المنسيون من ذاكرة الدولة.. الفقراء في الصعيد يموتون برداً والأثرياء في نعيم الدفايات (تقرير)
عندما يطرق الشتاء الأبواب يسارع الجميع الى الاختباء داخل منازلهم أو بجانب المدفأة ليحتموا من لسعات البرد القارصة، والتي تخترق الجلد واللحم لتصل إلى العظم، لنجد النسبة العظمى من الناس تتبختر بأفخر الملابس الصوفية والفرو وغيرها من الملابس التي تحمي اجسادهم "الناعمة" من برد الشتاء، ولكن ماذا عن حال الفقير؟
حيث مع بداية فصل الشتاء تبدأ معاناة والآم الفقراء ومحدودى الدخل، مابين الاحتماء من برد الشتاء من جهة ومن جهة آخري كيفية الاحتماء من السيول المحتملة.
27% من سكان مصر لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية
مشكلة الفقر هي مشكلة يعاني منها نسبة كبيره من المصريين، حيث كشف الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء بداية العام الجاري، أن نسبة 27.8% من السكان فى مصر فقراء ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، وهو ما يعد كارثه حقيقيه، وخاصة بمحافظات الصعيد وعلى رأسهم محافظة سوهاج وأسيوط، حيث تعد نسبه الفقراء مرتفعه بريف الوجه القبلى بنسبة ،57% مقابل 19.7% من ريف الوجه البحرى،
كما أن الكثير من أصحاب الطبقة المتوسطه في طريقهم الي طبقة الفقراء، والمشكله هنا ليس لها حل لعدم توفير فرص عمل للشباب بالشكل المطلوب، مع أن الموارد المصرية كان يجب استغلالها لبناء مصانع وشركات تتيح لشريحة كبيره من الشباب لوصولهم حتي الي درجة عدم الاحتياج أو التسول، بالاضافة الى ارتفاع اسعار السلع وغيرها من احتياجات المواطن اليومية بشكل كبير جداً.
كل ذلك يجعلنا نتخوف من حقيقة هذا الأمر الذي هو في الأساس من دور الدولة ومنظمات حقوق الإنسان، التي من المفترض أن تتكفل برعاية الأسر الأكثر فقرا، والعمل على توفير الإحتياجات الأساسية لهم، حتي لايتم استغلال الفقراء والمحتاجين في أعمال تدفعهم للاجرام أو انسياقهم خلف الأفكار المتطرفة، وهذا ما لاحظناه الفترة الأخيرة.
"مدافئ الحطب".. الحل البديل للفقراء في هذا الشتاء
تجولت "الفجر" داخل قرى ومراكز احدى محافظات الصعيد لرصد أهم المشكلات التي تواجه الفقراء في كل عام مع بداية موسم الشتاء، وفي بداية جولتها التقت بالسيده "عفاف احمد" أم لخمسة ابناء، والتي تسكن بجزيره عرب محروس، حيث تقول أنها تعاني أشد المعاناة في فصل الشتاء هي واولادها لعدم قدرتهم علي شراء اغراض الشتاء التي تأويهم من البرد الشديد، مشيرةً الي أن هناك اشخاص تساعدهم في بعض المصاريف طوال العام.
وتضيف اخرى، وهي تعمل بائعة خضار لسد احتياجاتها هي واسرتها، حيث تقول أن منزلها معرض للخطر وآيل للسقوط، حيث أنه يحتاج إلي ترميم لأن هناك الكثير من التشققات داخله، كما أن منافذه التي تدخل الهواء غير مجهزه تجهيز دقيق استعداداً لمنع دخول الهواء المنزل.
ويشكوا الحاج "سيد احمد" يقطن بحي الكوثر، والذي يتكون منزله من طابق واحد فقط، من نزول المطر في فصل الشتاء، حيث أن في بعض الاحيان ينزل المطر بغزارة شديدة، لتكن المياه بجوارنا تملأ الغرف، وهذا اصعب ما نراه في فصل الشتاء.
