عبدالرحمن صلاح يكتب: خطاب لصاحبة المقام
أكتب إليها كعادتي خطابًا لا يليقُ بمقامها عندي، ولا حقيقة ما تملكه في قلبي.. أكتب إليها خطابًا سنويًا أقل بكثير مما أُسطره لها يوميًا في وجداني الذي يأبى سوى أن يتذكر لحظات العشق والسعادة التي عشناها سويًا.
في 25 من يناير 2012، وبينما يحتفل أنصار الحرية بالذكرى الثانية لثورتهم، كنت أودع أغلى ما رزقني الله عز وجل، حيث صعدت روح أمي إلى خالقها، لتذهب من كان يرزقني الله لأجلها، وأسعد بجوارها.
تمر الذكرى الخامسة لوفاة معشوقتي الأولى، وقد طرأت تغييرات عديدة في حياتي، بدأت حينما رزقني الله نعمة زيارة بيته الحرام، ثم وهبني ابنًا أسميته يوسف، ووسط كل هذا لم تنس أسرتي الصغيرة الدعاء لأمي وتذكر سيرتها ليل نهار.
كل منا له أم يتمنى رضاها ويعشقها، لكن لم تكن أمي كأي أم، هي في نظري عالم خاص، سيدة ضحت بسعادتها وراحتها وبذلت كل ما تملك في سبيل أسرتها وتربية أبنائها على الأخلاق الحميدة.. تحملت مالا يطيقه بشر كي تربي فينا إنكار الذات.. تلك الفضيلة التي لم أعرف قدرها سوى بعد وفاة صاحبتها، كغيرها من نعم كثيرة أدركتها مؤخرًا.
هي في نظري مدرسة حقيقية يتعلم فيها المرأ مالا يدركه داخل الفصول الحكومية، أو حتى المدارس الخاصة.. مدرسة قائمة على التضحية والحب والحنان، فضلًا عن الفهم الحقيقي للحياه.. مدرسة يتمنى المرء أن يظل فيها تلميذًا طوال عمره، يعشقها ويجري إليها ليل نهار، ينهل منها لكنه لا يشبع.
في خطابي هذا، أكتُب إليها وبجواري زوجة غالية وابنًا لم تعرفهما، لكنها تمنت رؤيتهما بجانبي.. تمنت أن تعيش معنا سعادة في دنيا زائلة، تركتها لتذهب بإذن الله إلى السعادة الدائمة، في "روح وريحان وجنة نعيم ".
اليوم أكتُب أنا لها فقط، ولا أدري هل سأتمكن من ذلك في العام المقبل إن شاء الله، أم سنجد من يكتب لنا رثاءً في وداعنا..