تعيين ترامب لمستشار مثير للجدل في منصب أمني حساس يثير موجة غضب

عربي ودولي

بوابة الفجر

 في الوقت الذي أثار فيه الأمر التنفيذي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحظر دخول المهاجرين من سبع دول إسلامية موجة من القلق بين المسافرين في مختلف أنحاء العالم، بينما دبت حالة من الفوضى في المطارات الأمريكية، مع إعراب زعماء العالم عن إدانتهم لهذا الإجراء، يقوم ترامب بخلق حالة من الحقائق الخاصة به على أرض الواقع.

فقد وقع أيضا أمرا تنفيذيا بتشكيل مجلس الأمن القومي التابع له، وهو أمر تناقض نص الأمر المقتضب مع أهميته.

فقد عين ترامب مستشاره الاستراتيجي المثير للجدل ستيفن بانون عضوا دائما في هذا المجلس البالغ الأهمية، وفي نفس الوقت إبعد كل من رئيس هيئة الأركان المشتركة ومدير المخابرات الوطنية منه.

وسيحضر رئيس هيئة أركان القوات المسلحة ومدير المخابرات وهما مؤسستان تتمتعان بالنفوذ جلسات المجلس مستقبلا، فقط عندما يقوم المجلس بدراسة قضايا متعلقة بمجالاتهما.

وهذا أمر يثير الانتباه لسببين، الأول أن وضع بانون تلقى دفعة كبرى، حيث سيكون عضوا في اللجنة الأساسية بمجلس الأمن القومي إلى جانب وزيري الخارجية والدفاع.

والسبب الثاني هو أن هذا الإجراء يلقي الضوء على التيارات المتنافسة داخل إدارة ترامب فيما يتعلق بدور الولايات المتحدة على المسرح العالمي.

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية تبدو الإدارة الأمريكية منقسمة إلى عدة تيارات، ويضم التيار التقليدي وزير الدفاع جيمس ماتيس وهو جنرال متقاعد أصبح يدير البنتاجون الآن.

بينما يضم التيار المتشدد مايكل فلين مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي وهو جنرال متقاعد آخر، يرى أن الولايات المتحدة تخوض حربا ضد الإرهاب، ثم هناك عناصر التيار الذين يعطون دفعة لأجندة ترامب حول "أمريكا أولا".

ومن ناحية منظور ترامب يبدو الاتجاه واضحا، ويتمثل في ضرورة أن تصب السياسية الخارجية الأمريكية في تحقيق المصالح الأمريكية وحدها.وينظر للدبلوماسية من منظور "عقد الصفقات" مثل المناورة على طاولة المفاوضات لتحقيق هدف دائم وهو استقطاع أكبر مكسب للولايات المتحدة.

ولم يعد يبدو دور الولايات المتحدة التقليدي "كزعيم للعالم الحر" مناسبا حاليا، حيث من الواضح أن ترامب ليس لديه اهتمام يذكر بالدفاع عن النظام الليبرالي العالمي الذي كانت بلاده واحدة من مهندسيه الرئيسيين.

ويرى توماس رايت الباحث بمركز بروكينجز للدراسات الاستراتيجية بواشنطن أن ترامب لا يتمتع بعدد كبير من المؤيدين الذين على استعداد لتنفيذ رؤيته إزاء العالم.

وقال بانون في مقال له نشر مؤخرا إن بانون يعد استثناء في هذا الصدد، على الرغم من أنه ليس خبيرا في السياسة الخارجية.

ويعد بانون عقائدي الفكر بقوة، وقال عام 2013 أنه لينيني الاعتقاد لأن الزعيم السوفيتي الراحل لينين أراد أن يهدم الدولة وهو هدف له أيضا.

وعندما كان مديرا لموقع بريتبارات الإخباري الإليكتروني دافع صراحة عن أجندة قومية الاتجاه، وتم اتهامه بأنه عنصري يروج لتفوق الإنسان الأبيض، بل اتهم بأنه معاد للسامية على الرغم من أن الموقع الإليكتروني نفى ذلك.

