قصة المصري الأمريكي الذي أوقع بـ"عمر عبدالرحمن" في قبضة الاستخبارات الأمريكية

تقارير وحوارات

الشيخ عمر عبد الرحمن
الشيخ عمر عبد الرحمن


رحل الشيخ عمر عبد الرحمن، المعتقل منذ التسعينيات فى أحد السجون الأمريكية، أمس السبت، عن عمر ناهز 78.

عمر عبد الرحمن سجن بالولايات المتحدة الأمريكية على خلفية انفجار مبنى التجارة العالمي، ولكن كيف وقع عبد الرحمن في قبضة الأمن الأمريكي؟

البداية

في 26 فبراير 1993 وقع تفجير في مبنى التجارة العالمي بنيويورك، مخلفًا وراءه 6 وفيات وأكثر من ألف مصاب، بواسطة سيارة مفخخة كانت أمام البناية حينها.

و اتجهت أصابع الشك حينها نحو القيادات الإسلامية المتواجدة في مختلف الولايات حينها، وعلى رأسهم الدكتور عمر عبدالرحمن.

الضابط "باسم يوسف" وزرع جاسوس ضمن الجماعة الإسلامية

بعد وقوع تفجير مبنى التجارة العالمي توجه جهاز الـ"FBI" إلى الضابط باسم يوسف، والذي لجأ إلى حيلة زرع جاسوس وسط بعض الجماعات الإسلامية في نيويورك.

وباسم يوسف هو ضابط أمريكي من أصل مصري، وهو المنضم لجهاز الـ"FBI" منذ عام 1988، هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع أسرته وهو في الـ13 من عمره، وبعد فترة نال الجنسية الأمريكية، ويشهد له الكثيرون بكفاءته في عمله.

يقول عنه المسؤول عن مكتب الـ"FBI" بلوس أنجلوس السابق "إدوارد كوران": "كان الضابط الوحيد في ملاحقة مصادر تنظيم القاعدة بصورة مباشرة، لم يحدث هذا من قبل، ولم يحدث مرة أخرى".

ووقع اختيار مكتب الاستخبارات الفيدرالية على باسم يوسف بسبب إجادته التحدث باللغة العربية، بحسب ما نشر في صحيفة الشرق الأوسط.

وقام باسم يوسف بتجنيد الضابط المصري عماد سالم للعمل لصالح الـ"FBI"، وزرعه ضمن الجماعات الإسلامية وأتباع الدكتور عمر عبدالرحمن، ليصبح لمكتب الاستخبارات الفيدرالية عين تكشف بها العالم السفلي للجماعات المتشددة.

اندماج الجاسوس داخل الجماعة الإسلامية 

استطاع عماد سالم الاندماج وسط أتباع عمر عبدالرحمن، وأصبح من رواد مسجد أبوبكر الصديق في "بروكلين"، حسبما دونه الكاتب السعودي جمال خاشقجي بصحيفة "الوسط"، وكان أنيقاً ومهذبًا للحيته.

وظل "عماد" مواظبًا على التواجد باستمرار في المسجد، لكنه اختفى وقت وقوع التفجير، وعاد بعد فترة منها، وقال له أحد الرواد فور رؤيته حسب رواية "خاشقجي": "هو أنت لا تظهر إلا في وقت المشاكل".

وعندما عاد "عماد" بدأ رفاقه في الارتياب منه وتجنبه لاختفائه وقت الانفجار ولكنه نجح في أن يكون له أصدقاء وسط الجالية، ونقل "خاشجقي" تبرير أحد الأعضاء، ويُدعى أحمد عبدالستار، بأن الجالية مجرد تجمع من المسلمين والمهاجرين حديثي الهجرة، يرحبون بابن البلد في الغربة وليست عصابة أو جماعة سرية عليها أن تسأل وتتحرى عن أي وجه جديد يظهر بينها.

وكان "عماد" يتمتع بعلاقة طيبة الدكتور عمر عبدالرحمن وإبراهيم الجبروني، وكان يقدم لهما نفسه على أنه "عقيد متقاعد"، رغم أنه في حقيقة الأمر "نقيب متقاعد".

الايقاع بـ "عمر عبد الرحمن"

استغل "عماد" علاقته القوية بكل من عمر عبدالرحمن وإبراهيم الجبروني للإيقاع بهما، بعد أن تسبب للأخير في اتهام السلطات الأمريكية له بتهريب المسجون سيد نصير والتخطيط لتفجيرات نيويورك، بعد أن كانت تهمته الأساسية هي "تعطيل سير العدالة" فقط.

وروى "الجبروني" حسبما دوّن "خاشقجي": "اتصل بي عماد بحجة أنه يريد أن يساعد في الدفاع عن سيد نصير، وكنت في ذلك الوقت متفرغًا تمامًا للجنة الدفاع عن السيد، وبالتالي كنت أرحب بكل من يمد لي يد المساعدة.، والحق أن عماد كان متحمسًا معنا ولم أدرك أنه كان يخدعنا".

ليأتي الدور على  عمر عبدالرحمن، فاستغل "عماد" المعاملة الطيبة من جانب الشيخ الكفيف وراحته في الحديث معه، ليوجه له أسئلة تتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية في إحدى الجلسات.

حينها كانت إجابات الدكتور عمر عبدالرحمن تتمتع بصراحة كبيرة كونه يتحدث بأريحية مع أحد أعضاء الجالية الإسلامية في نيويورك، لكن كانت المفاجأة في أن "عماد" يسجل كل كلمة يتفوه بها الشيخ الكفيف، لتصبح هذ الشهادة في قبضة الـ"FBI".

وبهذا الشكل تمكن الضابط المصري، من الإيقاع بالدكتور عمر عبدالرحمن، وبالفعل تمت محاكمة الأخير، حتى صدر القرار بسجنه مدى الحياة في يناير 1996.

تكريم "باسم يوسف"

بعد الايقاع بعمر عبد الرحمن، حصل الضابط المصري الأمريكي باسم يوسف، على وسام "الخدمة المتميزة" حسب المنشور بصحيفة "الشرق الأوسط"، وهو الأعلى درجة من الأوسمة التي يمنحها الجهاز، بعد نجاحه في زرع الجاسوس عماد سالم الذي أوقع القيادات الإسلامية المتورطة في تفجير نيويورك.