مخاوف الفلسطينيين من ادارة ترامب في واشنطن بين التهويل والتهوين

عربي ودولي

دونالد ترامب - أرشيفية
دونالد ترامب - أرشيفية


اعتبر مراقبون فلسطينيون تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية أمر يصب في صالح إسرائيل وينعكس سلبا على القضية الفلسطينية.

ويقول المراقبون في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الألمانية ( د. ب. أ) إن فترة الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي ومع تنصيب دونالد ترامب، الرئيس الخامس والأربعين، شهدت اطلاق تصريحات مؤيدة وداعمة لإسرائيل.

يرى الفلسطينيون أن الإقدام على نقل السفارة الأمريكية وفق أي من السيناريوهات المتوقعة الى القدس يعكس تطورا خطيرا يمس بمكانة القدس بالمعنى السياسي، والقانوني، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة.

لكن هذه الردود ما تزال تنحصر في نطاق التهديد باتخاذ بعض الخطوات دون أن تندرج ضمن سياسة فلسطينية واضحة وفعالة، إزاء كيفية التعامل مع مجمل التغييرات المحتملة في سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة.

وكان ترامب كتب في تغريدةٍ له على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) في أكتوبر الماضي،أن "الولايات المتحدة ستعترف بأن القدس هي العاصمة الوحيدة والحقيقية لإسرائيل"، معتبرا أن "من شأن اتفاقية سلام تفرضها الأمم المتحدة أن تشكل كارثة تامة وكاملة إذ لن تؤدي سوى إلى المزيد من نزع الشرعية عن إسرائيل"، إلا انه تعهد في خطاب القاه بعد فوزه بأنه سيكون رئيسا لكل الأمريكيين، وانه سيتعامل مع كل الدول بنزاهة.

وفي وقت لاحق، صرح عدد من مساعدي ترامب، بأن نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس يشكل أولوية كبيرة لديه، وهو الامر الذى حذر منه الرئيس الفلسطيني محمود عباس أخيرا.

وقال عباس للصحفيين مؤخرا إنه "إذا قرر ترامب نقل السفارة إلى القدس سيكون لنا رد فعل سياسي ودبلوماسي".

ويعتبر المراقبون، أن مواقف ترامب الذي لا يملك أي خبرة سياسية، بمثابة دعم أمريكي لإسرائيل خلال فترة رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية وهو ما سيؤثر سلبا على القضية الفلسطينية.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي من مدينة رام الله في الضفة الغربية محمد ضراغمة إن الفلسطينيين يشعرون بكثير من القلق منذ فوز ترامب في نوفمبر الماضي بالانتخابات الأمريكية وحتى تنصيبه رسميا الجمعة الماضية لتولى مهامه.

ويضيف ضراغمة، أن القلق الفلسطيني ناجم عن مواقف ترامبن خاصة بشأن التعهد بنقل سفارة بلاده لدى إسرائيل من تل أبيب إلى مدينة القدس.

ويتابع، أن ترامب لم يعلن في كلمة تنصيبه أي برنامج واضح للسياسة الخارجية ما يعتبره الفلسطينيون رجلا غامضا وأكثر تشددا من سابقيه في البيت الأبيض، وأكثر كذلك انحيازا لصالح إسرائيل وهو ما يضعف قضيتهم المتراجعة أصلا.

ويشير إلى أن القضية الفلسطينية تعاني من التراجع خاصة على صعيد الأولويات الأمريكية الخارجية بفعل عاملي تفجر منطقة الشرق الأوسط، والانقسام والصراع الفلسطيني الداخلي، وافتقاد برنامج سياسي فلسطيني أمام العالم، وبالتالي فإن وجود رئيس أمريكي متشدد أكثر ضد الفلسطينيين، ينذر بمزيد من التراجع للقضية الفلسطينية.

ويقول المحلل السياسي من مدينة رام الله هاني المصري إن مواقف ترامب في الملف الفلسطيني تنذر بانقلاب كبير لصالح إسرائيل.

ويضيف المصري، أن ترامب ينوى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وعدم السماح بإقامة دولة فلسطينية، وأن الحل مفاوضات ثنائية دون إملاءات ولا تدخل من أحد، ما يجعل إسرائيل هي المتحكمة بها.

ويتابع أن الأخطر من مواقف ترامب هم أركان حملته الانتخابية ومن عينهم في المناصب الرئيسية في إدارته، فالكثير منهم من غلاة المؤيدين لإسرائيل وللاتجاهات اليمينية المتطرفة فيها.

