حسام زيدان يكتب: الصراحة في أبليكيشن صراحة
مواقع التواصل الاجتماعي تمثل اهتمام الشباب الأكبر في مصر، هذا ما أعتقد، ويكاد مارك زوكربرج نفسه مؤسس "فيسبوك" لا يتخيل مدي ما يمثل برنامجه بالنسبة للمصريين من أهمية، فعبر الشاشة الزرقاء أصبح الكثير من العمل يتم إنجازه، والكثير من العلاقات تنشأ، وأخري تنتهي، مجتمع كامل وكوكب صغير أصبح المصريون يعيشون أغلبهم يومهم بين جنباته، وعبر إعجاباته وتعلى قاته يظهر مدى اهتمام كل شخص بالآخر.
وقد تشابك الكوكب الأزرق مع الواقع الفعلى وصار الأشخاص الوهميون حقائق واقعة تقابلها كل صباح، فزملائك في العمل هم أصدقاء "فيسبوك"، وكذلك جيران الشارع وأقربائك وأولادك -إن كان لك أولاد- وزوجتك بالطبع هي كذلك تري حائطك وتعرف أخبارك وتتابعك.
وبالطبع أصبح تعلى ق صغير لدي صديق على الفيس بوك قد ينتج عنه مشكلة على أرض الواقع فهو يعرفك وأنت تعرفه، ورأي مخالف لزميل قد يتكفل "ببلوك" عظيم تتلقاه قبل ان تبدي كامل تبريراتك او تفسيراتك لما قلت، بل أن تعلى ق قد تضعه على سبيل الهزل لا الجد قد ينشأ عنه مشكلة ما، ثم جاء المتنفس، تطبيق صغير لم يكلف صاحبه سوي بضع أيام أو أسابيع من العمل، وهو عبارة عن رسالة ترسلها كمجهول لصديقك، وأعطي المصمم إسماً جذاباً لتطبيقه الجديد وهو "صراحة".
أصبحت في حِلٍ من أي حرج وتستطيع أن تصارح من تريد بما تشاء فقط عندما يضع "هو" أي صديقك رابط حسابه الخاص بصراحة على حائط كوكبه الازرق.
لم يكن يتوقع زين العابدين على البلغ من العمر ٢٩ عام نجاح تطبيقه وانتشاره الذي وصل الي ١.٤ مليون مشترك بواقع ٧ مليون رسالة، وأصبح وقلما تجد مستخدماً للفيس بوك لم يضع رابط "صراحة" وهو يطالب الجميع أن يصارحوه، ويقولوا له ما يخشون مواجهته به، ومصرحته بعيوبه قبل مميزاته .
لماذا نجح؟؟ أعتقد أن نجاح صراحة قائم على أن الراسل مجهول، ولعمري فهذه هي تيمة نجاح أية مصارحة، فالمصارحة المكشوفة غير مقبولة، ولكن لما يأتي النقد بشكل خفي وبينك وبين من يريد أن يصارحك فيصبح له قبول وترحاب .... الرسالة سرية تماماً ولا تظهر سوي لصاحبهاولا يعلم بها أحد سوي اثنين المُصَارِح والمُصَارَح له لا ثالث بينهما سوي الله تعالي، وأعتقد أن هذه هي شروط المصارحة التي يفضلها البشر.
لا يحب المرء أن يعريه أحد، فنحن نحتاج دائماً لهذا الغلاف الرقيق الذي يخفي عيوبنا حتي نشعر بإنسانيتنا، والويل كل الويل لمن يحاول إزالة هذا الغلاف، ويظهر حقائقنا أمامنا، عجيب هو أمر الإنسان، فهو يعي حقيقته جيداً، وبالرغم من ذلك يخجل من أن يقول له أحد هذه الحقيقة، وقد يغضب، وقد يثور، وقد يقاطع من صارحة، رغم أن المُصَارِح في كثير من الأحيان لا يعنيه سوي المصلحة، ولكن هكذا هي طبيعة البشر، يحتاجون لمن يغلف لهم النصيحة ويهديها لهم، وليس فقط مجرد أن يوصلها لهم، والهدية يجب أن تكون ذات غلاف مبهر براق وجذاب أيضاً.
"صارح" أتاح للكثيرين قول ما يريدون للمقربين منهم، وبعض من قالوا رأيهم بصراحة أصبحوا أكثر راحة وقبولاً لمن صارحوهم، ولكن هناك خبثاء استخدموا التطبيق استخداماً غير عادلاً، فهم وعلى شفاههم ابتسامة خبيثة لعوب أرسلوا رسائل تحتاج رداً أو إيضاحاً، وبالطبع أصبح المُرسَل له بلا حول ولا قوة وهو لا يعرف صاحب الرسالة، ولكن تكفل حائط الكوكب الأزرق بالرد، فمن يتلقي رسالة تحتاج رداً يجعل رده عاماً على الفيس بوك مع صورة للرسالة يرد فيها على صاحبها، وفي بعض الأحيان يكون الرد لاذعاً موجعاً حسب وجهة نظر من تمت مصارحته.
"صارح" أظهر الكثير من الإيجابيات وأصبح دفعة أمل وطاقة إيجابية للكثيرين ممن تلقوا رسائل المدح والتشجيع، فتيات كثيرات عادت لهن ثقتهن بأنفسهن، شباب وصلوا لليأس وفوجئوا أن مجتعهم يحبهم ويرغبهم، كثيرون كانوا يعتقدون أن أفعالهم الصغيرة لا نفع منها ولا أثر، وفوجئوا برسائل تذكرهم بما فعلوه وهم لا يشعرون من "معروف" مع هذا وذاك.
"صارح" يرفضه البعض، ويتهمون من يستخدمه بالسخف وفراغ العقل، ولا أدري ما الذي يزعجهم في ذلك فهم لا مصارِحين ولا مصارَحين فماذا يضيرهم، وغالباً هؤلاء هم المعارضون لكل ما يكسر رتابة الحياة ويجعلها أقل إملالاً، وأقول لهم دعونا نمرح قليلاً، هلم وتعال وشارك مع المشاركين فرب رسالة تأتيك فتنتشلك من ضياع كنت موشك أن تقع فيه.
"صارح" تطبيق له عيوب ومميزات وأعتقد أن مميزاته فاقت عيوبه وتحية لصاحب الفكرة ولا نملك إلا أن نقول له أحسنت وأجدت، أو بلغة الفيسبوكيين "شابووووه للفكرة".