منها البدل والحريات.. 7 خطوات يجب أن يتبعها مجلس "الصحفيين" الجديد ليتخطى أزمات النقابة (تقرير)
ربما كان الاختيار هذه المرة أكثر صعوبة، ليس فقط بسبب الأزمات التي تمر بها نقابة الصحفيين، والتي تكاد أن تكون الأكثر سوءًا، ولكن أيضًا بعد ترشح عدد كبير من الكاتب الصحفيين، سواء على مقعد النقيب أو عضوية مجلس النقابة، يتنافسون على قدر كبير من التميز في العمل المهني والنقابي.
وعلى الرغم من خروج العديد من الدعوات التي تنادي بتجديد دم مجلس النقابة، إلا أن أغلب أعضاء المجلس ترشحوا على عضويته مرة أخرى، ولم تكن هي الأولى لبعضهم، ولكن كان ذلك بزعم استكمال ما بدأه المجلس من مشروعات لم تنته.
وترصد "الفجـر" أهم الخطوات التي يجب أن يتبعها مجلس النقابة الجديد، ويعمل على إيجاد الحلول لها، بغض الطرف عن الوجوه التي ستسيطر عليه، حتى يستطيع التخلص من رداء الأزمات الذي طال النقابة مؤخرًا، وكاد يلتف حول رقبتها ليقطع أنفساها الأخيرة.
زيادة بدل تكنولوجيا الصحفيين
لطالما كان بدل التكنولوجيا الذي يحصل عليه الصحفيون، محط أنظار الكثيرين، بعضهم يطالب بزيادته والبعض الآخر يطعن أمام الإدارية العليا لإلغائه، ولكن المتفق عليه هو أن بدل التكنولوجيا أحد الأركان الأسياسية التي يجب أن يعمل على زيادتها مجلس النقابة الجديد.
يعد بدل التكنولوجيا من أهم وسائل مساعدة الصحفيين، بسبب انخفاض الأجور وتدنيها بشكل كبير داخل المؤسسات الصحفية، ولكن تعرض البدل لصاعقة القرارات الاقتصادية الأخيرة للحكومة المصرية، من تحرير سعر صرف الدولار، وهو ما أثر على قيمته سلبًا، حيث أكد "يحيى قلاش" نقيب الصحفيين، أن البدل انخفضت قيمته للنصف تقريبًا، بعد تعويم الجنيه وارتفاع الأسعار.
ربما أدرك البعض قيمة البدل لكثير من الصحفيين، فبدأوا في العمل على هذا الوتر، وسبقهم "ضياء رشوان" نقيب الصحفيين السابق، ومرشح على مقعد النقيب بانتخابات التجديد النصفي للنقابة، حيث أكد أن برنامجه الانتخابي بصدد رفع البدل ليصبح 1500 جنيه، فيما لاحقه "قلاش" بتصريحات له اليوم، أكد فيها انخفاض قيمة البدل، ومؤكدًا أنه سيعمل على زيادته، حال فوزه بمقعد النقيب لدورة ثانية.
رفع الحد الأدنى لأجور الصحفيين
على الرغم من بحث مجلس الدولة، لأحد القضايا التي قام برفعها أحد الزملاء الصحفيين، لتحديد قيمة الحد الأدنى لأجور الصحفيين، إلا أنه أصبح لزامًا على مجلس النقابة الجديد، أن يضع في اعتباره إجبار المؤسسات الصحفية الخاصة والقومية والحزبية، على الالتزام بحد أدنى لأجور الصحفيين، بما يتوافق مع انخفاض أرباح تلك المؤسسات، بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة، بنسبة ترضي الصحفيين، ولا تصبح عبءًا على كاهل المؤسسات المختلفة، إما بإقرار قانون لذلك، وعدم الاكتفاء بانتظار حكم المحكمة، أو بتعديل قانون النقابة رقم 76 لسنة 70.
العمل على تحسين أوضاع الحريات الصحفية
لطالما كان هو الملف الأكثر خطورة، خاصة بعد ارتفاع عدد الصحفيين المحبوسين بالسجون، أو المهددين بالحبس، ويعتبر هو الملف الأكثر تداخلًا مع أزمات النقابة التي مرت بها مؤخرًا، حتى أصبح نقيب الصحفيين وسكرتير عام النقابة ووكيلها، مهددون بالتفاف حبل مشنقة هذا الملف حول رقابهم، ليصبحون أحد ضحاياه.
ومن الضروري أن يعمل مجلس النقابة الجديد على إيجاد أساليب لتحسين أوضاع الحريات الصحفية، وبحث الإفراج عن الصحفيين المحبوسين، وإيجاد الأمان للصحفيين المهددين، والعمل على دراسة أوراق كافة الصحفيين بالسجون، بالإضافة لتمسكهم بإلغاء قوانين الحبس في قضايا النشر.
