"مصر والتدخين" عرفته مصر قبل 400 عام ووصلت عقوبته للإعدام

منوعات

بوابة الفجر


"أعطني لفافة من التبغ" هكذا يكون الطلب، وتجد في عين الطالب ترقب ليد من سيعطيه، وهو يخرج علبة ذات ماركة مشهورة، ويخرج منها إحدي اللفافات، ثم يناولها له، ويتناول هو أخري، ويشعل قداحته ويقربها منه، فيدني لفافته من الشعلة، ثم يبدأ الإحتفال ... 

هذه الأجواء ليست غريبة علي كل من يدمن تناول السجائر، والتي وصفها العلم بأنها الأخطر علي صحة الإنسان علي مر العصور، فالتبغ وما يحويه من إضفات كالقطران وغيرها يصيب الرئة بالكثير من الضرر الذي يصل إلي حد الإصابة السرطان . 
 
الهنود الحمر : "لقد أبادنا الرجل الأبيض بسلاحه وانتقمنا منه بسلاحنا" 
عرف العالم التبغ لأول مرة منذ 500 عام تقريبا بعد أن اكتشف "كريستوفر كولومبوس" الأمريكتين، وكان الهنود الحمر يتعاطونه في المناسبات الهامة، واشتهروا بمقولتهم "لقد أبادنا الرجل الأبيض بسلاحه وانتقمنا منه بسلاحنا" وهم يقصدون هنا أنهم نقلوا عادة التدخين الفتاكة إلي الرجل الأبيض، وهو في نظرهم المحتل الأوروبي الذي إغتصب أرضهم. 

التبغ والمصريين 
عرف المصريون نبات التبغ أول مرة عام 1601م، وكانوا يمضغونه قبل إختراع السجائر. 
وقد ورد ذكر التدخين في تاريخ الجبرتي فقال "أن الوالي العثماني أصدر أوامر بمنـع شـرب الـدخان فـي الشوارع، و على الدكاكين، وأبواب البيوت، وشدد في التنكيل بمـن يفعل ذلك، ووصل الأمر إلي حد الإاعدام فلقد إعتبرها الناس عادة بذيئة قبيحة" .
وفي سنة 1799م أثناء الحملة الفرنسية علي مصر بدأ سكان الفيوم زراعة التبغ بدلاً من إستيراده بعد إنتشار استعماله بشكل واسع بين المصريين.
وفى سنة 1810م احتكر محمد على باشا زراعة التبغ في مصر، وكان فى الاصل يتاجر فيه . 
وفي سنة 1840 كان الفرنسيين أول من اخترعوا السجائر عندما قاموا بلف التبغ داخل ورق رقيق فانتشرت عادة تناول السجائر عن طريق الفم بطريقة الإشعال في أوربا، وانتقلت منها إلي مصر.
في سنة 1880 أدى تحسن نوعية ورق السجائر و الميكنة لانخفاض سعرها و انتشار ماركات كثيرة منها في الاسواق .
وفى مصر بعد ثوره 1919 م انتجت "شركة سجائر" محمود فهمي لفافات تبغ تحمل اسم "بيت الامة 1919" وكان له إعلاناً طريفا شعاره "السجائر التي يحبها الرياضيون " ونُشر في مجلة "الألعاب الرياضية" .
وانتجت شركة الاتحاد "سجائر أم الدنيا" للعمال، وسجائر عباس حليم ويكن باشا وهي للعظماء. 
وانتجت شركة البستانى ماركات عديدة أهمها كان "نبيل"، وانتجت شركة عبد الرحمن فهمي سجائر "الأمراء"

وأسس الأرمن 20 مصنعا للفافات التبغ في مصر منها 16 مصنعا في القاهرة واثنان بالإسكندرية ، ومصنع واحد بمدينة المنصورة، وآخر بمدينة الزقازيق، وأقدمها مصنع سركسيان الذي أسسه كريكو سركسيان بشبرا أما أشهرهم فهي الماتوسيان.
كانت محلات " كارفيليس " بشارع عبد العزيز و شارع طلعت حرب تبيع كل أنواع الأدخنة و مستلزمات التدخين من سجائر و سيجار و غليون.


النيكوتين 
سميت المادة الفتاكة في نبات التبغ بـ "نيكوتين" نسبة إلي "جان نيكوت" الذي أرسل هذا النبات إلي ملكة فرنسا لعلاجها من صداع كانت تشكو منه .

لم تستطع الحكومات مقاومة امتداد وإستفحال خطر تناول التبغ، وقد تكبدت الحكومات تكاليف باهظة جراء زراعة التبغ وتوفير نفقات علاجه فمثلاً تنفق الولايات المتحدة الأمريكية 60 بليون دولار سنوياً على التدخين، وقد بلغ إنفاق الحكومة المصرية في بعض الأعوام ما يقارب 30 مليار جنيه مصرياً .