بورصة الحيوانات المنوية.. فتاة تطلب الإنجاب بـ"التلقيح الصناعي".. الشباب: موافقون.. وعلماء: زنا
رغم أن الشرع وضع أسس العلاقة الأسرية السليمة، إلا أن هناك هواجس ومعتقدات غريبة تسيطر على فكر بعض الفتيات كلما تقدم بهن العمر، فبعد انتشار مصطلح "السينجل مزر" الذي فعلته إحدى الفتيات تدعى هدير مكاوى بعد أن أنجبت طفلها آدم من زواج عرفي بشاب لم يعترف بها أو بطفلها، ظهرت فتاة أخرى تدعى شيريهان نور الدين، تطلب متبرع من الرجال لشراء الحيوانات المنوية لتصبح أم، ويعد ذلك تأكيدًا بأن إنجاب طفل يشبع غريزة الأمومة هو هدف الكثيرات وليس الزواج، واللافت للنظر هو أن شريهان وجدت من يعرض عليها الاستجابة لطلبها.
بشتري راجل
دشنت فتاة تدعى شريهان نور الدين "35 عامًا"، صفحة بعنوان "بشتري راجل"، وأعلنت من خلالها أن تطلب متبرع بحيوانات منوية من أجل الإنجاب، حيث كتبت شريهان تلك الكلمات لنشر فكرها والوصول لمتبرع: "أحلى حاجة في الدنيا الأطفال، لو أقدر، كنت جبت دستة، بس أنا ماتجوزتش قبل كده، ولا عايزة اتجوز، أنا ناجحة جدا في حياتي العملية، عايشة عيشة مريحة ومش محتاجة حد يسندني ماديا... بس بخاف قوي من الوحدة الحل الوحيد اللي قدامي إني أبقي أم".
وتابعت شريهان: "ابتديت أسأل على موضوع تجميد البويضات علشان أطول المدة اللي أعرف أحمل فيها. المهم، وأنا بعمل تحاليل اكتشفت إن عندي مشكلة بتخلي نسبة حملي ٤٠٪ وإن كل ما الوقت بيعدي، فرصتي في الخلفة بتقل!، فأنا قررت إني أعمل عملية تلقيح صناعي مع شخص مستعد يتبرع بحيواناته المنوية في مقابل مادي"، مبررةً: "الموضوع هيمشي رسمي بمأذون، أنبوبة معمل، أنا بس عايزة طفل من غير لا غرام ولا انتقام".
طلب شريهان مجاب
ورغم الهجوم الشرس الذي تعرضت له، شريهان، وصل إلى إغلاق صفحتها، إلا أنها واصلت العمل على انتشار فكرتها، ودشنت صفحة أخرى، وبالفعل وجدت من يعرض عليها الاستجابة لطلبها".
"يا ريت أهلى يوافقوا"
"يا ريت أهلى يوافقوا".. بهذه الكلمات بدأت "نورا 36 عامًا"، حديثها لـ"الفجر"، مؤيدة موقف شريهان، قائلةً؛ "أنا كمان أتمنى أهلي يوافقوا على الفكرة دي بس أكيد مش هيوافقوا أصل مفيش حد هيصدق أني بقيت حامل من غير محد يلمسني، زمن مريم العذراء راح"، مضيفةً: "أنا أنصحك اعمليها بس لو تتجوزي خلفي وطلقي أحسن ما تجيبي ولد من حد متعرفيهوش".
أم عزباء
فيما تقول "سمر 33 عامًا" إنها مثلها ممثل الفتيات تتمنى وأن تصبح أم ولكن تخشى حريتها وتفكيرها الخاص لذلك تتجنب الرجال، مضيفةً: "أهلي غاليًا ما يضغطوا عليا بحجة الزواج، وتكرار أسئلتهم عن هذا وذاك".
وتابعت: "لا يعنيني الزواج وأرفضه عن اقتناع فأنا لا استطيع تحمل مسؤولية شخص آخر وما تستلزمه الحياة الزوجية، ولكن كل ما يعنيني هو الإنجاب، فكل حلمي من هذه الحياة أن أصبح أم عزباء".
