دار رعاية المسنين.. بين عقوق الوالدين والحل العملي
تشكل دار رعاية المسنين ظاهرة جديدة نسبيًا على مجتمعنا المصري، وهي ظاهرة مثيرة للجدل بصورة واضحة، حيث يرفضها الكثيرون معتبرينها شكلًا من أشكال العقوق للوالدين، فالوالدن اللذان يبذلان الوقت والصحة والمال، ويضحيان أحيانًا بالمصالح الشخصية كرمى لعيون الأولاد، يلقون الإهمال والتهرب من المسؤولية تجاههما حينما يكبران ويصبحان بحاجة لمساعدة الأبناء.
ومن جانبه، يعتمد دار المسنين على تأمين مكان وأجواء مناسبة لإقامة كبار السن، وتأمين الرعاية التي يحتاجونها، وإزالة عبء الرعاية بكبار السن عن عاتق أقاربهم أو أولادهم.
أما عن وجهة النظر الأشخاص الذين يرون أن هذه الفكرة تشكل عقوق للوالين، فترتبط وجهة نظرهم بقيم دينية واجتماعية متوارثة في مجتمعنا، تعتبر أن رعاية الوالدين حين يكبران شكل من أشكال رد الجميل لهما على رعايتهما للأولاد في الصغر.
لكن في مقابل الرؤية السابقة، تعتقد شريحة ملحوظة في مجتمعنا أن مبدأ دار المسنين يؤمن حلًا عمليًا لمشكلة هرم أحد الوالدين وتحوله إلى عبء على أحد الأولاد أو بعضهم، وذلك بعيدًا عن المثاليات والمبادئ والقيم النظرية التي يتحدث بها الآخرون، في رأي أنصار مبدأ دار العجزة.
المسؤولون عن رعاية الوالدين أو أحدهما يعانون من مشكلات تتعلق بضيق الوقت وتعذر التفرغ للعمل، وتندلع الخلافات بين الأولاد حول كيفية تقسيم المسؤوليات، مما يجعل الرعاية بمسن كبير، عبئًا على أناس يرتبطون بكم كبير من المسؤوليات الحياتية، مما يجعل مبدأ دار المسنين حلًا عمليًا لهذه المشكلة، والأهم من ذلك، في رأي أنصار هذه الفكرة، أن كبار السن يجدون أجواء أنسب لهم في دار المسنين حيث يختلطون بأناس من أعمارهم فتكون أفكارهم وهمومهم ومواضيع حديثهم مشتركة، وهو عكس ما يحدث في حال وجود أجيال صغيرة ترعى رجلًا أو امرأة مسنة، إذ يحصل عادة في هذه الحالة، الكثير من سوء التفاهم وعدم إمكانية استيعاب كل طرف للآخر، بسبب اختلاف الأجيال والأوضاع، فتكثر المشكلات والخلافات، الأمر الذي قد يحول رعاية الأولاد للوالدين أو أحدهما عبئاً نفسياً ثقيلاً على الطرفين، الوالدين والأولاد.
هل تعتقد أن فكرة "دار رعاية المسنين" عقوق للوالدين؟ أم أنها حل عملي يبتعد عن النظريات والمبادئ الدينية والاجتماعية؟