أحمد سامي يكتب: رد النبي على "single mother" و"الفتايين"
هبُّ رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن
بكرة أبيهم، يخوضون في كارثة جديدة، من كوارث "السوشيال ميديا"، يحللون
ويحرمون كل على هواه، دون الرجوع إلى الأولين، وإلى سنة الحبيب "ص" أو
إلى كتاب رب العالمين، تحركهم عواطفهم وأهوائهم، وكل يغني على ليلاه.
في بدعة جديدة، أضحت هينة لدى الكثيرين
في هذه الزمان، خرجت، هدير مكاوي، عضو بحركة 6 إبريل، تجاهر بمعصيتها، على الملأ،
بنشر صورتها حبلى بجنين، تدعي فرحًا أنها "single mother"، تنتظر
مولودها بفارغ الصبر، وهي لم تتزوج وكل متابعيها وأصدقائها على صفحتها بموقع
"فيسبوك" يعلمون أنها لم تتزوج، حتى تحبل، والكل يترقب ما ستعلنه حين
تضع مولودها، دون أب أو زواج وما هو مبررها لذلك.
وما إن وضعت مولودها، وكتبت في منشور
أنها متزوجة من صديق لها عرفيًا بورقة عرفية، وهو لا يريد الاعتراف بهذا المولود،
ويريدها أن تقتله حتى يتم حل المشكلة وديًا، وأن أهلها يريدون قتل مولودها، وأنها
أقدمت على الزواج من صديقها عرفيًا، لأن أهلها رفضوه، وكأن الحل أمام أي فتاة رفض
أهلها من تقدم للزواج منها وهي تحبه، أن تهجرهم وتتزوجه سرًا، حتى تحقق أحلامها،
وأنها تُحَمِّل أهلها ومن ادعت أنه زوجها، مسؤولية سلامتهما، وستواصل نضالها
لإثبات نسب ابنها وأبوته ممن نعتته بزوجها العرفي.
قبل أنا أتحدث عن طوفان الفتاوى
والتأييد، الذي حدث تعاطفًا مع هذا الجرم، ولا اسم أو وصف لهذا الأمر سوى
"الجرم"، ينبغي استحضار تعامل النبي محمد "ص" مع موقف مشابه في
الجرم، وليس تصرف الخاطية.
حدث أن وقعت امرأة في الخطيئة فحاسبت نفسها، وضاقت حياتها، وأحاطت بها خطيئتها، حتى أحرق الذنب قلبها - وهي هنا single mother زمانها - قدمت إلى النبي "ص" تطالبه بتطهيرها من جريمة وrعت فيها وهي "الزنا"، فالتفت إليها "ص" ثم قال: "إما لا فاذهبي حتى تلدي"، فخرجت من المسجد ومضت إلى بيتها تجر خطاها وقد كبر همها وضعف جسدها ودمعت عينها، وذهبت تعد الساعات والأيام، والآلام تلد الآلام، فلما مضت تسعة أشهر ضربها المخاض، فلم تزل تتلوى من الألم حتى ولدت، فلما ولدت لم تنتظر نفاسها، بل قامت من فراشها وحملت وليدها في خرقتها، ثم مضت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وضعته بين يديه وقالت: "هذا قد ولدته يا رسول الله"، فنظر النبي إليها فإذا هي في تعبها ونصبها، ونظر إلى وليدها فإذا هو صبي في مهده يتلبط بين يدي أمه فقال: "اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه"، فذهبت وغابت سنتين كاملتين عاشتهما مع فلذة كبدها تغسل وجهه بدمعاتها، وتودعه بنظراتها.
فلما فطمته من الرضاع لفت عليها
ثيابها، ثم خرجت بولدها من بيتها وناولته في يده كسرة خبز، ثم أتت به يمشي معها
حتى وقفت به بين يدي رسول الله فقالت: "هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل
الطعام فطهرني" فدفع النبي صلى الله عليه وسلم الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم
أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها حتى ماتت.
ولا أجد ما أعلق بعد رد النبي، ولا
تصرفه مع الخاطية، ولكن أود أن أنوه بموقف السيدتين في معالجة الخطيئة التي
وقعتا فيها، حيث هنا هدير مكاوي، تجاهر بمعصيتها وتدافع عنها وتقول إنها ستواصل
نضالها لشرعنة الجريمة هذه، ولإثبات أبوه ابنها سفاحًا، في المقابل المرأة التي
ذهبت إلى النبي تطالبه بتطهيرها مما وقعت فيه.
الوزر الأكبر من هذه الخطيئة، هو ما
نطق به المتعاطفين مع هدير، ومشاركتهم في هذه الجريمة عن طريق التعاطف، وتحليلهم
الخطيئة التي اهتز لها عرش الرحمن، وهي جريمة الزنا.
سيسأل أحدهم ويقول إنها تزوجت عرفيًا
ولم تزنِ، وهذا فاه غير صحيح، فمن شروط الزواج الشرعي الصحيح، الإشهار والولي
والشهود والمهر، وما دام انعدم شرط من شروطه انعدمت صحت ذلك الزواج.
حملة التأييد لتلك الجريمة، توضح لنا
الحالة الصعبة التي وصلنا لها، من تحليل الحرام وتحريم الحلال، وتنصيب أنفسنا
مفتين، وما نحن إلا "فتايين" بالهوى نحكم في الأمور خيرها وشرها
بالعاطفة، وأسأل هنا ماذا لو تقدمت إليك "هدير" لتتزوجها.. ماذا
ستقول؟
هدير أخطأت، والله وحده هو صاحب العفو والغفران، وجاهرت بمعصيتها، وهذا جرم آخر، حيث قال النبي "كل أمتى معافى إلا المجاهرون بالمعاصي"، ينبغي علينا الاحتكام إلى كتاب الله وسنة الرسول فيما يتعلق بالأمور القطعية الثبوت، ولا ننساق وراء أحكام تصدرها عواطفنا وأهواؤنا، وهناك مرجعية في الكتاب والسنة، حتى لا نكون مشاركين في إثم ارتكبه آخرون ويتفاخرون به، فلا هي "العذراء مريم" ولا أنتم أحبار الأمة.