بدون رحمة.. الحكومة تذبح أصحاب الكافيهات بعد واقعة مقتل "محمود بيومي".. ونكشف سر الإبقاء على "كيف" (صور)

وفي جولة لـ"الفجر"، لرصد وتوثيق حال بعض المقاهي والكافيهات والمطاعم على مستوى القاهرة الكبرى، ثبت إلينا أن الجهات الأجهزة التنفيذية قامت بهدم وغلق وهدم عدد من المقاهي بمنطقة مصر الجديدة دون التحقق من مدى قانونيتها أو مخالفتها- بحسب ما أكده العاملين في هذه المقاهي-، مما أدى إلى تدهور حال الكثير من العاملين بهذه المقاهي دون تفكير من الجهة التنفيذية في كيفية تدبير أمور معيشتهم، وما الضرر الذي سيقع على أسرهم.

وتوجهت "الفجر"،  إلى عدد من العمال المتواجدين أمام المقاهي بمنطقة مصر الجديدة، فوجدنا حاله من الحزن تخيم على وجوههم مُعربين عن استيائهم بما قامت به قوات الأمن وهدم أماكن مصدر رزقهم، فقال أحمد سالم، إنه يعمل في هذا الكافية منذ أكثر من أربعة أعوام ولا يمتلك مصدر رزق سواه لسد حاجة أسرته، مؤكدًا أنه كان يعمل في ليبيا من قبل وعندما ساءت الأحوال السياسية هناك جاء إلى مصر ولكن للأسف ليس هناك فرق بين مصر وليبيا، متابعًا: "بلدنا استكترت علينا نشقى فيها.. جات قفلت محل رزقنا طيب هنعمل ايه وهنصرف على أهالينا ازاي.. أنا عندي أربع عيال وأمي عايشة معايا وأبويا كبير في السن وعايش بالايجار.. وكنت راضي بعيشتي حاليا خلاص نسرق ولا الحكومة هتجبلنا وظايف، ولا هي بتخرب بيتو الناس وبس".

وقال صاحب أحد الكافيهات، في منطقة مصر الجديدة التي تم إزالتها وهدمها، إنه تم أخذهم  بسبب خطأ فردي بعد حادث كافية "كيف"، متسائلاً ما ذنبنا وذنب العاملين في الكافية؟، لافتًا إلى أن قرار الإزالة والهدم تسبب في تسريح العمالة وقطع الأرزاق، مؤكدًا أنه سرح خمسة وخمسون عاملاً.

وأضاف صاحب أحد المقاهي، في حديثه لـ"الفجر"، أن رئيس حي منطقة مصر الجديدة  أُخذ العاطل في الباطل دون وجه حق ودون اخطار، على حد قوله، مستكملًا: "رئيس الحي جاء ليخرجنا من أملاكنا لينفذ أمر الإزالة دون حتى تأكد من أننا مرخصين وأوراقنا قانونية أم لا.. وعند سؤاله ما السبب كان رده (أوامر جات بغلق وهدم كل الكافيهات لعدم قانونيتها وفتحها وسط المناطق السكانية)".

فيما أكد محمود عبد المقصود، أحد العاملين في كافي حجرين بشارع "جول جمال" بمنطقة المهندسين بالقاهرة، أن قوات الأمن جاءت يوم الأربعاء وأغلقت الكافية بعدما قامت بتكسيره وتدميره دون أي استئذان ولا حتى سؤال عن صاحب المحال، موضحًا أنهم بدأوا بأخذ الأدوات من المطبخ كالأفران والثلاجات وشاشات التلفزيون والكراسي، وتكسير الزجاج، حتى عواميد الكهرباء قاموا بخلعها ثم أخذوها معهم.

وأضاف "عبد المقصود"، مستنكرًا لـ"الفجر": "الحال ده يرضي مين لما مقهى زي ده يعمل به 45 عامل فاتحين بيوت منه، وراضيين بعيشتهم والغلا ده ..يسرقوا ولا يبيعوا مخدرات ولا يشتغلو بلطجية، يعني الدولة مفكرتش في حجم البطالة اللي هيملى البلد، وأكيد دول مش هيشوفوا أهاليهم تموت من الجوع ولا تتشرد أكيد هيتصرفو عن أي طريق غير قانوني.. بكدة يبقى الدولة ساعدت العمال على تحويلهم لبلطجية".

بينا يقول حلمي محمود، أحد العاملين بكافيه "أوسيا"، بذات المنطقة، أنه يقبع أمام الكافيه منذ الصباح على أمل أن يحنوا مسؤولي الحي عليهم، ويفتح صاحب الكافية المكان لأن وضعه المادي لا يتحمل أن يجلس في المنزل بدون عمل، معلقًا: "عندي ابني بيغسل كلى، وثلاثة ولاد تانيين في المدرسة ومطلوب أجيب كتب وفلوس دروس وطلبات لأن الدراسة هتبدأ خلاص أعمل ايه، وأروح اشتغل فين دلوقتي وهو أصلا مفيش شغل وحال البلد واقف".

ولفت "محمود"، في حديثه لـ"الفجر"، إلى أن حتى المقاهي الأخرى أغلقت أبوابها خوفًا من هدمها أو التعدي عليها، بالإضافة لأخذ الدرجات البخارية "الموتسيكلات" الخاصة بأحد المطاعم الكبرى في المنطقة، فضلا عن غلق مقهى شهير ذو علامة تجارية، والتعدي على محتوياته، مع العلم أنه شركة مرخصة، مطالبًا تدخل الرئيس السيسي لحل الأزمة ومعالجتها بشكل قانوني وانقاذ العاملين من "التشرد"-بحسب قوله.

من جانبه أكد إبراهيم صابر، رئيس حي مصر الجديدة، أن كافية "كيف" أيضًا غير مرخص، حتى الكهرباء يستخدمونها عن طريق السرقة، لافتًا إلى أن الحي أنذرهم أكثر من مرة، وجاء الحادث لفتح النيران على تلك المقاهي، والقيام بتنظيف المنطقة من الاشغالات، مؤكدًا أنه سيتم هدم كافيه "كيف" بالكامل، ولكن بعد تفريغ الكاميرات من قبل قوات الأمن، لتمثيل الحادث من قبل المتهم الحقيقي.

وأضاف "صابر"، في تصريح لـ"الفجر"، أنه منذ ثلاث سنوات قاموا بإنذار الكافيهات المخالفة لإخلائها، لإشغالهم المناطق السكنية، وبالفعل قاموا بحملة من قبل وكان الأهالي بالمنطقة يقفوا لهم ليمتنعوا عن فعل ذلك، ولكن اليوم شجعوا على هدم هذه المقاهي وهو ما يؤكد أنها محل إزعاج للسكان.