فتوى مجلس الدولة : عدم أحقية رئيس البنك فى الحصول على أرباح العاملين بالبنك

أخبار مصر


انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع برئاسة المستشار الدكتور/ حمدي محمد الوكيل- النائب الأول لرئيس مجلس الدولة إلي عدم أحقية كل من رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك التعمير والإسكان ونائبه فى الحصول على حصة من الأرباح المقررة للعاملين بالبنك، ووجوب رد جميع المبالغ التى حصل عليها رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للبنك المذكور، إبان تمثيله لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أياً كانت طبيعتها، أو تسميتها، أو الصورة التى أديت بها بما فى ذلك مقابل المزايا العينية إلى الهيئة المذكورة، وذلك عدا المبالغ التى صرفت له مقابل قيامه بأعمال العضو المنتدب، أو تلك التى صرفت له مقابل نفقات فعلية متى كان صرفها فى حدود القواعد والنظم المعمول بها فى البنك المذكور.

وصرح السيد المستشار/ شريف الشاذلي -نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المكتب الفنـى للجمعية العمومية- أنه قد تكفلت المادة (53) - من النظام الأساسى للبنك كشركة مساهمة - ببيان كيفية توزيع أرباح البنك الصافية بعد خصم جميع المصروفات العمومية، والتكاليف الأخرى حيث اختصت الموظفين، والعمال فى البنك بنسبة مئوية من الأرباح توزع عليهم طبقاً للقواعد التى يقترحها مجلس إدارة البنك وتعتمدها الجمعية العمومية له، واختصت مجلس الإدارة بنسبة مئوية من الأرباح تصرف لهم كمكافأة، وحددت باقى توزيعات الأرباح على سبيل الحصر حيث لا يختلط نصيب فريق من هؤلاء بأولئك، وبهذا التحديد الدقيق يستحق كل من جرى عليه وصف الموظف أو العامل بالبنك حصته من النسبة المخصصة لطائفة الموظفين، والعمال، وكذلك الأمر فيما يتعلق برئيس وأعضاء مجلس الإدارة بالنسبة لحصتهم من الأرباح والتى تصرف لهم فى صورة مكافأة سنوية.

وتبين للجمعية العمومية فى تحديد مدى جواز تقاضى رئيس مجلس إدارة البنك ونائبه حصة من أرباح العاملين بالبنك يتوقف على تحديد التكييف القانونى لعلاقة رئيس، وأعضاء مجلس الإدارة بالبنك فى هذا الخصوص، وأنه قد بات الأمر مستقراً إفتاءً وقضاءً على أن تلك العلاقة هى علاقة وكالة، وهو ما أكده النظام الأساسي لبنك التعمير والإسكان فى المادة (32) بالنص على ألا يتحمل أعضاء مجلس الإدارة أى التزام شخصي فيما يتعلق بتعهدات البنك، بسبب قيامهم بمهام وظائفهم ضمن حدود وكالتهم، وفى المادة (58) بالنص على انتهاء وكالة مجلس الإدارة بتعيين المصفين، ذلك أن مجلس الإدارة يقوم بإدارة الشركة، أو البنك بالنيابة عن الشخص الاعتبارى، ولما كان من العسير على مجلس الإدارة أن يقوم بهذه الإدارة بطريقة جماعية بصفة دائمة، فإنه يقوم باختيار أحد أعضاء المجلس للقيام بأعمال الإدارة اليومية؛ فيوقع الأوراق، ويشرف على الموظفين، وغير ذلك مما تقتضيه ضرورات الإدارة اليومية، ويسمى هذا العضو بالعضو المنتدب، والذى يقوم بأعماله بصفته وكيلاً عن مجلس الإدارة، وتتحدد سلطاته بما ورد فى القانون والتوكيل الصادر له من هذا المجلس، ولذلك فإن العضو المنتدب، هو وكيل عن مجلس الإدارة وليس موظفاً فى البنك، أو الشركة.

وحيث إن رئيس مجلس إدارة البنك والعضو المنتدب وكذا نائبه، لا يعدان من الموظفين، أو العمال بالبنك، ولاتسري بشأنهما أحكام التوظف واللوائح الخاصة بهؤلاء العاملين، وإنما تقوم علاقتهما بالبنك على أساس الوكالة، والتمثيل لمجموع المساهمين به، ومن ثم فلايجوز لهما مزاحمة العاملين فى حصتهم المقررة من الأرباح السنوية للبنك التى مُنحت لهم على أساس هذه الصفة ولا ينال من ذلك موافقة الجمعية العامة للبنك على توزيعات الأرباح على العاملين بالبنك بعد تحديدهم، وإدراج رئيس مجلس الإدارة ونوابه والأعضاء المنتدبين ضمن هؤلاء العاملين، فهذه الموافقة لا تصبغ أي نوع من المشروعية على الإجراءات المخالفة للقانون؛ حتى وإن تواتر العمل على ذلك فترة من الزمن؛ ذلك أن مخالفة القانون لمدة طويلة لا يبرر استمراء الاستمرار فى مخالفته، ولا يصلح سنداً لإجازة المخالفة.

