محمد مسعود يكتب: منتخب مصر للتأمين
ندفع 60 ألف جنيه يوميا لعجوز أرجنتينى فاشل هجوميا
جاء الأداء الباهت لمنتخبنا الوطنى لكرة القدم فى المباراتين الأخيرتين له أمام مالى وأوغندا، فى منافسات بطولة الأمم الإفريقية التى تستضيفها الجابون، بمثابة الصدمة لجماهير الكرة المصرية التى لم تعتد على مثل هذا الأداء الدفاعى الذى يفرضه المدير الفنى الأرجنتينى العجوز هيكتور كوبر، الذى يعتمد على التأمين وعدم استقبال أى أهداف.
وما زاد من مخاوف الجميع هو تواضع الفريقين المنافسين، مقارنة بمجموعة اللاعبين الذين يمثلون المنتخب المصرى فى النسخة الحالية من البطولة، لكن كوبر وحده قرر احترام مالى أكثر من اللازم، ولعب على التأمين الدفاعى بشكل مزمن، وعدم تقدم ظهيرى الجنب عبد الشافى من اليسار، وأحمد فتحى من اليمين، فخسرت مصر نقطتين وكادت أن تتجرع هزيمتها الأولى فى المباراة الافتتاحية لها فى البطولة، لولا براعة الشناوى الذى خرج مصابا فى الشوط الأول، ويقظة الحضرى «البديل» فى شوط المباراة الثانى.
ومن مالى إلى أوغندا لم يختلف الأمر كثيرا، تغيير وحيد فى الشق الهجومى، بقاء عبد الله السعيد خارج الخطوط لحساب دخول رمضان صبحى إلى التشكيلة الأساسية، وكان رمضان هو مصدر الخطورة والإزعاج الوحيد حتى خروجه من المباراة والدفع بعمرو وردة الذى لم يقدم أوراق اعتماده ليحمل تى شيرت منتخب مصر حتى كتابة هذه السطور.
لينقذ هدف عبد الله السعيد «البديل» من تمريرة بدأها كهربا «البديل أيضا» فى الدقيقة 89 من عمر المباراة رقبة المدرب العجوز الذى يلعب كرة عفى عليها الزمن، ويبدو أنه لم يفهم حتى الآن إمكانيات اللاعبين الذين اصطحبهم معه، بدليل تغيير عمرو وردة وبقاء محمود عبدالمنعم كهربا على الخطوط حتى الدقيقة 80 من عمر المباراة، وسحب رمضان وهو مصدر الخطورة الوحيد، والاحتفاظ بمحمد الننى فى أرض الملعب رغم أنه الأسوأ حتى الآن فى 180 دقيقة لعبها المنتخب فى البطولة.
1- دفاع حديدى وهجوم بلا أنياب
كتبت النسخة الحالية لكأس الأمم الإفريقية بالجابون، شهادة الميلاد الدولية لعلى جبر لاعب الزمالك، خاصة أنه كان بديلا لرامى ربيعة لاعب الأهلى المصاب، ولا يتمتع بالثقة نفسها التى يتمتع بها ربيعة، لكن تألق على جبر شكل مع أحمد حجازى، الخيار الدفاعى الأول للمنتخب، قوة دفاعية جعلته حديديا، خاصة مع تألق جبر وحجازى فى الكرات العرضية التى كانت دائما وأبدا تشكل خطورة بالغة على مرمى المنتخب الوطنى.
وساعد الحظ فى تألق ملحوظ وغير عادى للظهير الأيمن أحمد فتحى الذى ينقصه دقة التمرير ليكون لاعبا عالميا من طراز فريد، ومستوى ثابت لملك الجبهة اليسرى محمد عبد الشافى، ليكون الرباعى خط دفاع قوياً، ثابت المستوى، مقارنة بخط الهجوم الذى يلعب بشيء من العشوائية، خاصة مع ابتعاد محمد صلاح عن مستواه فى المباراتين، وخروج عبد الله السعيد من الخدمة فى اللقاء الأول أمام مالى الذى انتهى بتعادل سلبى، وأداء أكثر سلبية.
غير أن المحاولات الهجومية لمحمود تريزيجيه، فى مباراة مالى، وتألق رمضان صبحى أمام أوغندا، لم يكن لهما تأثير فعال على أداء المنتخب، كونها محاولات فردية تعتمد على المهارة لا على الجمل التكتيكية التى غابت عن المنتخب المصرى.
2- لغز الننى.. فى الوسط الغائب
كان أداء محمد الننى فى مباراتى مالى وأوغندا، بمثابة اللغز، لدرجة أن التعليقات وصلت لحد التشكيك فى مدى قدرته على مواصلة احترافه فى الأرسنال الإنجليزى، وتساءلوا كيف للاعب بهذا المستوى أن يلعب فى هذا الفريق العالمى، والحقيقة لولا وجود المقاتل طارق حامد فى وسط الفريق، لانكشف خط الوسط تماما، ولم يستطع القيام بأدواره الدفاعية.
