تعرف على سر البناء المغطى بالقصدير في السعودية
هل شاهدت يوماً مبنى مغطى بالقصدير؟ هذا ما حدث فعلاً في (رباط الخنجي) المبنى التاريخي الشهير في جدة، الذي تم لفه كاملاً بالقصدير على يد الفنان السعودي عبد الله العثمان، كوسيلة فنية فريدة لاسترجاع الذاكرة الجماعية للمكان والتاريخ في محاولة رمزية لتوصيف حالة البيت التاريخي التي تجمدت عبر الوقت، بعد أن كان مسرحاً لأكثر من 200 سنة لحركة إنسانية واجتماعية عظيمة، لكنها تلاشت مع مرور الزمن.
أوضح العثمان أنه تم اختيار مادة القصدير، لأنها مادة مقاومة للتغير وحافظة، مبيناً أن هذا العمل إشارة للانتباه لهذا الموروث، ولهذا التاريخ الذي بدأ يتلاشى مع مرور الوقت، مبيناً أن عملية التغليف بمثابة عملية “قسطرة القلب” التي تنعش هذا المكان وهذا الموروث، من خلال إثارة شغف الناس وفضولهم.
وعن سبب اختيار (رباط الخنجي) للقيام بالقصدرة، قال العثمان إن هذا المكان شهد منذ مئات السنين حركة إنسانية واجتماعية عظيمة، حيث تعتبر الأربطة أحد أهم الأعمال الإنسانية بالمنطقة، وكان لها دور تاريخي بارز في المجتمع، إذ كانت مأوى للحجاج والمعتمرين وعابري السبيل وسكن للفقيرات، وبالتالي اختيار هذا المكان، نابع من أهمية العودة لهذا الإرث العظيم والطراز المعماري، والحاجة للبحث عن تاريخنا.
ورباط الخنجي الواقع بحارة الشام بمنطقة جدة التاريخية، بناه الشيخ محمود محمد قاسم الخنجي عام 1813 ميلادية، وتبلغ مساحته 435 مترا مربعا، وهو مكون من طابقين ويحوي 19 غرفة، ويعتبر الرباط نموذجا للعمارة الإسلامية، وقد أدخلته أمانة مدينة جدة ضمن المباني الأثرية التي يجب الحفاظ عليها، ويجري العمل لتحويلة إلى مركز فني يجذب الجمهور للمنطقة التراثية، وليستكمل دوره في خدمة المجتمع بشكل آخر.
التغليف سيثير الكثير من الاسئلة حول هذا الشيء المغطى..
وأفاد العثمان أن العمل الذي تم بإشراف المجلس الفني السعودي قد استغرق إنجازه أسبوعا كاملا، وهو يقام لأول مرة في السعودية، وهناك مساعٍ لنقل التجربة إلى مدن سعودية أخرى، مبيناً أن الفكرة تسعى لإحداث اختبار جماعي للناس في الشارع، إذ إن هذا التغليف سيثير الكثير من الأسئلة حول هذا الشيء المغطى، فضلاً عن أن انعكاس أشعة الشمس بفضل القصدير، سوف يعطي طاقة جديدة للمكان، وسوف يلّهم الناس بأفكار ومشاعر جديدة.
يذكر أن قسطرة رباط الخنجي، تأتي ضمن فعاليات النسخة الرابعة من (فن جدة) التي ينظمها المجلس الفني السعودي، وتضم أكثر من 50 نشاطا ثقافيا وفنياً، بمشاركة فنانين يمثلون مؤسسات ثقافية من دول مختلفة، هذا وتقام هذه الفعاليات سنويا في جدة، بهدف رفع مستوى الوعي والاهتمام بالممارسة الفنية الإبداعية المعاصرة، وذلك ضمن جهود المجلس الذي تأسس عام 2014 كمنظمة غير ربحية تسعى لتعزيز الفن والثقافة ودعم الإبداع.