عملية عسكرية ضد "داعش" بالجزائر تكشف انهيار الجماعات الإرهابية
قال خبراء أمنيون جزائريون إن عملية الجيش
التي نفذت بين الأربعاء والجمعة الماضيين بمحافظة البويرة جنوب العاصمة، وأسفرت عن
مقتل 14 مسلحا من تنظيم داعش الإرهابي، كشفت عن انهيار التنظيمات الإرهابية التي تقاتل
في البلاد منذ تسعينيات القرن الماضي.
وقالت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان
لها الجمعة، إن قوات الجيش قتلت 14 "إرهابيا"، واسترجعت أسلحتهم في عملية
تمشيط متواصلة انطلقت الأربعاء الماضي، بمنطقة "العْجيبة" شرقي محافظة البويرة
(150 كلم جنوب شرق العاصمة).
وحسب بيانات للوزارة نشرت سابقا واطلعت
عليها الأناضول، فإن الجيش الجزائري قضى على 136 عنصرا من جماعة "جند الخلافة"،
الموالية لـ"داعش"، بينهم أمراء، منذ الإعلان عن تأسيسها في سبتمبر/ أيلول
2014، بعد انشقاق أعضائها عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وكشف مصدر أمني جزائري، للأناضول، طلب عدم
الكشف عن هويته، أن "الجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن الوطني في الجزائر، فقدت
القدرة على المناورة وعلى تنفيذ عمليات كبيرة ونوعية، بسبب تراجع عدد المقاتلين في
تنظيمي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجند الخلافة ، الموالي لداعش".
وأشار مصدرنا إلى أن إحصاءات وزارة الدفاع
الوطني تبين أن التنظيمين مجتمعين، فقدا 278 عنصرا عامي 2015 و2016، كلهم قتلوا في
عمليات عسكرية وأمنية، يضاف إليهم ما لا يقل عن 380 مشتبه فيهم متهمون بمساعدة الجماعات
المسلحة، تم إيقافهم في عمليات أمنية.
وقالت مجلة الجيش، الناطق الرسمي باسم وزارة
الدفاع الجزائرية، في عددها الصادر في ديسمبر/ كانون الأول 2016، إن قوات الجيش قتلت
125 إرهابيا خلال 2016 فقط، دون الكشف عن انتمائهم، كما أكدت إيقاف 225 شخصا في عمليات
مكافحة الإرهاب.
وفي نفس الوقت فشلت الجماعات الإرهابية
في الجزائر عن الرد على الضربات العسكرية التي تعرضت لها، وفشلت في تنفيذ عمليات نوعية
بين عامي 2015 و 2016، وهو مؤشر على انهيار الجماعات المسلحة التي تقاتل الجيش الجزائري
منذ 1992، حسب خبراء أمنيين.
ووفق مصدرنا الأمني فإن فرع "داعش"
أو ما يسمى "ولاية الجزائر" أو "جند الخلافة"، فقَد ما لا يقل
عن ثلثي تعداده في العمليات العسكرية والأمنية التي نفذها الجيش الوطني الشعبي ضد المنظمة
في الفترة بين أكتوبر/ تشرين الأول 2014 وديسمبر 2016".
وتابع "ففي غضون عامين، قتلت أغلب
قيادات الصف الأول في داعش، من بينهم الأمراء الثلاثة المؤسسون للتنظيم وهم: عثمان
العاصمي، وعبد المالك قوري، وقوادر مسعود المكنى أبو ميسرة، إلى جانب أغلب قيادات التنظيم،
كما دمرت مخابئه الرئيسية في جبال البيبان بالبويرة".
وقال الخبير الأمني الجزائري علي الزاوي،
للأناضول "تكشف عملية البويرة التي تمت قبل يومين عن تغير جذري في موازين القوى
في ميدان المواجهة بين الجيش الجزائري والجماعات الإرهابية".
وأضاف الزاوي، الذي قاد فرقا لمكافحة الإرهاب
بهذه المناطق في تسعينيات القرن الماضي، أن "الأكثر أهمية في موضوع النتائج الميدانية
المحققة في جبهة مكافحة الإرهاب في الجزائر لا يتعلق بعدد القتلى في صفوف الجماعات
الإرهابية المعلن عنهم في النشرات العسكرية، بل في عجز الجماعات الإرهابية عن الرد
في الميدان".
وأضاف "يجب أن نذكر هنا أن آخر عملية
إرهابية كبيرة نفذتها الجماعات الإٍرهابية ضد الجزائر، وقعت قبل 4 سنوات كاملة في مصنع
الغاز في منطقة عين أمناس، أقصى جنوب شرق الجزائر (يناير2013)، ومنذ ذلك التاريخ فقدت
المنظمات الإرهابية القدرة على المبادرة في الميدان".
وقال الخبير الأمني الجزائري الدكتور محمد
تاواتي، للأناضول، "لم يسبق للجيش الجزائري أن حقق مثل هذه النتائج. أنا لا أتحدث
عن عدد القتلى وسط الجماعات الإرهابية، بل عن فقدان هذه الجماعات للقدرة على التأثير،
والقدرة على شن عمليات نوعية حتى في معاقلها في الجبال، حيث انخفضت نسبة الخسائر وسط
العسكريين في السنوات الأخيرة إلى مستويات قياسية، بالمقابل حافظت قيادة الجيش على
وتيرة العمليات العسكرية الناجحة، في العامين الأخيرين".
وأضاف تاواتي، وهو أستاذ للعلوم السياسية
بجامعة الأغواط جنوب العاصمة الجزائرية "النتائج المحققة في ميدان مكافحة الإرهاب
لا تتعلق فقط بقتل الإرهابيين في عمليات عسكرية أمنية بل باعتقال أعضاء الخلايا السرية
النائمة، حيث أوقفت الأجهزة الأمنية عشرات الأعضاء في الخلايا السرية التي تتعامل مع
الجماعات الإرهابية، كما تمكن الجيش من حجز كميات ضخمة من السلاح في عمليات كان آخرها
في الحدود الجنوبية للجزائر".
وفي سبتمبر الماضي، قال الفريق أحمد قايد
صالح، قائد أركان الجيش الجزائري "سنجعل بإذن الله تعالى وعونه، وفي المستقبل
القريب، من ظاهرة الإرهاب في بلادنا أثراً بعد عين، وشعبنا لن يسمح بتكرارها مهما كانت
الظروف والأحوال".
وتواجه مصالح الأمن الجزائرية في الوقت
الراهن ثلاث تنظيمات رئيسية شمالي البلاد، هي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة
جند الخلافة، إلى جانب تنظيم صغير في غربي البلاد يسمى "حماة الدعوة السلفية"
(أعلن انضمامه إلى تنظيم القاعدة في ديسمبر 2013)، لكن خطرها تراجع خلال السنوات الأخيرة
بعيداً عن المدن والتجمعات السكنية.