ما لم يشاهده السيسي في أسوان.. كارثة أخفاها المسؤولون خوفا من الرئيس
عند مصب مصرف كيما في النيل، لن تستطيع أن تصمد لمدة 3 دقائق من شدة رائحة مخلفات الصرف الصحي، مأساة بيئية وصحية يعيشها أهالي أسوان بالتزامن مع زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمحافظة، لافتتاح مؤتمر الشباب الشهري، خطر كان مخرًا للسيول في الماضي، استغلها مصنع كيما في صرف مخلفاته والذي يلقي بدوره في النيل مباشرة.
يشترك معها هيئة الصرف الصحي التي تلقي بالصرف الصحى لمدينة أسوان في النيل في مشهد كارثي يتكرر منذ 60 عامًا، يئن منه المواطنون يوميًا دون أي تحرك حكومي، لم يقتصر استخدامه على تلك الجهات فقط، بل استخدمه معسكر الأمن المركزي مصرفًا للتخلص من مياه الصرف.
وتشهد أسوان هذه الأيام، تشديدات أمنية بالتزامن مع زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمحافظة، حيث يعقد مؤتمر الشباب المخصص للصعيد اليوم وغدًا، في حضور الرئيس.
حيلة مسؤولي المحافظة لمنع الروائح الكريهة قبل زيارة السيسي
على بعد أمتار من المصرف، كان السيسي متواجدًا في مسجد الجامع بمدينة أسوان لأداء صلاة الجمعة، مر اليوم على مسؤولي المحافظة مرور الكرام، بعدما أخفوا جريمة المصرف قبل أيام عن الرئيس، خوفًا من امتداد الروائح إلى أنفه، لكنهم لم يستطعوا إخفاء ملامح الجريمة عن الرأي العام، بعدما تقدم عدد من أهالي محافظة أسوان ببلاغ عاجل حمل رقم 645 لسنة 2017، للتحقيق مع المسؤولين بمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي والمحافظ، قالوا فيه إن المسؤولين حولوا مجرى مخلفات الصرف الصحي بمصرف كيما بمنطقة "أبو الريش قبلي" إلى مياه النيل لإخفاء الروائح الكريهة، التي تصدر من المصرف خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمحافظة وحضور مؤتمر الشباب.
بلاغ ضد المسؤولين بسبب الكارثة البيئية
وحرر الأهالي محضرًا بقسم أسوان يتهمون فيه رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسوان، ورئيس الإدارة المركزية لري أسوان، ومدير هندسة الري، ومدير حماية النيل بالمنطقة الجنوبية، لتسببهم في كارثة بيئية تتمثل في وضع مواسير طويلة تمر عبرها كميات مياه الصرف الصحي والتي تصل لـ120 ألف متر مكعب يومياً إلى داخل نهر النيل بأسوان.
عادل روسي، أحد أهالي أسوان، قال لـ"الفجر"، إن "مسؤولي شركة الصرف الصحي وضعوا حوالي 35 ماسورة صرف كبيرة، لتصريف ما يقرب من 120 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي، وإبعاء الروائح الكريهة الناتجة عن مصرف السيل عن المسجد الذي صلى فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي صلاة الجمعة"، لافتًا إلى أنهم لم يفلحوا في إبعاد الرائحة الكريهة عن المنطقة، وظلت كما هي، حسب قوله.
وقال المرصد العلمي لحماية نهر النيل، إنه سيقدم بلاغات ضد وزراء الري والتنمية المحلية والبيئة، بعدما مد مسؤولو شركة مياه الشرب والصرف الصحي بدعم من محافظ أسوان مواسير الصرف المباشر لمياه الصرف الصحي والكيميائي بأسوان (أكثر من ١٢٠ ألف متر مكعب يوميا)، لتنقلها إلى منتصف النيل لإخفاء معالم إخفاقهم في إيجاد حلول لتلويثهم نهر النيل، ومحاولة منهم للتعتيم على الأمر بالتزامن مع زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لأسوان.
