انفراد بالمستندات.. قطعة أرض بالدقهلية تكشف فساد "الإصلاح الزراعي"
- إهدار واستيلاء على المال العام وتلاعب وتزوير وانتهاك للقانون
- الهيئة تبيع الأرض ذاتها لأربع أشخاص وجهات مختلفة بأربع عقود مختلفة وفي نفس الوقت تحصل أموال حق الانتفاع من آخرين دون أن تذهب حصيلة الأموال لخزينة الدولة.. ترفض تنفيذ حكم قضائي بتقنين وضع الأرض لصالح حائزي الأرض بوضع اليد ببيعها لهم.
قطعة أرض صغيرة مساحتها 7 قيراط تقع في عزبة "بهي الدين بركات" بمحافظة الدقهلية، كشفت عن حجم الفساد والإهمال الإداري والمالي وانتهاك القانون داخل الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وذلك من خلال مستندات رسمية مرفقة بملف فساد مقدم للنيابة العامة ضمن طيات البلاغ رقم 359 لسنة 2017.
ملف الفساد الذي حصلت "الفجر" على نسخة منه، جاء فيه أن قطعة الأرض الصغيرة المشار إليها، والتي تقع في مركز "سنفا" في "ميت غمر" بالدقهلية، تقع ضمن حيازة المواطنين، "العوضي أحمد عبداللطيف مسعود، ومحمد عبده حسن المنشاوي"، وذلك عن طريق وضع اليد، منذ عام 1961 وحتى الأن، مقابل حق انتفاع يسدد بانتظام للجمعية الزراعية التابعة لعزبة بهي الدين بركات، بموجب إيصالات سداد منتظمة منذ ذلك التاريخ وحتى وقتنا هذا.
حيث إن قطعة الأرض هذه تقع ضمن منطقة "حكر" تابعة لهيئة الإصلاح الزراعي، وتم توزيع المنطقة، بعد تقسيمها إلى أراضي صغيرة، على الأهالي وذلك في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي، وذلك مقابل حق انتفاع يسدد إلى الهيئة بشكل منتظم ودائم منذ تاريخ توزيع الأراضي.
وأنه بتاريخ 17 سبتمبر 1994 تقدم حائزا الأرض بطلب إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي للموافقة شراء الأرض، إلا أن الهيئة رفضت طلب الشراء على الرغم من قبول باقي طلبات أهالي القرية في الأراضي المجاورة والمماثلة لذات الوضع، ودون أسباب للرفض، ما دفع حائزي الأرض إلى إقامة الدعوى رقم 64 لسنة 1995 أمام محكمة المنصورة الابتدائية، للمطالبة بأحقيتهما في الشراء.
وقد حكم في الدعوى لصالحهما بالفعل، بأحقيتهما في طلب الشراء، وذلك إستنادا للتقرير الصادر من مكتب خبراء إدارة جنوب الدقهلية، والذي أثبت بعد المعاينة والتحري أن مقيما الدعوى حائزين للأرض منذ عام 1961 "حيازة هادئة مستقرة" ومسددين لمقابل حق الانتفاع، واستنادا على الربط الضريبي الواقع على الأرض، والثابت في إدارة الملكية والحيازة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
إلا أنه ومنذ ذلك التاريخ وعلى مدار 20 سنة كاملة لم يتمكن حائزي الأرض، وفقا للحكم القضائي، من شراء الأرض وتقنين وضعهما، بل والغريب أنه ظهرت 4عقود بيع لقطعة الأرض جميعها صادر من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، لصالح 4أشخاص وجهات مختلفة، وبتواريخ وأثمان مختلفة، بل والأغرب من ذلك هو أنه من بين العقود الأربعة، وجد عقدين بيع من قبل الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، حررا بذات التاريخ، ولكن بسعرين مختلفين ولأشخاص وجهات مختلفة.
والعقود الأربعة التي حصلنا على نسخ منها، جاءت جميعها بعد الدعوى القضائية بتمكين حائزي الأرض من شرائها، حيث جاء العقد الأول بتاريخ 17 يناير 1996، بأن قامت الهيئة بتحرير عقد بيع لصالح هيئة الأبنية التعليمية، ويمثلها علي عبدالباري، نظير مبلغ وقدره 7 ألاف و967 جنيها.
العقد الثاني حرر بذات تاريخ العقد الأول، بأن قامت الهيئة بتحرير عقد بيع لصالح لطفي الإمام السكري مدير الجمعية الزراعية بالمنطقة المتواجد بها الأرض، نظير مبلغ وقدره 7ألاف و161 جنيه، بعد أن قام مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، بتقييم سعر المتر بمبلغ 6جنيهات فقط.
أما العقد الثالث فقد حرر بتاريخ 13 إبريل 2004، بأن قامت الهيئة بتحرير عقد بيع لصالح جمعية "بهي الدين بركات"، لغرض إقامة مدرسة، بينما حرر العقد الرابع بتاريخ 21 سبتمبر 2010، بأن قامت الهيئة بتحرير عقد بيع لصالح هيئة الأبنية التعليمية مجددا، نظير مبلغ وقدره 9ألاف و378 جنيه.
العقود الأربعة تؤكد وفقا للبلاغ المقدم للنيابة من قبل المحامي علاء مكاوي، بصفته وكيل حائزي الأرض الأصليين، أن هناك عمليات تلاعب وتزوير وإهدار واستيلاء على المال العام للدولة والمال الخاص، قد حدثت من خلال اصطناع هذه العقود وتحصيل قيمتها من أشخاص مختلفة، من جانب، وفي نفس الوقت تحصيل قيمة حق الانتفاع من حائزي الأرض، والذي كان أخر وصل فيها بتاريخ 31 ديسمبر 2016، من جانب آخر، وانتهاك القانون من خلال رفض تمكين حائزي الأرض من الشراء طوال تلك الفترة، من جانب ثالث، دون أن تذهب أغلب هذه الأموال المحصلة لخزانة الدولة.