وجاءت انتخابات النقابة هذه المرة، لتتداخل مع محاولات المجلس الحالي إيجاد الحل لتلك القضية، فكان هو الملف الأكثر عملًا لمجلس النقابة الحالي، الذي ستنتهي مدته خلال أيام، حيث انتهى مجلس النقابة مسبقًا، من إعداد مشروع قانون منفصل، تحت مسمى "إلغاء الحبس في قضايا النشر"، وطالب من الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، وضع مشروع القانون على طاولة النقاش، خلال مناقشة قانون الإعلام الموحد، كأحد آليات ضمان انتهاء الحبس في قضايا النشر، وعلى المجلس الجديد أن يستمر في مطالبة مجلس النواب بمناقشة مشروع القانون وتمريره.
استعادة هيبة وكرامة الصحفيين
زادت المطالبات بهذه الخطوة، بعد اقتحام قوات الأمن للنقابة، مطلع مايو من العام الماضي، وهو ما كان بداية الشرارة للاعتداء على هيبة وكرامة الصحفيين ونقابتهم ومهنتهم، وتوالت بعد ذلك محاولات الدولة والمعارضين لكسر شوكة النقابة -كما قال نقيب الصحفيين خلال عمومية مايو التاريخية- وبعدها توالت الاعتداءات الجسدية واللفظية على الصحفيين، واستيقافهم خلال أداء عملهم، وأحيانًا منعهم من أداء هذا العمل، حيث رصد مرصد صحفيون ضد التعذيب 727 انتهاكًا متنوعًا ضد الصحفيين خلال عام 2016.
ربما كانت نقطة محاصرة قوات الأمن لنقابة الصحفيين دائمًا، بحجة حماية محيط النقابة، محط تفكير شباب الصحفيين، ولم يكن المرة الأولى التي يدخل فيها "قلاش" نقيب الصحفيين في صدام مع الأمن بسبب محاصرتهم لمحيط النقابة، حيث تم احتجازه بأحد مدرعات الشرطة يوم 26 يناير 2011، عندما رفض الامتثال لضباط الشرطة وإبراز هويته الصحفية لدخول محيط النقابة، إلا أنه لم يكن له دور ملحوظ خلال توليه منصب نقيب الصحفيين، في أي مبحاولات لإجلاء الأمين بعيدًا عن محيط النقابة، والكف عن محاصرتها كلما دابت دابة بالقرب منها.
وبدأت المبادرة من اتجاه شباب الصحفيين، حيث قام أحد الزملاء برفع دعوى قضائية بمجلس الدولة، تلزم وزارة الداخلية بالكف عن محاضرة نقابة الصحفيين، وغلق الطرق المؤدية لها، بما يخنق نقابة رأي من أقوى النقابات المهنية، المدافعة عن حقوق المستضعفين.
هذا بالإضافة إلى حماية الصحفيين الميدانيين من استمرار الاعتداءات الأمنية عليهم، والقبض عليهم والتنكيل بهم، خلال تغظيتهم كافة الأحداث والقضايا الطارئة بالعمل الميداني.
العمل على تطوير قانون نقابة الصحفيين
يعد من أهم القضايا التي يجب أن تشغل بال الجماعة الصحفية، خاصة بعدما شاخ قانون النقابة القديم رقم 76 لسنة 70، بما لا يواكب تطور التكنولوجيا، وضم الصحافة الإليكترونية، خاصة بعد ارتفاع تكاليف الطبع وازدياد أسعار الصحف بشكل جنوني، بما أصبح يهدد بشكل كبير مستقبل الصحافة الورقية بمصر، لذا أصبح لزامًا على مجلس النقابة الجديد أن ينتهي من إعداد قانون جديد لنقابة الصحفيين، يتضمن كافة ما طرأ على مهنة الصحافة مؤخرًا.
وظل يعمل مجلس النقابة السابق، على ملف تطوير قانون النقابة، إلا أنه تعرقل كثيرًا بسبب ما مرت به النقابة من أزمات، وعاد هذا القانون على تلك الأزمات بصعوبات كثيرة، بسبب إجراءات انعقاد الجمعية العمومية، مما جعل انعقاد عموميات الصحفيين أمر غاية في الصعوبة.
وقال "كارم محمود" رئيس لجنة الترشيعات، ومرشح على عضوية مجلس النقابة، إنه من أهم المواد التي يجب تعديلها بقانون النقابة، المواد التي تتعلق بانعقاد الجمعية العمومية للنقابة، ومواد تعريف الصحفي، وشروط القيد الصعبة، بالإضافة لضم الصحفيين الإليكترونيين والصحف والمواقع الإليكترونية وتقنين أمورها.
إنهاء الفصل التعسفي والعمل على تحسين علاقات العمل
يعد ملف الفصل التعسفي من الملفات التي طرأت مستحدثة على الصحفيين، ويعود ذلك للعديد من الأسباب، أولها القرارت الاقتصادية الأخيرة للحكومة، التي أودت بالعديد من المؤسسات الصحفية للهاوية، وانخفاض الأرباح، مما يجعل بعض الصحف تلجأ للفصل التعسفي لتخفيض العمالة، والسبب الثاني هو محاولة سيطرة بعض رجال الأعمال على المؤسسات الصحفية، لخلق إعلام الصوت الواحد، مما يدفعه للاستغناء عن الفريق القديم بسياسته التحريرية، وخلق سياسة تحريرة جديدة بوجوه جديدة.