ومن حيث إنه عن مدى أحقية رئيس مجلس الإدارة بصفته ممثلاً للمال العام فى الحصول على الأرباح الموزعة على مجلس الإدارة بهذه الصفة، وما إذا كان يجب عليه رد ما صرف له بدون وجه حق إلى الجهة التى يمثلها.

فقد استظهرت الجمعية العمومية من نصوص القانون رقم (85) لسنة 1983المشار إليه، وفقاً لما جرى عليه إفتاؤها، أن المشرع قد فرق فى مجال ما يستحق لممثلى الجهات العامة فى مجالس الإدارة المعنية بين نوعين من المبالغ: الأول: هو ما يستحق لهم من مبالغ ومزايا عينية مقابل أداء مهمة التمثيل بصفة عامة، والثانى: هو ما يصرف لأى من الممثلين مقابل قيامه بأعمال رئيس مجلس الإدارة التنفيذى أو عضو مجلس الإدارة المنتدب، وكذلك ما يصرف له من مقابل نفقات فعلية مؤداة فى صورة بدل سفر، أو بدل أو مصاريف انتقال أو إقامة متى كان صرفها فى حدود القواعد والنظم المعمول بها فى الجهة التى تباشر فيها مهمة التمثيل، وأن المشرع لم يسمح سوى بأيلولة النوع الثانى من الأموال إلى الممثلين دون النوع الأول، دونما شبهة خلط بينهما كما ورد بكتاب طلب الرأي، وعلة ذلك تكمن فى أنها استحقت لقاء عمل تنفيذى حقيقى أداه الممثل، أو نفقات فعلية تكبدها فى سبيل أداء العمل المنوط به، فكان لزاماً إثابته عن هذا العمل واسترداده لما أنفقه فى سبيل إنجازه من أموال، أما عن النوع الأول من الأموال، وهى الأموال التى تئول إلى الجهات العامة من مبالغ ومزايا نقدية وعينية، والتى تستحق لممثليها مقابل تمثيلهم لها فى مجالس الإدارة المعنية، فإن هذه المبالغ تتقرر لعضو مجلس الإدارة، والقاعدة: أن عضو مجلس إدارة الشركة المساهمة يتم اختياره – كأصل عام – بمعرفة الجمعية العامة للشركة، وبمعرفتها أيضاً يتم عزله، ولا سلطان عليها فى ذلك لجهة أخرى. وإذا كان لعضو مجلس الإدارة من الأشخاص الاعتبارية العامة والجهات العامة أن يسند مهمة تمثيله فى مجلس إدارة واحدة أو أكثر من الجهات المعنية لشخص معين من العاملين لديه أو من غيرهم، فإن هذا لا يعنى أن الممثل المختار قد أصبح عضو مجلس الإدارة، وله أن يستأثر وحده بما تجلبه هذه العضوية من مكافآت ومزايا.

ويرجع ذلك إلى أن الممثل المختار ليس بمالك لجزء من رأسمال الشركة يؤهله لاكتساب عضوية مجلس إدارتها. كما أن الجمعية العامة للشركة لم تنتخبه هو لهذه العضوية، فضلا عن أنه يظل دائماً للشخص العام الحق فى عزل ممثله فى مجلس الإدارة، أو إبداله بغيره دون توقف على إرادة الشركة. وعلى ذلك فإن عضوية مجلس الإدارة تظل ثابتة للشخص العام صاحب رأس المال، فهو عضو الجمعية العمومية لمساهمى الشركة التى انتخبته لعضوية مجلس إدارتها، فلا يعدو أن يكون ممثله في مجلس الإدارة هو أداته فى ممارسة العضوية، من خلال ما يرتبط به معه من علاقة عمل إذا كان من العاملين لديه، أو علاقة وكالة إذا كان من غيرهم. وخلصت الجمعية العمومية إلى أنه بحكم هذه العلاقة فإن رئيس مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان بصفته ممثلاً للمال العام لا يستحق سوى أجر عن رابطة عمله أو وكالته تحدده الجهة التى أسندت إليه مهمة التمثيل ، وكذلك المبالغ التى صرفت له مقابل قيامه بأعمال عضو مجلس الإدارة المنتدب، أو تلك التى صرفت له ، مقابل نفقات فعلية متى كان صرفها فى حدود القواعد والنظم المعمول بها فى البنك المذكور، وبالتالى فإنه يجب رد جميع المبالغ أياً كان طبيعتها أو تسميتها أو الصورة التى أديت بها بما فى ذلك مقابل المزايا العينية التى حصل عليها إبان تمثيله لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلى الهيئة المذكورة.