الحب الحلال
ورغم ظهور مؤيدين لفكر شريهان وغيرها، إلا أنه لا زال هناك فتيات يحافظن على العادات الشرقية والفكر الإسلامي، ورفضن الفكرة بالفعل، حيث أعربت "أسماء 34 عامًا" عن رفضها لطريقة التفكير السائدة بين بعض الفتيات في الوقت الحالي بأن تصبح أم عزباء، قائلةً؛ "أرفض التفكير بالطريقة دي لأنها بتقتل بنيان الأسرة المسلمة وبكده هنتحول لمجتمع مفكك محدش يعرف فيه مسؤوليته"، مضيفةً: "أنا عايزة ابني أسرة مسلمة مترابطة متماسكة قائمة على الحب الحلال".
عقد بنات
فيما رجحت "بوسي 35 عامًا"، أن يكون هناك أسباب خفية وراء سعى الفتيات للتفكير في أم عزباء، قائلةً: "لازم نعرف ايه اللي بيوصل البنت إنها تكره الزواج وتفضل أن تنجب فقط، منها عقدة البنات من الجواز نظرًا لحالات الطلاق العديدة اللي بقيت منتشرة للشباب في سن صغير".
وبعد سؤالها أنها من الممكن الإقدام للتفكير بأن تصبح أم عزباء، رفضت بسمة، قائلةً: "بالطبع لا هو أنا اتجننت عشان اتحمل مسؤولية طفل لوحدي، خاصةً ونحن في مجتمع شرقي"، مضيفةً: "الفكر الخاطئ أيضًا حينما أقدم بعض الشباب على الزواج من أجل الإنجاب فقط، وتناسيهم بأن الزواج قائم على المودة والرحمة".
وعلق العديد من الشباب من الذكور على الموضوع بين المزح والجدية، حيث مزح بعضهم قائلًا: أنا مستعد للتبرع بحيواناتي المنوية، بس هتدفع كام، فيما أكد آخرون أن الأمر حرام، وغريب عن معتقداتنا الشرقية.
مستعد للتبرع
"مستعد للتبرع بحيواناتي المنوية، بس هي هتدفع كام".. بهذه الكلمات مزح "أحمد 29 عامًا"، عند سؤاله عن ما إذا كان يوافق على طلب شريهان بالتبرع بالحيوانات المنوية بمقابل مادي، مضيفًا: "التفكير بهذا المنطق حرام، ولو على المأذون والكلام ده فالحلال إنها تتجوزه وتأخد منه تلقيح الحيوانات المنوية ويطلقوا عادي بس لما تحب تعمل كده تكون شارطة ع الشخص ده إنه يطلقها تاني أو تكون العصمة في إيديها غير كده يبقي حرام وهتبقى سينجل مزر ونقول عليها شمال".
هي مش العذراء مريم
"أحمد 24 عامًا"، علق، قائلًا؛ "لن تستطيع المرأة العيش دون رجل مهما يكن وحتى وأن قامت بالإنجاب دون زوج، لن تنجح في تربيتهم وحدها فالطفل يحتاج إلى وجود الأب مثلما تتواجد الأم في حياته فهو له دور لا يقل أهمية عن دور المرأة"، ناهيك عن أن القرآن يحثنا على ذلك في قوله "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة".
وتابع: "فالله حينما صمم خلقه ذكرًا وأنثى وحينما أعطى للذكر خصائص وللأنثى خصائص، خصائص جسمية ونفسية وعقلية واجتماعية، هذه الخصائص متكاملة لا متنافرة كل طرف يسكن إلى الطرف الآخر يكمّل به نقصه"، مضيفًا: "ثم أن ستنا حواء خلقت من ضلع آدم يعنى لولا وجود الرجل لما وجدت المرأة"، وربنا لم يقل انفر من الرجال وأعمل الأمور دي، هي مش العذراء مريم يعنى"، فحينما تتجاهل ما تتميز به الأنثى وقعت في خطأ كبير، وحينما تتجاهل ما يتميز به الرجل وقعت في خطأ كبير".
