إسرائيل تطلب "جواسيس".. و"خبراء" يكشفون لغز هذا التوقيت للإعلان وعلاقته بمصر
أصبح العدو الإسرائيلي لا يكتفي فقط بالتدمير والإحراق والاستيلاء على الأراضي العربية الفلسطينية، وإنما بات ينظر إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ بات يمثل عدوا واضحا وخطيرا على مستوى التواصل الإجتماعي، بالعديد من الصفحات والمواقع التي غدت سما واضحا، يصب في عقول الشباب العربي، يظهر ذلك من خلال مظاهر كثيرة وخطيرة، يسير فيها القائمون على تلك الصفحات، بخطى ثابتة ومنهج مدروس على صلة بأجهزة المخابرات الإسرائيلية.
تجنيد الجواسيس العلني
هل تريدين الالتحاق بالموساد؟ كان هذا ما صدرته إحدى الصفحات الإسرائيلية، على مواقع التواصل فيسبوك وتويتر، التابعة لـ "أوفير جندلمان" وهو السياسي والدبلوماسي الإسرائيلي، ورئيس القسم الإعلام العربي لرئاسة الوزراء في إسرائيل.
وتابع جندلمان بقوله "جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الشهير "الموساد" يطلق حملة لتجنيد الجاسوسات وضابطات جمع المعلومات والعمليات الخاصة ويبحث عن النساء ذوات الشخصية القوية والقدرة على العمل في ظروف غير عادية وعلى تفعيل الناس وقيادتهم".
إعلانات بجميع الصحف الإسرائيلية
كما نشر موقع "الموساد" عدة إعلانات مدفوعة الأجر بجميع الصحف الإسرائيلية ومواقعها الإلكترونية، بجانب صفحات التواصل الاجتماعي التابعة لهم، بجميع اللغات وعلى المواقع الإخبارية التي تبث باللغة العربية أيضا، يطلب فيها انضمام جواسيس للعمل معه.
ليست المرة الأولى
وليست المرة الأولى التي يقوم فيها الموساد الإسرائيلية، بهذا النوع من الإعلانات يطلب فيها جواسيسي، بل سبقها في عام 2014، حيث نشر إعلانا على موقعه الرسمي، يطلب فيه تجنيد جواسيس من جميع الدول خاصة العربية وإيران، وبالفعل أكدت ائنذاك وسائل الإعلام العبرية، أن الموساد نجح خلال الفترة السابقة في تجنيد الكثير من الأفراد، فى صفوف منظمة غامضة مثيرة للاهتمام تدعى "Intelligence agency".
"دغدغة" مشاعر العرب
ولم يكن موقفا كهذا، مثل عرض عمل الجاسوسات الذي أعلن عنه جندلمان، مفاجئا للكثير، حيث تقوم دائما تلك الصفحات التابعة للمسئولين الإسرائيليين، بالعمل على دغدغة مشاعر العرب، فمنذ تأسيس تلك الصفحات، حرصت على تقديم المقاطع المثيرة، التي تتعلق دائما بمحاولات إذابة جبال العداوة المتراكمة عبر التاريخ، بين العرب والإسرائيليين المحتلين للأراضي العربية، فتارة تقوم الصفحات في أعياد العرب، بتقديم التهاني والتبريكات في أعياد المسلمين، وكذلك تفعله أيضا مع أعياد المسيحيين.
وليس هذا فحسب بل ذهب القادة الإسرائيليين، إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث ينشرون العديد من المقاطع المتلفزة، التي تتحدث عن القران الكريم، وتهنئة المسلمين بشهر رمضان والأعياد، بل يحرصون أيضا على إبراز صورة الجيش الإسرائيلي على أنه جيشا رحيما، لديه الكثير من الجنود المسلمين الذين يعيشون مع إخوانهم اليهود جنبا إلى جنب، في سلام وأمان، وهو الأمر الذي يثير حالة من الاندهاش، والاستغراب، خاصة من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
أصل تلك الصفحات ونبع الخطة الأساسي
وربما يظن البعض أن تلك الصفحات الإسرائيلية التي تطلب جواسيس للعمل معها، تعمل هكذا عشوائيا وبمحض الصدفة، إلا أن الكاتبة الإسرائيلي هداس هروش، تأتي لتفصح الكثير من خبايا وأهداف تلك الصفحات الإسرائيلية، حيث تؤكد في مقال لها، أن هذه الصفحات اليهودية، هي نتاج مهم للوصول إلى كل مواطن عربي بهدف تغيير رأيه ونظرته العدائية عن إسرائيل، موضحة أنه لم تكن تربطهم أية علاقة مع الناس قبل 10 سنوات في العالم العربي، وهو ما تغير كثيرا اليوم، من خلال هذه الصفحات.
حكاية "الدبلوماسية الرقمية الإسرائيلية"
وليس هذا فحسب، بل أشارت إلى أن تلك الصفحات تخضع أيضا لما يسمى بـ"الدبلوماسية الرقمية" الإسرائيلية، موضحة أن هذا النوع من الدبلوماسية، هي تتبع في أصلها إلى قسم الدبلوماسية الرقمية العربية، في وزارة الخارجية الإسرائيلية، مشيرة إلى أن هذا المصطلح حديث نسبيًّا، حيث أفتتح قبل 5 سنوات فقط، وأصبح تابعا لوزارة الخارجية الإسرائيلية، عندما أدركت ضرورة مخاطبة الشباب العربي وغزو أفكاره.
عمل منظم ومحكم
وتستمر هروش، مفصحة عن الكثير من الخبايا والأسرار، مؤكدة إن العمل على تلك المواقع والصفحات، يتم في مبنى كبير في وزارة الخارجية الإسرائيلية حيث يجلس شباب إسرائيليون، ويتواصلون مع شباب عرب من جميع أنحاء العالم.
