هل تعلم من هو صاحب الشخصية التي حيرت المؤرخين ؟
بعد وفاة المعتضد حاكم مدينة إشبيلية الأندلسية آل الحكم من بعده إلى ابنه أبي القاسم محمد بن عباد، وتلقَّب بالمعتمد على الله، وكان المعتمد يوم أن جلس على كرسي والده فتًى في الثلاثين من عمره، وكان مولده سنة 431هـ أو 432هـ.
وكان ابن عباد فارسًا شجاعًا، وشاعرًا شغوفا بالأدب وعلومه، مشكور السيرة في رعيته، تَلَقَّب بالمعتمد؛ لشدة حبه لجاريته اعتماد، كان مولعًا بالخمر، منغمسًا في اللذات؛ فكان ذلك سبب هلاكه.
يُعَدُّ عصر المعتمد في الأندلس من أشهر عصور الطوائف على الإطلاق، وكان أول عمل اهتم به المعتمد بن عباد أن تدخَّل وبصورة مباشرة في شئون مدينة قرطبة؛ ليحسم الخلاف ويُحَقِّق حلم آبائه في تملُّكها، وهذا ما حدث له بالفعل سنة (462هـ / 1070م)، كما كانت بينه وبين المأمون بن ذي النون – ملك طليطلة وأحد ملوك الطوائف – مساجلات سياسية سيئة.
ولم يقنع المعتمد بن عباد بما تحت يديه؛ إذ طمع في ضمِّ مدينة غرناطة، وهنا اصطدم بعبد الله بن بُلُقِّين حاكمها، ودارت بينهم نزاعات، استنصر فيها المعتمد بن عباد بالأسبان الأعداء على أخيه المسلم، مقابل ما يدفعه من جزية باهظة أثقلت كاهله وكاهل غيره من ملوك الطوائف!!
كما أن المعتمد بن عباد وقع في خصومات مع بني ذي النون أصحاب طُلَيْطِلَة، انتهت بسقوط طُلَيْطِلَة في يد ملك النصارى ألفونسو السادس، ليدفع المعتمد بن عباد ثمن خيانته، وتعاونه مع النصارى ضدَّ ملوك الطوائف؛ إذ هاجم النصارى ممالك الأندلس وأولها إِشْبِيلِيَة وفرضوا عليها الحصار، مما دفع المعتمد نفسه للوقوف أمام ألفونسو السادس وتهديده بالاستعانة بالمرابطين وأميرهم يوسف بن تاشفين.
وبالفعل انتهى الأمر باستدعاء المرابطين من المغرب، وشارك المعتمد مع غيره من ملوك الطوائف في الجهاد مع المرابطين ضد النصارى وانتصر في موقعة الزلاقة الكبرى.
وقد فاقت شهرة المعتمد الأدبية شهرته في الملك؛ فقد كان له في الأدب باعٌ، ومحاسن المعتمد في أشعاره كثيرة، وخصوصًا مراثيه لأبنائه وحزنه لزوال سلطانه.
ثم كانت وفاة المعتمد على الله بـمدينة أغمات في المغرب بعد رحيله إليها من الأندلس نتيجة صدامه مع المرابطين؛ جزاء تعاونه مع النصارى ضد أمير المرابطين يوسف بن تاشفين، وذلك في ذي الحجة سنة (488هـ / 1095م)، لتنتهي بذلك حياة هذا الأمير المحيّر الشاعر المجاهد الخائن المعتمد بن عباد!