وعمل مجلس النقابة الحالي على "العقد الثلاثي"، وهو فكرة أسامة داوود عضو مجلس النقابة، وهو ما يمنع فصل المؤسسات الصحفية للعاملين بها إلا بالرجوع لنقابة الصحفيين، وإخطار النقابة والصحفي قبل فصله، بالإضافة لمنع إجبار المؤسسات الصحفية للصحفيين العاملين بها إمضائهم على "استمارة 6" -وهي استقالة يتقم بها الصحفي لإدارة الجريدة خللا توقيع عقد تعيينه حتى يتسنى للمؤسسة التخلي عنه وقتما شائت- ويجب على المجلس المقبل أن يظل مستمرًا بالعمل على إنهاء الفصل التعسفي، وإيجاد حلول الوسط مع المؤسسات التي قامت بفض عشرات الصحفيين خلال العام الماضي تعسفيًا.
وفيما يخص علاقة العمل، أكد "خالد البلشي" وكيل النقابة ورئيس لجنتي التشريعات والتسويات بنقابة الصحفيين، أن النقابة تلقت أكثر من 400 شكوى للصحفيين، تتعلق بعلاقات العمل داخل المؤسسات الصحفية، وهو ما يستوجب على المجلس الجديد بحثه، إما عن طريق إجبار المؤسسات على احترام علاقات العمل مع الصحفيين العاملين بها، بسن مادة في قانون النقابة تقر ذلك، أو بفرض عقوبات على المؤسسات الصحفية التي تزداد عدد الشكاوى ضدها، وإحالة رؤساء تحريرها للتأديب.
العمل على استمرار الخدمات وتميزها
تعد نقابة الصحفيين من أكثر النقابات تميزًا في تقديم الخدمات لأعضائها، سواءً كانت خدمات صحفية يقدمها مجلس النقابة، عن طريق مشروع العلاج، أو مشروع الإسكان، أو القروض الحسنة، أو المعاشات وغيره.
واستطاع مجلس نقابة الصحفيين السابق، أن يعمل على زيادة موارد مشروع العلاج بالنقابة، بعد أن كانت ميزانيته صفرًا خلال عام 2012، حيث أكد أسامة داوود رئيس لجنة الرعاية الاجتماعية، أن مشروع العلاج بدأ من لاشئ وتطور حتى شمل كافة الصحفيين، واستطاع تقديم خدمة صحية مميزة لهم.
كما استطاع مجلس النقابة الحالي زيادة معاش الصحفيين 150 جنيهًا، ويجب على المجلس الجديد تشكيل لجنة برئاسة أمين صندوق النقابة ورئيس لجنة الرعاية الاجتماعية، لضمان استمرار زيادة المعاش بشكل دوري ومنتظم، بما يعادل ارتفاع الأسعار والتضخم، وبما لا يضر بدخل النقابة ومواردها.
وبعد قرار مجلس النقابة الحالي برفض قيمة القرض الحسن، استجابة لطلبات الأعضاء، وذلك كان قبل القرارات الاقتصادية للحكومة بتعويم الجنيه، مما أدى لارتفاع الأسعار، فإن الأمر يتطلب من مجلس النقابة الجديد البحث في زيادة قيمة القروض الحسنة، للحالات الطارئة والعادية، وقروض الزواج.
وتعتبر خدمات الإسكان داخل النقابات من أهم الخدمات التي يقدمها مجلس النقابة للأعضاء، فيجب على مجلس النقابة الجديد العمل على استمرار تقديم خدمات الإسكان الاجتماعي للصحفيين، بالتعاون مع وزارة الإسكان المجتمعات العمرانية.
ربما لم يخطر ببال مجلس نقابة الصحفيين، العمل على إنشاء مستشفى للصحفيين، بما يخدم الجماعة الصحفية، ويستطيع تقديم خدمة صحية جيدة لهم، ولم تخرج الكثير من المطالبات بإنشاء مستشفى للصحفيين، ولكن سيصبح الأمر ضروريًا خلال السنوات المقبلة، بعد ارتفاع تكاليف العلاج والأدوية والعمليات الجراحية، فأصبح لزامًا على مجلس النقابة أن يحذو خطى نقابة المهندسين في إنشاء مستشفاهم الخاص.
وبعد الخطوات التي اتخذها مجلس النقابة الحالي من إنشاء النادي الاجتماعي ومركز التدريب والتطوير بالدور السادس والسابع بالنقابة، بتكلفة مبدأية 25 مليون جنيه، أصبح لزامًا على المجلس المقبل أن يستكمل ما بدأه المجلس القديم، من أجل تطوير المهنة وتدريب الجماعة الصحفية وخدمتهم.