واعتاد بعض العاملين في وسائل الإعلام الأمريكية الإشارة إليه على أنه محرك للدمى حيث يتمتع بنفوذ كبير للغاية على ترامب، ويتردد أن معظم مضمون الكلمة التي ألقاها ترامب في حفل التنصيب والتي كانت تنذر بالسوء كان من أفكاره.

ويمكن ملاحظة يد بانون أيضا وراء قرار حظر دخول مواطنين من سبع دول إسلامية إلى الولايات المتحدة.

ولا يتمتع بانون بخبرة في السياسة الأمنية، وخدم كضابط في البحرية الأمريكية منذ أكثر من 20 عاما.

وظهرت حالة من الغضب داخل مؤسسة السياسية الخارجية بواشنطن إزاء قرار إعطائه مقعدا دائما في اللجنة الأساسية بمجلس الأمن القومي، بينما تم تقليص دور رئيس هيئة أركان القوات المسلحة ومدير المخابرات.

وقال ليون بانيتا الرئيس السابق لهيئة العاملين باليت الأبيض والذي شغل من قبل منصب وزير الدفاع لصحيفة نيويورك تايمز "إن آخر مكان تريد أن تضع شخصا ما يشعر بالقلق حيال السياسات هو غرفة يتحدث فيها الحاضرون عن الأمن القومي".

وأضاف بانيتا الذي تولى أيضا منصب مدير جهاز المخابرات الأمريكية (سي.آي.أيه) إن الدور الأساسي لبانون كان هو "السيطرة على ضمير الرئيس أو قيادته استنادا على وعوده الانتخابية، وهذا ليس هو الدور الذي يفترض أن يكون لمنوطا به مجلس الأمن القومي الأمريكي".

وأعرب السناتور الجمهوري البارز جون ماكين عن قلقه إزاء تسييس محفل مهمته أن يكون الجهاز العصبي للسياسة الأمريكية في مجالي السياسة الخارجية والأمن.

وبهذه الخطوة يضمن ترامب أن نظرته تجاه العالم ممثلة عند اجتماع اللجنة الأساسية بمجلس المن القومي، حيث أن الرئيس نفسه لا يتمتع بمقعد دائم في هذه اللجنة.

وأصبح من الواضح أثناء جلسات الاستماع التي أجراها مجلس الشيوخ حول تعيينات ترامب أن ثمة خلافات في وجهات النظر داخل الإدارة الأمريكية.

ويعد وزير الدفاع ماتيس مدافعا قويا عن دور الناتو ومعارضا لأي تقارب مع روسيا.

ويعتزم مدير المخابرات المركزية مايك بومبيو تعقب أثر قراصنة الإنترنت وهو ما يقود إلى موسكو، وحتى ريكس تيليرسون - إذا حصل على تصديق مجلس الشيوخ على تعيينه وزيرا للخارجية - يبدو أنه يريد الاستمرار في السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية.

وبذل البيت الأبيض جهدا كبيرا للتقليل من موجة الغضب حول تعيينات مجلس الأمن القومي.

واتهم سين سبايسر المتحدث باسم البيت الأبيض مجددا وسائل الإعلام بنشر معلومات زائفة، وقال إن ما تم الترويج له بأن ترامب قلل من مرتبة رئيس الأركان ومدير المخابرات هو "هراء تام".

بينما اتسم رد فعل البنتاجون بالهدوء، فقال المتحدث جيف دافيس يوم الاثنين الماضي إن شيئا لم يتغير بالنسبة لدور الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة.

وأضاف المتحدث بعبارات دبلوماسية واضحة إن وزير الدفاع ماتيس يعتبر دانفورد أكثر مستشاريه أهمية في الشؤون العسكرية، وخطط لأن يكون بجانبه بشكل دائم عند مناقشة المسائل المتعلقة بالأمن القومي.