النيابة تتحرك وطلب إحاطة لمجلس النواب
منذ يومين، قررت النيابة العامة، تشكيل لجنة ثلاثية من جهاز شؤون البيئة لمعاينة موقع مصرف كيما وبيان حجم المخالفة وطبيعتها والمتسبب فيها من الجهات التنفيذية واستدعائهم لمواجهتهم بالمخالفات.
وتقدم النائب بمجلس النواب عن الدائرة شرعي محمد صالح بطلب إحاطة عاجل للدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب ضد وزير التنمية المحلية حول الواقعة، مطالبًا بمحاسبته ومحاسبة محافظ أسوان على هذه الكارثة البيئية التي قد تتسبب في إصابة المصريين بأمراض شتى جراء تلوث مياه الشرب.
وقال "صالح"، في تصريحات صحفية، إنه يجب محاسبة المسؤولين بالمحافظة على هذه الكارثة، التي تستمر منذ سنوات طويلة، مؤكدًا: "المنطقة أصبحت مصرفًا لمخلفات المستشفيات والمصانع المجاورة، وارتكب المسؤولون هذه الجريمة خشية أن تنبعث الرائحة خلال مرور الرئيس عبدالفتاح السيسي فيحيلهم للتحقيق".
شركة مياه الشرب ومحافظة أسوان ترد
أرسلت شركة مياه الشرب والصرف الصحى بيانًا لوسائل الإعلام المختلفة على لسان رفعت إسماعيل رئيس فرع شركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسوان أكد فيه أن الأعمال الجارية حاليًا بتركيب مواسير عند نهاية مصب مصرف السيل على النيل يأتي ضمن الجهود المبذولة حاليًا من وزارة الإسكان ومحافظة أسوان للانتهاء من مشكلة الصرف الصحي عند مصب النيل، لافتًا إلى أن تركيب هذه المواسير يستهدف القضاء على الروائح الكريهة المنبعثة بمنطقة الكورنيش ومدخل المدينة الشمالى، التى كانت أحد أهم المطالب الجماهيرية فى السنوات الماضية.
بينما رد اللواء مجدي حجازي محافظ أسوان، قائلًا إن الإجراءات التي تم اتخاذها منذ بداية اقتحامه لملف مصرف السيل "كيما" للقضاء نهائيًا على أكبر بؤرة تلوث بمدخل مدينة أسوان الشمالي، تم تنفيذها نتيجة تعدد المطالب من المواطنين خلال اللقاءات العامة الجماهيرية للمحافظ، وكذلك طرح وسائل الإعلام لهذه المشكلة.
وأوضح، أن التحدي كان هو محاولة إنهاء الحل، الذي توصلت إليه لجنة متخصصة وفنية برئاسته، وضمت جميع المسؤولين في الجهات المعنية من الهيئة القومية وشركة مياه الشرب والصرف الصحي والري والبيئة، بجانب شركة كيما، علاوة على المتخصصين بجامعة أسوان، وذلك عقب زيارة وزير الإسكان للمحافظة فى نوفمبر 2016 والتى وجه خلالها بدراسة المشكلة لحين تنفيذ المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الصحى الواردة من محطتى كميا 1 وكيما 2.
وأوضح اللواء مجدي حجازي، أن الحل المؤقت الذي توصلت إليه اللجنة تمثل في حل علمي، وهو إلقاء أوكسيد الكالسيوم بنسب محددة في مخر السيل للتفاعل مع البكتيريا الضارة وتقليل آثارها بينما تمثل الحل الهندسي لمنع أو تقليل الرائحة الكريهة بصرف المياه من خلال مواسير U.P.V.C البلاستيكية والتي تمنع أي ترسيبات داخلها نظرًا لنعومة سطحها الداخلي، وبالتالي منع تراكم المخلفات مرة أخرى على الحجارة الموجودة بأرضية المخر، والتي تسبب الرائحة الكريهة.
وقال هذه النوعية من المواسير تساعد على سرعة تدفق المياه مما يساهم في قتل البكتيريا بشكل أسرع وخاصة بعد ضبط مناسيب وميول المواسير لتقليل ومنع مرور المخلفات الصلبة وحجبها ثم تطهيرها ورفعها بصفة دورية تجنبًا لوصولها إلى نهر النيل.