٨، شكل الدولة فتعرفها بأن الدولة الجمهورية العربية المتحدة، جمهورية مستقلة ذات سيادة وشعبها جزء من الأمة العربية.
يقتصر الحديث عن الحريات في مادة واحدة من مواد الدستور هي المادة العاشرة التي تنص على أن الحريات العامة مكفولة في حدود القانون.
يعطي الدستور سلطة مطلقة لرئيس الجمهورية فهو رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة والوزراء مجرد منفذين للسياسة العامة ويقضي دورته يصيغها رئيس الدولة، وهو الذي يدعو مجلس الأمة للانعقاد ويفضى دورته وله حق حل المجلس وتشكيل مجلس جديد، وله حق اقتراح القوانين والاعتراض عليها وإصدارها ولا يحق لمجلس الأمة إلغاء أي قرار أو قانون يصدره رئيس الدولة إلا بأغلبية الثلثين، وله حق إعلان حالة الطوارئ.
توحيد برلماني البلدين
وفي عام 1960 تم توحيد برلماني البلدين في مجلس الأمة بالقاهرة، وألغيت الوزارات الإقليمية لصالح وزارة موحدة في القاهرة أيضًا.
قرارات مهدت للانفصال
واستمرت الوحدة المصرية السورية ثلاث سنوات فقط، وكان هناك قرارت ومواقف مهدت للانفصال، كقيام جمال عبدالناصر بتأميم البنوك الخاصة، والمعامل والشركات الصناعية الكبرى، ونزوح الكثير من العمال المصريين إلى مدن الإقليم الشمالي، واختلال توازن قوى العمل، وتأثير الوحدة على التعددية السياسية في سوريا، حيث ادعت قوى الانفصال أن المصريين عمدوا إلى تسريح أفضل الضباط السوريين من الجيش ليحكموا السيطرة على البلاد ويعزلوا القوى السورية عن المناصب الحساسة.
إنهاء الوحدة
ولم تستمر الوحدة المصرية السورية طويلًا، حيث استغرقت ثلاث سنوات فقط، وأنهيت الوحدة بانقلاب عسكرى في دمشق يوم ٢٨ سبتمبر ١٩٦١، وأعلنت سوريا "الجمهورية العربية السورية"، بينما احتفظت مصر باسم "الجمهورية العربية المتحدة" حتى عام ١٩٧١ حيث سميت باسمها الحالي جمهورية مصر العربية.
إنجازات الوحدة
كان أول إنجازات الوحدة المصرية السورية في سوريا تأمين المجتمع ضد التدخلات والضغوط الأجنبية وتداعيات تفاقم نزاعات قواه السياسية والعسكرية، إضافةً إلى السير على طريق الاشتراكية ورفض منطق الاقتصاد الحر وتبني سياسة التوجيه الاقتصادي وتحرير النشاط المالي من السيطرة الأجنبية والرأسمالية وإنهاء احتكار القلة المالكة بقوانين الإصلاح الزراعي والعلاقات الزراعية.