سوء الظن.. ألغام مزروعة في رمال النفوس !
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا﴾
أظن وتظن، تلك الظنون التي تجعلنا لا نلتقي بسلام، فتهدم البيوت، وتقتل النفوس، بكلمة واحدة "أظن "، أظن انك تكلمت عني بسوء !!أظن انك سرقت .أظن انهم يتحدثون عنك .
حساسية مفرطة، وأحقاد تكون كالألغام، فتفجر الكلمات لتنشر شظايا النفس المريضة، فتقع الضحايا، ضحايا اللسان جروحهم اعظم من جروح البدن، والسبب هو سوء الظن.!
وفي مجتمعاتنا أصبح سوء الظن مهلكة، وبلاء لا يكاد أحد أن يسلم منه، لا في الأسر ولا في الصداقات، إذا وقع في قلبك ظن السوء، وسوس الشيطان لك، فينبغي أن تكذبه فإنه أفسق الفاسقين، وقد قال الله تعالى: ( إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ).
في نهج البلاغة يقول الإمام علي(ع) "لا تَظُنَنَّ بِكَلِمَة خَرَجَتْ مِنْ أَحَد سُوءً، وأَنتَ تَجِدُ لَهـا فِي الخَيرِ مُحتَمَلاً مَحمَلاً"..
هل لظن السوء علامات؟
نعم ومن علاماته أن يتغير قلبك معه عما كان عليه من قبل فتصبح المحبة بغضاً، فتنفر منه، ومن وجوده، وتفتر عن مراعاته وإكرامه، والاغتمام بسيئته، فإن الشيطان قد يقرب إلى القلب بأدنى خيالٍ مساوئَ الناس، ويلقي إليه: أن هذا من فطنتك وذكائك وسرعة تنبهك، وإن المؤمن ينظر بنور الله، وإنما هو على التحقيق ناطق بغرور الشيطان وظلمته، وإن أخبرك عدل بذلك، فلا تصدقه ولا تكذبه لئلا تسيء الظن بأحدهما، ومهما خطر لك سوء في مسلم، فزد في مراعاته وإكرامه، فإن ذلك يغيظ الشيطان ويدفعه عنك فلا يلقي إليك مثله، خيفة من اشتغالك بالدعاء له، ومهما عرفت هفوة مسلم بحجة لا شك فيها، فانصحه في السر، ولا يخدعنك الشيطان فيدعوك إلى اغتيابه، وإذا وعظته فلا تعظه وأنت مسرور باطلاعك على نقصه فينظر إليك بعين التعظيم، وتنظر إليه بالاستصغار، ولكن اقصد تخليصه من الإثم وأنت حزين كما تحزن على نفسك إذا دخلك نقص، وينبغي أن يكون تركه لذلك النقص بغير وعظك أحب إليك من تركه بوعظك.
كيف اتعامل مع سوء الظن؟
- أجتنب التفكير والثرثرة فيما ظننت .
- أبتعد عن ظن السوء واجعل له محمل خير من السبعين محملا .
- اجعل ظني فيه جاهل ولا اصيب الناس بجهلي .
- لا اسقطه من أعين الناس بمجرد ظني فيه قد يكون ظني خطأ .
- افكر في عاقبة الاثم الذي يكتبه الله في صفحتي.
الشواهد على ظن السوء من درر أهل البيت (ع)
- اياكم والظن فان الظن أكذب الحديث .
- ولا تكن ممن تغلبه نفسه لا على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستقن فإن ذلك من أعظم الشر.
- يا عبيد السوء تلومون الناس على الظن ولا تلومون أنفسكم على اليقين.
- لا ايمان مع سوء الظن.
-سوء الظن يفسد الامور ويبعث على الشرور.
-سوء الظن بالمحسن شر الاثم، واقبح الظلم .
كيف أتجنّب ظن الآخرين بي؟
-لا تجعل نفسك في موضع التهمة قصدا أو عمدا، بدعوى أنك واثق من نفسك ولا تبالِ بالناس، فمن لا يستحي من الناس لا يستحي من الله... فلا تلمْ من أساء الظن بك.
-لا تجلس مع الاشرار حتى لا تُعدّ منهم.
-لا تظن بالناس شرا حتى لا يظنون فيك شرا.
قصة الختام
هذه قصة قصيرة عن سوء الظن: امرأة تقود سيارتها على الطريق، وهنالك رجل يقود سيارته في نفس الطريق، ولكن في الاتجاه المعاكس، يمر كل منهما على الآخر، فتح الرجل نافذة سيارته، وقال بأعلى صوته: بقرة.
ترد المرأة على الفور: ما أقل أدبك!!.
يكمل كل منهما طريقه، وتكون المرأة متضايقة (متنرفزة) من كلام الرجل.
وفجأة تصطدم المرأة (ببقرة) كانت تركض في الطريق .
الحكمة: حوادث كثيرة في حياتنا.. كنا في أحيان ظالمين وفي أحيان مظلومين ..ولكن العبرة من الموضوع.. أن لا نتسرع في اصدار الأحكام على الغير، وتبقى قلوينا صافيه لا تظن ولا تأثم .