النظام الاجتماعي معقد
وبسؤال خبراء علم النفس، يقول أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، ومستشار العلاقات الأسرية، إن مصطلح السينجل مزر منتشر منذ القدم في المجتمعات الأوروبية، إلا أنه بدأ انتشاره حديثًا في مجتمعنا الشرقي.
وأضاف عبد الله، في تصريحاته الخاصة لـ"الفجر"، أن ما تتطالب به شريهان نور الدين، من شراء حيوانات منوية للتلقيح الصناعي من أجل الإنجاب، خارج عن السياق والتفكير التقليدي لمجتمعنا، لافتًا إلى أن العادات التقليدية للزواج، هي السبب الرئيسي وراء خروج الفتيات والشباب بالتفكير الغريب.
تلبية رغبات الشباب
وأوضح استشاري العلاقات الأسرية، أن النظام الاجتماعي المعقد والزواج التقليدي، وما يفرضه من معتقدات على الشباب وفشل الزواج وحالات الطلاق التي تزداد يومًا تلو الآخر، وراء عزوف الفتيات والشباب عن الزواج والخوف منه، لافتًا إلى أنه في ظل ارتفاع تكاليف الزواج، أصبح الشباب يفكر في أنماط يلبي بها احتياجاته وشهوته ورغبته الجنسية، وكذلك الفتيات.
أنماط زواج جديدة
وطالب عبد الله، أن يستوعب النظام الاجتماعي أنماط عديدة للزواج وأن يكون مرن في تقبل احتياجات الشباب والفتيات، قائلًا؛ إن تفكير شريهان بهذا المنطق دليل على أنها تريد أن تكمل حياتها بحرية دون قيود، فهناك رجال تفكر بهذا المنطق، أن يعيش الشاب بحريته دون قيود، متسائلًا؛ فلماذا لا نساعد هؤلاء من خلال تبني أنماط جديدة للزواج في العثور على بعضهم.
وأوضح عبد الله، أنه إذا لم يستوعب النظام الاجتماعي احتياجات الشباب والفتيات، فسيتفاجئ الجميع بظاهرة غريبة يومًا بعد الآخر.
مخالف للشرع
فيما قال خالد عمران، أمين عام الفتوى بدار الإفتاء، إنه فيما يخص بعض الأفكار الغريبة التي انتشرت في الفترة الأخيرة وتثير الجدل الواسع، إلا أن الشرع حدد لنا ثوابت للعلاقة الشرعية السليمة، وهي حق النسب للطفل، نتيجة العلاقة الشرعية.
وأضاف عمران، في تصريحاته الخاصة لـ"الفجر"، أن طلب شريهان نور الدين بالوصول لمتبرع لشراء حيوانات منوية لتنجب طفل يظل تحت رعايتها، مخالف للشريعة، مشيرًا إلى أنها تريد أن تخصب نفسها بحيوانات منوية لرجل غريب عنها دون زواج رسمي، وهذا غير مقبول في الشرع.
ولفت أمين عام الفتوى بدار الإفتاء، إلى أنه يجوز أن تحتفظ الفتاة بالبويضات مجمدة، ويمكن الاستعانة بها إذا تزوجت، هذا مقبول شرعًا ولكن في حالة الزواج فقط.
زنا
قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، إن هناك خلط في الفترة الحالية بين مصطلح الأم العزباء "سنجل ماذر"، لافتًا إلى أن هذا المصطلح يطلق على الأم التي تركها زوجها أو وافته المنية، مضيفًا: "ما يتردد الآن، مصطلح غربي مستورد للأم التي أنجبت طفلا من الزنا ولا تريد أن تخبر عن والده، وتريد أن تربى طفلها مستقلة".
وتابع جمعة: "شوف الفرق ما بين المفهوم الطاهر النقي الاجتماعي، والمفهوم ابن الكلب اللي جايبينه من هناك"، وأن الأم المعيلة والتي تركها زوجها ورحل وتربى أطفالًا يجب أن تُكرم وتستحق لقب الأم المثالية، وتستحق أيضًا المساعدات وأن نقيم جهادها وكفاحها.