وعلى لسان اخرى وتعمل بائعه جائلة " ماذا ستفعل يا اخى اذا كنت مثلى لا تجد سقف يحويك من البرد الشديد ولا ملبس يدفينى في ليلي الطويل حتى اطفالى يتقطع قلبي عندما انظر اليهم وأراهم يرتجفون ولا بديل عن النار التى اشعلها لتدفئ البيت وهى التى تدفأه هى بنفسها التى تملأه دخان يعمى العيون وبالفعل اصابنى بالحساسيه" .
ماذا يريد الفقير؟
من ناحية اخرى يقول المواطن "عمرو علاء" أن متوسط دخل المواطن المصري قليل جداً بالنسبه لمتوسط دخل المواطن بالدول المختلفة، ويرجع ذلك لسياسه التخطيط الخاطيء من قبل الدوله والحكومة، وايضًا الدور سلبي للأفراد القادرين في عدم مساعدة غيرهم ممن هم يحتاجون الي ذلك من ناحيه الجمعيات الخيرية وغيرها.
وأكمل "محمود مصطفي" قائلاً: يجب على الدوله التدخل للحد من شده هذه المعاناه وعدم التواكل على الجمعيات الخيريه التى تقوم بهذا الدور فنحن نرى قيام بعض الجمعيات الخيريه مثل " مصر الخير - رساله - دار الاورمان " وغيرها من الجمعيات التى تسعى الى الوصول لاكبر عدد من المتضررين ومساعدتهم، مما نتج عنه استرخاء في اجهزة الدوله والمنوط بها القيام بهذا الدور.
وعلى نفس المنوال طالب" محمد ابراهيم " الحكومة بأن تهتم اكثر بالناحية الصحية، خصوصًا الاطفال لأن من المعروف أن الامراض أكثر مشاكل فصل الشتاء بالنسبة للفقراء تحديداً، والغير قادرين علي الاستعداد الشتوي بمنازلهم، فواجب الحكومة مراعاة الطبقة الفقيرة مراعاة دقيقة لتوفر لهم الملابس والغطاء لتحميهم من البرد القارص.
وأشار الي أن من المفترض أن يكن هناك سيارات تأمين صحى متنقله تحاول مساعده الفقراء ومحدودى الدخل، كما يمكن أيضاً تخصيص عساكر من قبل الجيش المصري لهم في العمل المعماري، وكل اسبوع على نفقه الجيش يصنعوا سقف إلى أسرة فقيرة حتى وإن كان بالخشب.
ومن جانبها قالت "شيماء ابراهيم" إنه لا شك أن الفقير يعانى أسوأ معاناة ففى فصل الشتاء تتدهور حالته الصحيه لعدم الاهتمام والرعايه به، كما أنه لا يستطيع الذهاب الى التعليم لعدم قدرته على سداد المصاريف.
وعاتبت "فاطمة ابو الفضل" المواطنين المقتدرين.. متسائلة: "هل فكرنا من قبل في حال هذا الفقير الذى لا توجد في بيته (دفاية) أو غطاء، أو حتى ملبس ثقيل يحميه من البرد وشدته.. هل تسائلنا عن مدى المعاناة التى يعانيها الاطفال في الشتاء ونحن نلبس ونشترى الملابس الشتويه وتكون بحولنا الدفايات وكذلك البطاطين، فنحن نعيش وننسي الفقراء والمحتاجين المناظرين منا ان نتذكرهم ونشفق عليهم بالملابس قبل الأموال؟" .
وفي النهاية بعد أن رصدت "الفجر" معاناه الفقراء وبعض المطالب نجد أن على رجال الأعمال الوقوف بجانب الحكومه التي لا يمكن لها ان تواجه كل الأزمات في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها مصر، لتخفيف العبء على الفقير وكذلك مساعدة الدولة بقدر المستطاع، بالإضافة إلى تدشين حملة تحت شعار "حملة رعاية الفقراء من برد الشتاء"، ليكون دورها الانتشار بشكل منظم، ومعاينة وفحص مساكن الفقراء، تجنبًا لحدوث أي من السيول والأمطار والرياح والعواصف التي من المتوقع حدوثها، بالإضافة الى توفير العلاج لبعض الفقراء و ذوي الاحتيجات الخاصة.