بعد انتشار التسريبات لكبار المسئولين.. خبير : التكنولوجيا عاجزة أمام بصمة الصوت العربية (تفاصيل)
قد لا يفاجئ البعض بالتسريبات المسجلة التي يطلقها بعض الأعلاميين لعدد من قيادات جماعة الأخوان المسلمين " المحظورة " وعدد من النشطاء والسياسيين والتي أكثرها كانت في فترة ما بعد ثورة الـ25 من يناير ، علي أعتبار أنهم أشخاص عاديين ولا يتقلدون مناصب هامة وحساسة في الدولة ، ولكن علي الوجه الأخر ظهر عدد من التسريبات لعدد من كبار رجال الدولة ، منهم وزراء سابقين وحاليين ، وأيضاً لبعض من أعضاء المجلس العسكري السابق وحتي رئيس الجمهورية ، والذين بحكم وظائفهم يتقلدون مناصب قيادية هامة ومحورية في الدولة تتطلب مزيداً من السرية والحماية المعلوماتية لكافة الأتصالات التي يجروها أو يتلقوها ، فهل تلك التسريبات حقيقية أم مفبركة ؟
قال الدكتور " محمود الجندي " مدير منظمة أمن المعلومات الدولية وخبير الأرهاب الإلكتروني، إن التسريبات الأخيرة التي شهدتها مصر لعدد من مسئولي كبار الدولة، من الناحية التكنولوجيا لا يوجد سوي برنامج واحد قادر علي عمل " بصمة صوت " خاصة بالشخص وتقليده ، تم عرضه في مؤتمر في الولايات المتحدة الأمريكية وكان من إنتاج شركة " أدوبي " الأمريكية ولكنه في ذلك الوقت كان يعمل علي اللكنة واللغة الإنجليزية ، وقد أثار وقتها دهشة كبار علماء تكنولوجيا المعلومات أثناء عرض قدراته مؤكداً أنه من الصعب أن يستطيع أي برنامج من نفس الطراز أن يصنع بصمة صوت عربية وخاصة اللكنة العامية الخاصة بنا ، وبالتالي الحديث عن أن التسريبات الصوتية التي سربت في الفترة الأخيرة علي أنها مصطنعة أمر مستحيل تكنولوجياً .
وأضاف الدكتور " محمود الجندي " لـ"الفجر" قائلاً ، "اختراق الهواتف المحمولة والمكالمات حتي لكبار رجال الدولة أصبح شيئاً في غاية السهولة بسبب تردي البنية التحتية لنظم الاتصالات التي تمتلكها مصر والشركات التي تمثلها ، ولا يوجد نظام أمني علي مستوي تكنولوجي قادر علي حمايتها ، فأي رئيس جمهورية أو وزير في منصب مرموق في دول الخارج ، عند تسلمه لمهام وظيفته يتم تسليمه هاتف مجمول مؤمن ، يقوم بتشفير المكالمات وبالتالي يصعب رصده وتعقب الاتصالات التي تجري من خلاله ، وهو ما لا يحدث في مصر ودول العالم النامي ، لأننا لا نمتلك تلك التكنولوجيا حتي إذا تم إستيرادها من الخارج فإننا سوف نتعامل مع تكنولوجيا مكشوفة من قبل الدولة المصنعة لها .
وأشار مدير منظمة أمن المعلومات الدولية إلي أن معظم الوزراء والشخصيات القيادية التي تتولي مناصب مرموقة في مصر، عند تسلمهم مهامهم الوظيفية يعتمدون علي هواتف محمولة قديمة لا تحتوي علي أي تطبيقات حديثة ، لمنع اختراق هواتفهم ، وهو أمر لا يحمي الهاتف والمكالمات والاتصالات التي يجريها أو يتلاقها بصورة كاملة مؤكداً أنه يمكن اختراق تلك الهواتف بسهولة أيضاً حتي اذا لم تحتوي علي برامج وتطبيقات حديثة مرتبطة بشبكة الأنترنت الدولية ، ما دامت تلك الاتصالات تتم عن طريق القمر الصناعي ، مشيراً إلي أن الباحثين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يقومون باختراق أنظمة الاتصالات في دول العالم الثالث كتدريب لهم ، بسبب ضعف تلك الأنظمة وتهالكها .