الننى فى ظل عدم امتلاك الفريق للكرة، لا يدافع جيدا، فقط يقوم بالتحليق على اللاعب من بعيد، لا يمثل أى ضغط على من يملك الكرة، وكأنه عيب عليه ــ وهو يلعب فى الأرسنال ــ أن يهين نفسه داخل الملعب، عكس طارق حامد الذى استخلص كرات عديدة، من خلال التحامات قوية، ليبقى الننى بلا دور دفاعى واضح أو مساندة هجومية ظاهرة، خاصة أنه يمرر بالخطأ فى كثير من الأحوال، ليفقد الفريق الكرة فى كل مرة يمرر الننى فيها بشكل أمامى.
3- وسط المنتخب يدفع ثمن غياب الكابيتانو
ظهور الننى بمستوى لم ينل رضاء الجميع باستثناء هيكتور كوبر المدير الفنى، أعاد المطالب بضرورة تواجد حسام غالى فى صفوف المنتخب، فكوبر يصدر لنا قناعته بمستوى الننى، رغم تواضعه، حتى لا يلام فى أمر استبعاد غالى الذى وضعه وجهازه فى القائمة السوداء.
تواجد غالى فى صفوف المنتخب، بغض النظر عن كونه قائدا داخل أرض الملعب، كان سيعطى للفريق مرونة تكتيكية بدلا من حالة تصلب الشرايين التى يعانى منها كلما أراد الانتقال بالكرة إلى ملعب الفريق الخصم، فغالى له رؤية فى الملعب، وتمريراته غالبا ما تكون للأمام بشكل صحيح، وهو ما يفتقده الننى، بشكل يوحى لجميع الفرق أننا نلعب بـ10 لاعبين فقط.. كونه لا يدافع ولا يهاجم.
4- مروان مجتهد وغير مقنع
أصبح بشكل واضح للجميع ضرورة تواجد باسم مرسى ضمن تشكيلة المنتخب المصرى، فباسم الذى وضعه كوبر فى القائمة السوداء مع حسام غالى، واستبعده دون مبرر رغم حاجة الفريق لتواجده حتى وإن لم يشارك.. فمجرد تواجده كان سيخلق نوعا من المنافسة بينه وبين مروان محسن المجتهد، لكن ما يعيب مروان عدم مشاكسته ومشاغبته لخط دفاع الخصم، وهو ما يتميز به باسم المقاتل فى مثل هذه المناسبات.
لكن.. يبدو أن العجوز الأرجنتينى الذى يتقاضى 90 ألف دولار شهريا بواقع 60 ألف جنيه يوميا.. ينصر كبرياءه الشخصى على كبرياء الفريق، فالمنتخب الحالى بتواجد غالى ومرسى، كان سيظهر بشكل هجومى أفضل مما ظهر عليه لدرجة أنه أصبح منتخب مصر للتأمين الدفاعى فقط.
5- كهربا.. القاتل
منذ أن اعترض كهربا على المدير الفنى الأرجنتينى هيكتور كوبر أثناء استبداله فى إحدى المباريات، استبعده المدير الفنى فى التجمع التالى، قبل أن يستعين به مؤخرا، ويضعه فى ثلاجة دكة البدلاء، ولولا تأخر الفوز على أوغندا، ما كان دفع به، ولعل تمريرة كهربا لمحمد صلاح القاتلة التى صنعت هدف الفوز على أوغندا، علاوة على تألقه خلال عشر دقائق فقط لعبها من أصل 180 دقيقة حتى كتابة هذه السطور، تضع علامات الاستفهام حول كوبر.
الخوف أن يكون سلوك كهربا الذى كرره رمضان صبحى عند استبداله فى المباراة الأخيرة دافعا لدى المدرب ذى القلب الذى لا يسامح فى استبعاده هو الآخر والاعتماد على عمرو وردة الذى فضله على صانع ألعاب فى حجم محمد إبراهيم، الذى افتقده المنتخب ولم يعوض وجوده لا وردة ولا فلة!.
6- وفروا الدولارات.. حسام وشحاتة أفضل
مخطئ من يظن أن المنتخب المصرى الحالى الذى يمثل دولة حصدت لقب البطولة 7 مرات ضعيفا، فالمنتخب يضم بين صفوفه مواهب لم تجتمع فى أى جيل آخر فى تاريخ الكرة المصرية، لم يكن لدينا موهبة رمضان وكهربا وتريزيجيه ومحمد صلاح، ودقة عبدالله السعيد، وظهيرى جنب فى مستوى ثابت وخط دفاع متألق.
لا داعى لتواجد كوبر من الأساس، فإمكانيات الدولة لا تسمح بتقاضيه 90 ألف دولار شهريا.. والأولى والأفضل والأنسب أن يعود المدرب المصرى إلى الصورة، حسن شحاتة أو حسام حسن، كلاهما يعرف طبيعة اللاعب المصرى، وكلاهما يتمنى تدريب المنتخب المصرى.. وكلاهما سيقدم كرة جميلة مع منتخب مصر.. أما كوبر ففى حال بقائه سيبقى الأداء عقيما، وسنضيف إلى اسم منتخب مصر صفة التأمين.. ليكون «منتخب مصر للتأمين».. بغض النظر عن نتائج العجوز الأرجنتينى.