"بارتازوجا" منطقة حدودية تبرأت منها مصر والسودان.. فطالب بها أمريكي
"بير طويل" أو بئر طويل، تقع هذه المنطقة بين مصر والسودان،
وهي صحراء قاحلة لا تنتمي لأية دولة، وتعرف باسم مثلث "بارتازوجا"، حيث تخلو
من الموارد ما جعل هذه المنطقة هي الوحيدة التي لا تطالب بها أي دولة في العالم بما
فيهم "مصر والسودان".
وتبلغ مساحة "بير طويل" 2060 كلم مربع؛ وترفض الخرطوم
والقاهرة المطالبة بالمنطقة أملاً في ضم مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه.
ووفقًا لاتفاقية 1899 فالمنطقة أرض سودانية، تقع جنوب دائرة
العرض 22؛ لذلك إذا اعترفت السودان بالسيادة عليها، فسيكون ذلك اعترافًا ضمنيًّا بحدود
1899، وتعتبر حلايب أرضًا مصرية، وإذا اعترفت مصر بسيادتها عليها، فسيكون ذلك عدم اعتراف
ضمني بحدود 1899؛ مما يعني أن حلايب أرض سودانية، وبالتالي يظل بارتازوجا بدون صاحب
وبدون سيادة لأحد.
وفي يوليو2014، ادعى رجل من الولايات المتحدة الأمريكية،
ملكيته لقطعة صغيرة من الأرض بقارة أفريقيا؛ لأن ابنته ترغب في أن تصبح أميرة، وقال
جيرمي هيتون لـ بي بي سي عربي، إنه سافر من فيرجينيا مصطحبا علما، للإعلان عن تأسيس
دولة "مملكة شمال السودان".
ويقول هيتون إنه تقدم بطلبات رسمية لكلا الدولتين، لكنه لم
يتلق ردا حتى الآن، وأن ابنته سألته بـ "لهجة جادة عما إذا كان من الممكن أن تصبح
أميرة يوما ما".
وأضاف: "باعتباري أبا، أدركت أنها كانت جادة في طلبها،
وبحثت في المناطق التي لا يدعي أحد ملكيته لها، وكان من حسن حظي أن اكتشفت هذه المنطقة"،
ولكي يحتفل بعيد ميلاد ابنته السابع، قام هيتون برحلة إلى المنطقة التي تعرف محليا
باسم بئر طويل وذلك بهدف تحقيق حلم ابنته إيميلي.
وتقول بي بي سي عربي، إن نزاعا على الحدود بين البلدين أدى
إلى أن تصبح هذه القطعة من الأرض واحدة من بين أواخر المناطق التي لا يدعي أحد ملكيتها
على كوكب الأرض، موضحًا أنه سيحاول الوصول للاتحاد الأفريقي لكسب تأييده في هذا الشأن.
وفي 2014، شهدت المنطقة إصدار عملة معدنية من فئة
10 "پكونيا"، أصدرتها ما يسمى "دوقية بير طويل"، وتشير صحيفة
"سودان تربيون" إلى أن واجهة العملة حملت رسما لغزال مع تاج ملكي ونقش عليها رسم لرجل ملتحي يحمل في يمناه عصا بمقبض مذهب وتضم يسراه كتابا رسم
عليه الصليب، فيما يبدو أنه الإنجيل.
وحملت الواجهة الثانية للعملة رسم لزوجين من الثعالب، والثعلب حيوان صحراوي ذو نشاط ليلي اشتهرت به منطقة "بير طويل" وما جاورها، وعمد هيتون إلى كتابة الحروف والأرقام باللغتين العربية والإنجليزية بشكل كلاسيكي.
وأوضحت أن نزاع السودان ومصر حول مثلث حلايب على ساحل البحر الأحمر، تسبب في عدم مطالبة البلدين بـ"بير طويل" ما يجعلها المنطقة الوحيدة التي لا تطالب بها أي دولة في العالم، باستثناء أرض "ماري بِرد" بالقارة القطبية الجنوبية.
وتشير مصادر محلية وفقًا للصحيفة، إلى وجود عسكري دائم بالمنطقة ويتحدث البدو هناك عن تجهيزات تحت أرضية ترجع إلى سنة 1987، وأصدر الأمريكي بطاقة هوية صادرة عن مملكة "بير طويل" حوت معلومات عن الاسم والعمر وفصيلة الدم وتاريخ الميلاد.
لكن يبدو أن اهتمام جيرمي هيتون لم يكن الاهتمام الأمريكي
الأول بهذه المنطقة التي لم يكن يعلم الكثير من السودانيين والمصريين بمجرد وجودها،
حيث أصدر سلاح المهندسين الأمريكي خريطة طبوغرافية عام 1960 تضم منطقة "بير طويل".
وتتمسك مصر بحدود عام 1899 بحذو خط العرض 22 شمالاً، لذا
تتمسك بمثلث حلايب وشلاتين، ولا تطالب بمنطقة بير طويل، بينما يتمسك السودان بالتعديل
الحدودي لسنة 1902، وعليه يطالب بحلايب، بدون المطالبة أيضا ببير طول.
ونتيجة ذلك، كلا البلدين تطالبان بحلايب وشلاتين بينما لا
تطالب أي منهما ببير طويل، ولا يوجد في القانون الدولي أي أساس يمكن بناء عليه لأي
من الدولتين أن تطالب بكلا المنطقتين في الحين ذاته، مما يجعل هذه المنطقة هي الوحيدة
التي لا تطالب بها أي دولة في العالم.
ويخطط الأمريكي هيتون للاتصال بالاتحاد الأفريقي من أجل تأسيس
"مملكة شمال السودان" رسميا في "بير طويل"، ولم تنشر السفارتين
المصرية والسودانية بواشنطن أي تعليق عن الأمر.
وأضافت أسرة جيرمي هيتون أن لديها خططاً لتطوير المنطقة القاحلة
بتحويلها إلى منطقة زراعية، لمساعدة السكان المحليين من البدو.