وأكد الدكتور "محمود الجندي" خبير الإرهاب الإلكتروني ، إلي أن جماعة الأخوان المسلمين تمكنوا من اختراق وتسجيل بعض المكالمات لعدد من الشخصيات السياسية والقيادية في الدولة في الفترة التي تولوا فيها حكم البلاد عن طريق عدد من الأجهزة الحديثة الخاصة بتعقب المكلمات والمصنعة في الصين وتم إدخالها للبلاد عن طريق " خيرت الشاطر " ، القيادي في جماعة " المحظورة " وهي أجهزة مكونة من لاب توب يضاف إليه برامج وأجهزة تعقب يمكن إدخالها علي حدي ، وبعدها يمكن تجميعها وتركيبها، ووصلها بأي برج اتصالات من شركات الاتصالات الموجودة أعلي المباني السكنية وبالتالي يلتقط كل المكالمات والاتصالات التي تكون في محيط ودائرة البرج بالكامل ، مشيراً إلي أن مثل تلك الأجهزة تم العثور عليها في مكتب الأرشاد الخاص بالجماعة المحظورة عند اقتحامه في الثورة .
وقال خبير أمن المعلومات ، إلي أن الجماعة أيضاً تمكنت من خلال تلك الأجهزة رصد الترددات الخاصة بالأجهزة اللاسلكية الخاصة بأجهزة الشرطة المدنية لتعقبها وتسجيل حركة القوات ، والأوامر التي يتلقونها أثناء الثورة ليتجنبوا الضبط والمطاردة الأمنية من قبل قوات الشرطة ، إلي أن تم ضبط مجموعة منهم تمتلك تلك الأجهزة ، وقاموا باتخاذ تدابير أمنية وتكنولوجية لتأمين الأتصالات اللاسلكية الخاصة بأفراد وضباط الشرطة فيما بينهم ، مشيراً إلي أن تلك الأفعال تعتبر جريمة أمن قومي في غاية الخطورة ، وتحتاج إلي تشريع خاص لمن يقومون بالتجسس والتنصت علي وسائل الأتصالات وخاصة ً إن كان التسجيل لشخصيات قيادية واعتبارية .
وحذر الدكتور " محمود الجندي " مدير منظمة أمن المعلومات الدولية ، من تهالك أنظمة الإتصالات والشركات التي تديرها في مصر مؤكداً أنه أمر في غاية الخطورة إذا ظل الأمر كما هو ، لأنه يعرض أمن مصر القومي للخطر، فتصبح أهم القرارات القومية والسياسية محل تنصت وتجسس جهات خارجية وداخلية لا تريد الخير للبلاد مشدداً علي ضرورة تحديث وتطوير نظم الأتصالات لدينا وعمل نظام أمني يتطور مع الوقت ليواكب التكنولوجيا الحديثة في أنظمة الأتصالات حول العالم ، لتمكين مصر ومسئوليها من الحفاظ علي سرية المكالمات التي يتم إجرائها فيما بينهم حفاظاً علي الأمن القومي المصري .
وأضاف الدكتور " محمود الجندي " ، إلي أن التنصت علي كبار رجال الدولة لا يوجد في مصر فقط ، بل طال عدد كبير من دول العالم ، ومنهم دول ذات تكنولوجيات معلوماتية عالية الدقة ، مثل ألمانيا والتي أعترف الجاسوس الأسرائيلي " سنودن " في قضيته الشهيرة ، أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تتنصت علي هواتف رؤساء العالم ومنهم دول في الأتحاد الأوروبي ودول شرق أسيا والشرق الأوسط ، ولكنه لم يذكر دول بعينها إلا أن هذه الدول أعترفت بالثغرات الأمنية التي لديها وأمنت نفسها ورؤسائها والأتصالات التي يجروها أو يتلقوها حفاظاً علي أمنها القومي .
في السياق ذاته قال " عبد الفتاح السيسي " رئيس الجمهورية في وقت سابق ، بعد تسريب طاله شخصياً مع أحد مسئولي كبار الدولة ، أن تلك التسريبات غير حقيقية وتدخل في إطار حروب الجيل الرابع ، وهدفها الوقيعة بين مصر وأشقائها العرب وزعزعة الأمن والأستقرار الداخلي .