مجلس الدولة يكشف عن مفاجأة في قانون الخدمة المدنية الجديد
أصدرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة،
فتوى أن قانون الخدمة المدنية صار خاليا من نص صريح يحظر مزاولة الموظف العام للأعمال
التجارية حظرا مطلقًا، على خلاف قانون العاملين المدنيين بالدولة (الملغي)، الذي حظر
على الموظف العمل بالتجارة حتى يكرس الموظف كامل وقته لأداء واجبات وظيفته ومقتضياتها،
وينأى بالوظيفة العامة عن مواطن الزلل والشبهات.
وأضافت الفتوى، أن ذلك الحظر الوارد في قانون العاملين المدنيين
بالدولة جاء أيضا دفعا لمظنة أن يكون شغل تلك الوظائف مع ما يصاحبه من سلطات مجالًا
للتربح والمنفعة الشخصية؛ ومن ثم فلم يُجز بناء على ذلك قيد الموظف العام في السجل
التجاري، باعتبار أن الهدف من ذلك القيد هو مزاولة العمل التجاري.
واستطرت الفتوى الصادرة برئاسة المستشار يحي دكروري، النائب
الأول لرئيس مجلس الدولة، أن ذلك الوضع جاء مختلفا في قانون الخدمة المدنية الذي حل
محل قانون العاملين المدنيين بالدولة منذ 2 نوفمبر 2016، الذي لم ينص صراحة على حظر
مزاولة الموظف العام للأعمال التجارية، وإنما نص على حظر مباشرة الأعمال التي تتنافى
مع الحيدة والتجرد والالتزام الوظيفي، أثناء ساعات العمل الرسمية، أو ممارسة أي عمل
حزبي، أو سياسي داخل مكان العمل، أو بمناسبة تأديته لهذا العمل، أو القيام بجمع تبرعات،
أو مُساهمة لمصلحة أحزاب سياسية، أو نشر الدعاية، أو الترويج لها.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الفتوى صدرت في الطلب المقدم من
رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيدليات بوزارة الصحة، للجمعية العمومية لقسمي الفتوى
والتشريع؛ لإيجاد حلول لبعض التساؤلات التي فرضها حكم قضائي أصدرته المحكمة الدستورية
العليا بعدم دستورية ما ورد بقانون مزاولة مهنة الصيدلة من حظر تملك الصيدلي موظف الحكومة
لصيدلية.
وبناء على ذلك الحكم أرسلت الوزارة طلبًا لاستطلاع رأي الجمعية
العمومية في كيفية التصرف في تراخيص إنشاء الصيدليات التي حصل عليها بعض الصيادلة العاملين
بالحكومة بطريق الخطأ أو التحايل أو غيره، والتصرف في طلبات الترخيص بإنشاء صيدليات
التي تم رفضها قبل صدور ذلك الحكم، وكذلك مدى جواز قيد الصيادلة العاملين بالحكومة
في السجل التجاري.
وانتهت الجمعية إلى استمرار العمل بتراخيص فتح الصيدليات
المستطلع الرأي بشأنها، ووجوب قيد الصيدلي الشاغل لإحدى الوظائف العامة المُرخص له
بفتح صيدلية في السجل التجاري.
وقالت الجمعية في أسباب فتواها، إنه بدءًا من تاريخ العمل
بقانون الخدمة المدنية أصبحت التراخيص الصادرة لبعض العاملين المدنيين بالدولة بفتح
صيدليات مبرأة مما كان ينسب إليها من عوار، وقت سريان قانون العاملين المدنيين بالدولة
الذي كان يحظر على الموظف العام مزاولة الإعمال التجارية، على اعتبار أن ذلك الحظر
صار مقصورًا بموجب قانون الخدمة المدنية على مباشرة الأعمال التي تتنافى مع الحيدة
والتجرد على النحو السابق ذكره.
وأما طلبات الترخيص بفتح الصيدليات التي تم رفضها قبل صدور
حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، فقالت الجمعية إنه يحق لذوي الشأن التقدم
بطلبات جديدة لتتولى الجهة المختصة بوزارة الصحة النظر في مدى استيفائها للشروط المقررة
واتخاذ اللازم، مؤكدة جواز قيد الصيدلي من موظفي الحكومة في السجل التجاري، باعتبار
أنه من الالتزامات المُقررة قانونًا على كل من يزاول عملًا من الأعمال التجارية التي
من بينها شراء الدواء بقصد بيعه من خلال الصيدليات، وذلك كله مالم تنص القوانين والأنظمة
الوظيفية الخاصة على خلاف ذلك أو كانت مزاولة العمل التجاري تتعارض ومقتضيات شغل بعض
الوظائف.