معظم المتابعين من مصر
وذكرت هروش، أن معظم المتابعين يأتون من مصر، حيث يبلغ عدد متابعي صفحة "الفيس بوك" التي يديرها قسم الدبلوماسية الرقمية التابع للخارجية الإسرائيلية، أكثر من 910 ألف متابع، معظمهم من الشباب في سنّ 18 حتى 24 عاما.
حملات ممنهجة
وفي سياق ما سبق أكد الدكتور علاء الفار، الكاتب والباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن دولة الاحتلال، تشن حملات ممنهجة منذ فترات طويلة جدا منذ عام 2010، لإنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أنها الأوسع انتشارا وتأثيرا.
استهداف مصر خاصة
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن تلك الصفحات تستهدف الدول العربية، إلا أنها تستهدف على وجه الخصوص الداخل المصري، ومخاطبة الشباب في مصر، مشيرا إلى أن هناك صفحات متخصصة لاستهداف الداخل المصري.
أهداف طلب الجواسيس في هذا التوقيت
وعن إعلان طلب الجاسوسات والجواسيس، أوضح المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن هناك الكثير من الأهداف، ومنها إحداث بلبلة وسط الشباب المصري، فضلا عن قياس رد الفعل من قبل المستهدفين، قائلا أن الهدف الأساسي، هو "جس نبض" الشباب المصري وفق تعبيره.
خطورة تلك الصفحات وأوجه القصور
وعن خطورتها أكد المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن هناك فجوة معلوماتية لدى الشباب خاصة الجيل الصاعد الذي ليس لديه معلومات، لافتا إلى أن هذا الأمر يتحمله الإعلام وكذلك النخبة، التي لا تعطي أهمية على الإطلاق لهذا الشأن، وبالتالي يؤثر هذا على أفكار الشباب، لافتا إلى أن هناك الكثير من الشباب المصري، أصبح بالفعل متعاطفا مع الجانب الإسرائيلي ومتأثرا جدا بما تنشره تلك الصفحات من معلومات، بما يؤكد أن الهدف من تلك الصفحات تحقق بنسبة مئة في المئة.
استغلال قلة الوعي
اللواء رضا يعقوب، الخبير الأمني والإستراتيجي، أكد إن إسرائيل تستخدم جميع الوسائل للعمل على حماية أمنها، لافتا إلى أن هذا الإعلان عن طلب جواسيسن يعد من الأمور الغير مستغربة على الكيان الإسرائيلي المغتصب، حيث أنه يقوم بذلك عبر تاريخه.
وأضاف يعقوب في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت خطرا محدقا على الشباب العربي مع قلة الوعي الذي يعيش به كثيرون، وبالتالي تستخدم إسرائيل تلك المواقع الخطيرة، في محاولات منها للعمل على تجنيد الشباب العربي.
وشدد الخبير الأمني، على ضرورة التصدي بكل قوة أمام هذه المواقع التي تأتي لتستغل الشباب العربي، لا سيما أنهم يعرضون أموالا بلا حساب على من يقوم بالعمل معهم، مما يمثل مصدرا للإغراء بشدة وهو الأمر الأخطر كذلك.
أين الدور الإعلامي؟
من جانبها أكدت الدكتورة، هويدا مصطفي، عميد أكاديمية الشروق للإعلام، أن مواقع التواصل الإجتماعي تعد من أكثر المواقع خطورة الان على الشباب العربي، مشيرة إلى أن معظم من يستخدمون تلك المواقع هم من صغار السن والشباب الذي لا يهتم بمعرفة خبايا تلك المواقع، ولا التعامل معها، بما يمثل مشكلة كبيرة وخطيرة عليه، ويجعله أيضا عرضة لمثل تلك الاستفزازات والإغراءات الخطيرة.
وأضافت في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية، تعلم تماما خطورة تلك المواقع والصفحات، وبالتالي دأبت على ضرورة الظهور عليها في السنوات الأخيرة، بكثافة غير عادية، وهو ما يوضح كم المجهودات من قبل الكيان الإسرائيلي، في تغييب عقول الشباب العربي، من خلال الدبلوماسية الناعمة، إلى أن وصل الأمر لطلب جواسيس على مواقع التواصل بعلانية.
ونوهت مصطفى، على ضرورة إيجاد الوعي العميق بتلك المواقع من قبل الشباب العربي، بل والاهتمام كذلك من قبل الإعلام العربي والمصري في تخصيص برامج كاملة تعمل على تبصير هؤلاء الشباب، لا سيما صغار السن على خطورة مثل هذه الأمور وتلك الإغراءات.
مخططات لحماية الأمن الإسرائيلي
كما أكد الدكتور سعيد اللاوندي، خبير السياسة الدولية، أن العدو الإسرائيلي، يعمل دائما على الخطط السياسية، والكثير من تلك الأهداف بغرض حماية الأمن القومي الذي يستشعر أنه في خطر.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن طلبه في هذا التوقيت، بتجنيد جواسيس، لديه الكثير من الأمور المتعلقة بالأمن القومي للكيان الصهيوني، فضلا عن استغلاله الأوضاع السياسية السيئة التي يعيشها العالم العربي، وكذلك أوضاع الشباب التي تضيق كثيرا في ظل هذه الأوضاع وبالتالي يقوم بعرض التجنيد في الموساد.
وأوضح اللاوندي، أن هذا الأمر لديه من الخطورة الكبيرة، حيث يمثل كارثة على الشباب العربي، بما يؤكد ضرورة أن تتخذ أجهزة الأمن القومي للدول العربية حذرها من تلك الأساليب الإسرائيلية التخريبية.