في هذا اليوم.. رحل من نقش حب الله على قلبه "النقشبندي"
النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد، هذا ما وصف به الدكتور مصطفى محمود الشيخ سيد محمد النقشبندي، أستاذ المداحين وأحد علامات الإنشاد في مصر والعالم، حيث كان صوته عذبًا اقترن بأجواء رمضان وأصبح من أهم ملامحه، حيث يشدو قبل الفجر بالقرآن والابتهالات ويعلن وقت الإفطار بآذان المغرب، بنبرات تميزه وتحتل مكانة فريدة في قلوب أجيال من محبيه.
ولد كروان السماء والصوت الخاشع كما لقبوه بقرية "دميره" بمحافظة الدقهلية عام 1920، ثم انتقل مع أسرته في العاشرة من عمره إلى مدينة طهطا بمحافظة سوهاج، وهناك تربى تربية صوفية وتأثر بالطريقة النقشبندية التي أخذ منها أسم شهرته، حيث كان والده شيخًا لها أيضًا، فتعود النقشبندي على التواجد وسط حلقات الذكر وتعلم منها.
في عام 1955 استقر في مدينة طنطا، ثم ذاع صيته في مصر والدول العربية، ليصل في عام 1966 إلى اسم الشيخ سيد النقشبندي أشهر قراء ومنشدي مسجد الحسين بالقاهرة، حيث تقابل هناك بالإذاعي أحمد فراج فسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج "في رحاب الله" ثم سجل العديد من الأدعية الدينية لبرنامج "دعاء" الذي كان يذاع يوميا عقب آذان المغرب.
أما عن معنى اسمه فهو يتكون من مقطعين "نقش" و"بندي" وبالفارسية هو النقاش أو الرسام، وهو ما يعني بالعربية "نقش حب الله على القلب"، وهو نسبة إلى فرقة صوفية تعرف بالنقشبند نسبة إلى شيخ الفرقة بهاء الدين نقشبند.
كما شارك النقشبندي في حلقات البرنامج التليفزيون "في نور الأسماء الحسنى"، وسجل برنامج "الباحث عن الحقيقة"، بالإضافة لما قدمه للإذاعة المصرية من مجموعة ابتهالات يصل عددها 40 ابتهالًا.
حصل النقشبندي على عدة أوسمة منها وسام الدولة من الدرجة الأولى بتكريم من الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1979، كما كرم في الاحتفال بليلة القدر عام 1989 بمنحه وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، وذلك بعد وفاته أيضاً، وكرمته محافظة الغربية التي عاش فيها ودفن بها حيث أطلقت اسمه على أكبر شوارع طنطا والممتد من ميدان المحطة حتى ميدان الساعة.
وبعد أن لبى النقشبندي دعوة التليفزيون المصري لإقامة شعائر الجمعة في أحد الأسابيع رغم شعوره بألم في صدره وإرهاق شديد، زار معظم آل البيت بالقاهرة كأنه يودعهم وعاد مرة أخرى إلى طنطا، ليستيقظ صباح السبت في شدة التعب ويذهب إلى العناية المركزة، وما أن بدأ الطبيب في الفحص حتى سبقه النقشبندي بنطق الشهادتين ويرحل بعدها النقشبندي عن عالمنا في 14 فبراير عام 1976 عن عمر ناهز الـ55 عامًا، ولكنه ظل باقيًا بيننا بصوته وإرثه من الأناشيد والابتهالات حتى اليوم.