فضيحة 100 عام من التدخلات الأمريكية في انتخابات الدول الأجنبية
كشف الصحفي الأمريكي ستيفان كينزر
عن تاريخ حافل لحكومات الولايات الأميركية المتعاقبة في التدخل بالانتخابات الرئاسية
للدول الأخرى وذلك على مدار أكثر من قرن من الزمن.
وقال الصحفي الأمريكي في مقالة مترجمة للفرنسية
ونشرها موقع "لوغراند سوار" الفرنسي: تبدو واشنطن في حالة مروعة مع تنافس
أعضاء الكونغرس فيها على تشويه صورة روسيا وشيطنتها بسبب "تدخلها المفترض" في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة.
وأشار كينزر في مقالته إلى ما قاله رئيس
مجلس النواب الأمريكي بول رايان " أي تدخل أجنبي في انتخاباتنا هو أمر غير مقبول
على الإطلاق".. وأيضاً لنواب آخرين عندما قالوا إن تصرف الروس "يمثل اعتداء
على مبادئنا الديمقراطية " والتي "يجب أن يتنبه إليها جميع الامريكيين"
لأنها "ضربة في صميم مجتمعنا الحر"… وتعقيباً على هذه التصريحات التي وصفها
كينزر بالمنافقة قال: لربما كان من السهل ابتلاع وهضم هذه الموجة من السخط الأمريكي
فيما لو لم يشهد للولايات المتحدة الأمريكية تاريخها الحافل في التدخل بانتخابات الدول
الأخرى.
وأضاف: لقد استخدم القادة الأمريكيون طوال
ما يزيد عن قرن من الزمن مجموعة متنوعة من أدوات التأثير على الانتخابات في البدان
الأخرى.. فقد قمنا باختيار مرشحين ، وأوصينا بهم، وقمنا بتزكيتهم ومولنا أحزابهم، ووضعنا
الخطط والتصورات لحملاتهم الانتخابية ودفعنا لوسائل الإعلام في سبيل دعمهم وهددنا بل
وأخفينا كل منافسيهم.
وذكر الصحفي الأمريكي الذي عمل مراسلاً
صحفياً في أمريكا الوسطى خلال ثمانينيات القرن الماضي أن إحدى أولى عمليات التدخل في
مصير انتخابات دول أجنبية كانت في كوبا حيث "قامت بلدنا بمساندة المتمردين للإطاحة
بالإسبان سنة 1898 ، وقمنا بتنظيم انتخابات رئاسية ورشحنا شخصا مواليا للأمريكيين ومنعنا
المرشحين الآخرين من منافسته.
بعد ذلك بسنتين قمنا بضم هاواي وأنشأنا
نظاما انتخابيا أنكر الحق في الاقتراع لمعظم سكان هاواي الأصليين..وتم بذلك ضمان حق
الترشح للانتخابات فقط للموالين للولايات المتحدة الأمريكية".
وتابع كينزي: خلال "الحرب الباردة" كانت
مسألة التدخل في انتخابات الدول الأجنبية إحدى أهم الأولويات المطلقة للاستخبارات الأمريكية
المركزية "سي آي إيه".. وكانت إحدى أهم بواكير نشاط الوكالة الأمريكية ضمان
نجاح أحد الأحزاب المقربة من الولايات المتحدة والوصول إلى رأس السلطة في إيطاليا في
انتخابات 1948. "
وانطلت هذه العملية على مجموعة من الحيل
مثل تشجيع الأمريكيين من أصل إيطالي على إرسال رسائل لأهاليهم في إيطاليا يحذروهم فيها
من أنه لن تكون هناك مساعدات تقدمها الولايات المتحدة في حال كسب حزب ما الانتخابات.
وشكل نجاحها في إيطاليا عاملاً تشجيعياً
للولايات المتحدة للمضي قدماً في عملية التدخل في انتخابات الدول الأخرى. وفي العام
1953 اكتشفت الولايات المتحدة على أراضيها موظفا فيتناميا سابقا كان يعيش في المدارس
الكاثولوكية وتم ترتيب الأمر لتنصيبه رئيساً لفيتنام الجنوبية التي تم تأسيسها حديثاً
آنذاك، وكان عليه آنذاك البقاء لمدة سنتين في الرئاسة ولكن ما إن تبين أنه سيخسر الانتخابات
تم إلغاؤها.
وحينها صرحت الخارجية الأمريكية أنه علينا القيام
بدعمه وبالفعل تم منع أي أحد من القيام بحملة ضده ولذلك حصل في استفتاء على نسبة
98.2 بالمائة من أصوات الناخبين وحينها وصف السفير الأمريكي نتائج هذا الاستفتاء بالنجاح
الباهر.
وفي العام 1955 قامت الاستخبارات المركزية
بتقديم مبلغ مليون دولار لأحد الأحزاب الموالية لأمريكة في إندونيسيا.
بعد ذلك بسنتين ساعدت الولايات المتحدة
رجلا سياسيا صديقا لها كي يصيح رئيساً للبنان عبر تمويل حملات دعمه للبرلمان.. واستشهد
كينزي بكلام أحد عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الذي قال: خلال فترة الانتخابات
كنت أسافر بانتظام إلى القصر الرئاسي مع حقيبة مليئة بالليرات اللبنانية ، حيث كان
الرئيس الأمريكي حينها يصر على إشرافه الشخصي على كل عملية تحويل للأموال". ولكن
هذا يعتبر أقل وطأة مما حصل في جمهورية الدومينيكان التي قمنا باجتياحها عسكرياً في
العام 1965 بعد أن اختار الناخبون رئيساً تعتبره الولايات المتحدة شخصاً غير مقبول.
كما تدخلنا في الانتخابات التشيلية عام 1970.. وهو
يعتبر أحد أكثر تدخلات الولايات المتحدة شمولاً في انتخابات الدول الأخرى حيث استخدمت
"السي آي إيه" وغيرها من الوكالات الحكومية العديد من وسائل الضغط لتفادي
ومنع مجلس النواب التشيلي تأكيد فوز المرشح الرئاسي الاشتراكي.
وتم لهذا الغرض إرسال ذخائر وأسلحة إلى
أيادي المتآمرين آنذاك ليتم بعد ساعات قليلة اغتيال قائد الجيش التشيلي الذي كان قد
رفض بدوره قيادة أي ثورة ضد العملية الديمقراطية. وتابع كينزي: أما أحدث التدخلات الأمريكية
في الشؤون السياسية لدول أجنبية فكان في أوكرانيا سنة 2014 حيث تجمع المحتجون للإطاحة
بالحكومة وظهر داخل الحشود مسؤولة من الخارجية الأمريكية لتشجيع التمرد.
وختم كينزي مقالته: إن التدخل في انتخابات
دول الغير هو بالفعل أمر مستنكر من أي دولة في العالم ومع ذلك فإنه ومع كل هذا الصراخ
المنافق ضد روسيا الصادر من واشنطن فإنهم لا يزالون يفضلون تجاهل العديد من فصول التاريخ
الشاهدة على نفاقهم.