مجلة "فارايتي" عن فيلم "مولانا": يناقش الفساد الحكومي والأصولية المتعصبة

الفجر الفني

بوابة الفجر


 نشرت مجلة "فارايتى" الأمريكية، مقالاً نقدياً للناقد جاى ويسبرج عن الفيلم  المصري"مولانا" للمخرج مجدى أحمد على.

 

جاء ذلك بعد عرض الفيلم ، فى مسابقة المهر الطويل ضمن فعاليات الدورة الـ13 من مهرجان دبى السينمائى الدولي.

 

وجاء النقد كالتالي:

 

"عام ملحوظ للأفلام المصرية التى تناقش قضايا مثيرة، انتهى بفيلم "مولانا" للمخرج مجدى أحمد على، الذى يُعد من الأفلام الأكثر جدلاً فى المنطقة، والمأخوذ عن الرواية الأكثر مبيعاً للكاتب إبراهيم عيسى، حيث يرصد الفيلم قصة صعود داعية مسلم يمتلك القدرة على التواصل مع الجماهير، مما يجعل منه أداة تلاعُب مفيدة للحكومة، للتأثير على الآخرين.

 

قدّم المخرج مجدى أحمد على نقداً صريحاً للأصولية المتعصّبة، إضافة إلى هجماته العنيفة على الفساد الحكومى، ورغم الجدل والتعقيد فى العقيدة الإسلامية التى قد تكون غير مفهومة للغرب، فالرسالة الشاملة للفيلم تعوض عن الخصوصيات الإقليمية والتعقيدات.

 

 والسيناريو يتطرّق إلى المحسوبية ووحشية الشرطة والمخالفات الوزارية، التى قد تُسبّب بعض الإزعاج للنظام، وبالتالى من الممكن أن تكون الرقابة صارمة، رغم وجود مبدأ الإمام المعتدل التى تُعد وسيلة للاختفاء خلفها، وذلك يطرح السؤال الأكبر: كيف سيؤثر على المشاهدين من خارج الوطن العربى، فبطل الفيلم عمرو سعد لديه كاريزما ساحرة، وسيحرص الكثيرون على دعم الفيلم الذى يرصد المفاهيم الخاطئة عن الإسلام كديانة تقوم على التعصّب بشكل موحّد، وبعيداً عن الطرح فى دور العرض السينمائى والمهرجانات سيكون من الصعب طرح الفيلم بدول "المنظمة الدولية للفرانكوفونية"، أى مجموعة الدول الناطقة باللغة الفرنسية.

 

يرصد الفيلم، فى تفاصيل دسمة ومتسلسلة، قصة صعود الداعية حاتم الشناوى من القاعات الدينية المتواضعة حتى أكبر المساجد التاريخية وتقديم برنامج تليفزيونى خاص، فتفتح له الحياة أبوابها مع زوجته "أميمة" وابنه "عمر"، حتى يدخل ابنه فى غيبوبة بعد سقوطه فى حمام السباحة فى أثناء انشغال والده عنه، الحياة فى المنزل تفقد الكثير من السعادة ويلقى "حاتم" نفسه فى العمل كإمام وشخصية عامة مشهورة، مقدماً رؤية معاصرة للنصوص الدينية تجمع بين البساطة والحماسة، التى تؤدى إلى انتشاره واعتباره المرشد المطلوب.

 

ويتلقى الداعية مكالمة هاتفية من نجل رئيس الجمهورية جلال، ويطلب منه المساعدة بخصوص شقيقه "حسن"، الذى أصبح يدين بالمسيحية وغيّر اسمه إلى بطرس، وبالتالى الفضيحة المحتملة قد تُضعف قوة الأسرة الحاكمة، ويتطوع حاتم للحديث مع الشاب الذى يعانى علاقة مضطربة مع عائلته، التى طالبت الداعية بتحديد الأسباب التى دفعت نجلهم إلى القيام بذلك، وإقناعه بأن علاقته بأسرته أقوى من أى اعتقاد دينى، والمشاهد بين حاتم وحسن قدمت نقاشاً حيوياً عن تسييس الدين والتحريض على كراهية الآخرين، كما يرصد الفيلم الطريقة التى يتبعها البعض لتعزيز الكراهية من الآخر.

 

 الجدل نفسه بدأ بين حاتم ونشوى، التى تقوم بدورها ريهام حجاج، السيدة المحجّبة التى ترتدى القفاز، والتى شككت فى طريقة تفسير الشيخ حاتم للقرآن، كما يتضح من خلال الفيلم أن حاتم يتبع مذهب المعتزلة الذى يثبط التقيد بالأقوال الدينية التى عفا عليها الزمن وأصبحت غير منطقية. ويُعد أحد أكبر عيوب هذا الفيلم هو أنه كان يجب تحذير المشاهدين من أن المبارزة بالكلمات هى فكرية، دون أن تكون سينمائية أو جذابة، حيث تتخلل السيناريو خطوط ثقيلة، وبه الكثير من الحشو فى الحوار، ونادراً ما يمنح المخرج المفاهيم القوية وقتاً للظهور.

 

ومن المشكلات أيضاً الدمج الضعيف لحياة حاتم العائلية مع زيادة ضغط الحكومة عليه للتحكم فى رسالته، ،التوازن بين تلك الموضوعات كان ضعيفاً فى المشاهد بينه وبين أميمة، أو فى مشاهده الصامتة أثناء غيبوبة ابنه التى كانت سطحية، والجودة غير متقنة، مقارنة بمشاهد أخرى، مثل محاولات قوات الأمن والحكومة فى أن يصبح حاتم تابعاً وعميلاً لهم.

 

قدمت أفلام المخرج مجدى أحمد على "أسرار البنات" وخلطة فوزية انتقادات اجتماعية وتسليط الضوء على عدم المساواة والظلم، لكن "مولانا" جرد طبقات النفاق بصراحة شديدة ليظهر مخالب النخبة الحاكمة فى كل الجوانب، واستخدام مذهب "الغاية تبرر الوسيلة" فى الانقسام بين السنة والشيعة الذى ليس له علاقة بالدين ولكن لاستخدام السلطة.

 

قدّم الفنان عمرو سعد دوراً أقرب إلى الكمال فى واحد من أهم أدوار حياته المهنية، من حيث ثقل السيناريو والمناقشات الفقهية التى قدّمها بثقة وهدوء، حاتم رجل صاحب مبادئ دون أن يصبح قديساً، ورغم أن أداء باقى فريق العمل كان متفاوتاً فإن سعد حمل بأدائه السلس رسالة الفيلم، ورغم روعة الصورة فى الفيلم، فإن المونتاج لا يعتبر نقاط قوة فى الفيلم، كما تم مط التترات بطريقة غير ضرورية، كما يبدو توزيع الألحان الأوركسترالى منمقاً بشكل مبالغ فيه بالنسبة إلى المشاهدين.