ويشير إلى أن الشعور بالقلق يغلب على ردود الفعل الفلسطينية على تولى ترامب من انحيازه المرجح لإسرائيل الذي سيؤدي في الحد الأدنى، إلى إطلاق يدها للتصرف كما تريد دون الخشية من ردة فعل أمريكية أو دولية.

ويلفت المصري إلى أن هذا يفتح الباب بصورة أكبر لضم الضفة الغربية أو مناطق (ج)، فالفيتو الأمريكي سيكون بالمرصاد لأي محاولة دولية لإدانة إسرائيل ردا على ذلك.

ويقول المحلل السياسي من غزة هاني عوكل إن ترامب أصدر تصريحات عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، من شأنها أن تطيح بأي بوادر لجهة تسويته.

ويضيف عوكل، أن تصريحات ترامب تلخص موقفه من العلاقة الثابتة والداعمة لإسرائيل، وبالتالي فإنه إما سيسير قدما في نفس سياسة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تجاه مجمل هذا الصراع، أو أنه سيزايد على الإدارة الأمريكية السابقة ويدعم ويقوي إسرائيل أكثر فأكثر.

وتابع أن الجانب الفلسطيني لا ينبغي أن يراهن على أي رئيس أمريكي، لأن الرهان كما لو أنه رهان على حصان خاسر ، مطالبا في نفس الوقت بإيجاد منافذ وأبواب لتحسين العلاقات الفلسطينية - الأمريكية، والمراكمة عليها عاماً بعد عام، دون إغفال الحق الفلسطيني المشروع والنضال السلمي لإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.

من جهته، دعا الكاتب والمحلل السياسي فهمي شراب القيادة الفلسطينية الى التخفيف من القلق والاضطراب الحاصل في صفوفها بسبب تنصيب ترامب، مشيرا الى أن التاريخ يعيد نفسه من جديد.

وأوضح انه في فبراير عام 2002 صادق الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش على توصية الكونجرس الأمريكي التي لم تكن الأولى من نوعها في حينه، وذلك بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، حيث جاء ذلك بعد أن كانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة في عهد كل من رولاند ريجان وجورج بوش الاب وبيل كلينتون وباراك أوباما، مستعدة هي الأخرى للتفاعل مع موقف الكونجرس، في هذا الاتجاه، والمصادقة على قراراته وتطبيقها، لكن تلك الإدارات كانت ترى أن تحقيق ذلك يمكن أن يلحق الضرر بالمصالح الأمريكية العليا، بما يؤثر على الأمن القومي.

وتابع أنه :" تحت هذا المبرر جرت العادة أن يتم رفض تنفيذ هذا القرار وتأجيل تنفيذه كل ستة أشهر، وهذا ما يمكن أن يحصل حيث أن الرئيس دونالد ترامب تجاهل هذا الأمر تماماً أثناء خطاب التنصيب، حيث تبين من ذلك بأنه لا يعطيه الأولوية في أجندته، لا بل ركز بالكامل على المبادئ التي يؤمن بها والمتعلقة بمصالح بلاده وشعبه بطريقة مذهلة.

وأضاف أنه من المثير حقاً كثرة التصريحات الفلسطينية التي باتت تتخبط، وهي تعبر عن حالة الهلع مما سيقدِم عليه الرئيس ترامب وكأنه لا يوجد أمام الرجل ملفات أخرى تهم العالم بأسره سوى الملف الفلسطيني ونقل سفارة بلاده.

وأشار الى أنه لا يقلل من شأن ذلك لكن المثير هو هذا القلق لدى الفلسطينيين الذي بات يمثل حالة من الهوس، مؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية هي دولة ديموقراطية يحكمها القانون وتحكمها المؤسسات وتبني قراراتها حسب مصالحها العليا، وليس دولة أفراد مهما بلغ نفوذهم.

ورأى أن هناك مبالغة غير مبررة في حجم التخوفات الفلسطينية حيث أنها بالعادة تؤدي إلى إهدار الطاقات التي يجدر بأصحاب القرار العمل على توجيهها بحكمة، بدلاً من إفساح المجال أمام الإدلاء بتصريحات تصعيدية هدفها الإثارة وتسجيل المواقف، بالرغم من معرفتهم الحقيقة مسبقاً، كاستباق للأحداث وما سيتم الإفصاح عنه رسمياً بخصوص السياسة التي ستتبعها الإدارة الأمريكية الجديدة.

ودعا شراب الجانب الفلسطيني الى البحث عن آلية موضوعية لاقامة جسور من الثقة مع هذه الإدارة بدون استباق للأحداث والعمل على انتقادها أو التحريض عليها أو حتى التصادم معها، لأن في ذلك أمر غير مفيد وقد يؤدي إلى ضياع فرصة تاريخية.