العام المنصرم وحقوق الإنسان .. نرصد أهم الكوارث الحقوقية التي شهدها عام 2016
ستظل الحالة الحقوقية حالة مرتبطة ارتباطا كبيرا ووثيقا بمدى الدرجة التي تصل إليها المجتمعات، سواء أكانت متخلفة أو متطورة، وانطلاقا من الحالة الغير هادئة التي تسود العالم، حيث اندلاع الكثير من الحروب، شهد عام 2016، العديد من الأحداث الكثيرة التي جاءت بمثابة انتكاسة كبيرة في مجال حقوق الإنسان، حيث تصدرت روسيا وإيران والصين قائمة الدول الأكثر انتهاكا للحريات.
وفي السطور التالية ترصد "الفجر"، أهم هذه المظاهر التي عاشتها حقوق الإنسان على مدار عام 2016
تطهير عرقي في ميانمار
من أكثر الكوارث التي لم تظهر فقط في عام 2016، وإنما يظل جبروت وظلم، البوذيون تجاه مسلمي الروهينجا، من أكثر الأمور إيلاما، حيث تتفاقم هذه الأزمة التي يقوم فيها البوذيون بجميع أنواع القتل والتهجير والتحريق بما يطبق عليه إبادة جماعية بامتياز، وفي عام 2016، شهدت هذه القضية أيضا العديد من الأحداث التي جاءت أكثر عنفا، حيث تم تهجير آلاف المسلمين من ميانمار من بيتوهم، ليلجأون إلى بلدان مجاورة لتقوم هي الأخرى بالتضييق عليهم والمطالبة برحيلهم عن بلادهم، فيما تأتي العديد من التقارير التي تشير إلى تدمير آلاف المنازل في قرى مسلمة فضلا عن مئات الأنفس التي تقتل ليل نهار على يد البوذيين.
الانقلاب التركي وانتهاكات كارثية لحقوق الإنسان
وفي 15 يوليو 2016، وقع انقلابا مفاجئا في تركيا، وهو الأمر الذي أدى إلى كوارث كبيرة في تركيا، لا سيما من الناحية الحقوقية، وهو الأمر الذي أخذ على نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، بل سبب له مشكلات مع الجانب الأوروبي.
وأوضحت التقارير الحقوقية أنه برغم فشل محاولة الانقلاب، إلا أنها ورثت حالة من الهياج الشديد، بين أرجاء الدولة التركية، حيث تجاوز عدد المعتلقين والموقوفين والمفصولين 70 ألف مواطن، يشملون الكثير من القطاعات، وهو الرقم الذي وصفته التقارير بالمهول والكبير جدا، بجانب أعداد الصحفيين المعتقلين في تركيا، وهو الأمر الذي أكدت عليه لجنة حماية الصحفيين، التي أشارت إلى أن تركيا قد سجلت رقما قياسيا في عدد الصحفيين المعتقلين حول العالم، بجانب فرض حالة الطوارئ وما يحدث معها من ارتكاب جميع أعمال الانتهاكات والتعذيب وسوء معاملة المحتجزين، والانتهاكات الجنسية، والتهديد بالاغتصاب، على حد وصف التقارير الأممية.
في اليمن..الناس يموتون جوعا
وتأتي المنطقة العربية بما تحمله من كوارث هي الأخرى، فبينما تستمر الحرب اليمنية في اندلاعها، يستمر معها الحالة الحقوقية في انحدار قوي لم تشهده اليمن قبل ذلك، نتيجة لتفشي الصراع بين التحالف العربي والحوثيين الذي يرتكبون المجازر اليومية في حق الشعب اليمني، وتأتي المنظمات الأممية تؤكد، إن حوالي 19 مليون نسمة من أصل 26 مليون، بحاجة لمساعدات إنسانية، و7 ملايين منهم مهددون بعدم إيجاد الغذاء، كما ارتفعت نسبة سوء التغذية في اليمن إلي حد المجاعة، حيث أثبتت التقارير أن 2.2 مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية وبحاجة إلى العناية العاجلة، وإن 462 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، بجانب أعداد النازحين أيضا التي تبلغ 3 مليون نسمة كما قدرتهم المنظمات الدولية.
كما أن الأمراض لم تغب هي الأخرى عن المشهد اليمني، إذ أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الافتقار إلى مياه الشرب النظيفة تسبب في تفشي وباء الكوليرا بين الأطفال.
سوريا.. برك دماء وتهجير وأشلاء
تأتي سوريا من أكثر الدول التي تشهد حالة مزرية في حقوق الإنسان، حيث تدهور فيها الحالة الحقوقية يوما بعد يوم نتيجة القصف والحصار والتدمير بجميع أنواع الأسلحة المحرمة والغير محرمة.
ولفتت التقارير إلى أن الوضع السوري يعاني بشدة من كوارث على جميع المستويات، لا سيما منطقة حلب التي حذرت الأمم المتحدة بشأنها من أنها ستصبح قريبا "بلا مواد غذائية أو طعام" نتيجة لاستعار الحرب فيها، هذا بجانب حوالي 4.9 مليون انسان، يعيشون في مناطق محاصرة يصعب الوصول إليها بالمساعدات كما أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن 12 ألفا و679 شخصا، بينهم نحو 200 طفل وامرأة، قتلوا في سوريا جراء التعذيب، وإن 99% من هذه الحالات هي من فعل النظام السوري.
العراق.. وأطفاله الضائعة
ولم يختلف الوضع في العراق كثيرا عن سوريا، فكما أن الكثير من الدول تكالبت على الشعب السوريـ، تأتي التقارير لتوضح أيضا أن أعمال العنف في العراق تتصاعد درجاتها للغاية، بشكل مضاعف خلال عام ، 2016، فيما أشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن هناك أرقام مرعبة تشير إلى انخراط واستعمال الأطفال في الحرب العراقية المسلحة، حيث أكدت أن أطفال تحت 15 عاما ينتمون إلى الجماعات المحاربة لبعضها في العراق.
وأضافت التقارير أيضا أن ما يقرب من 90 ألف مدني عراقي قد فروا على من مدنهم الخالية من الكهرباء والغذاء، فيما تعرض الكثير منهم إلى انتهاكات بالغة على يد الحشد الشعبي، لا سيما سكان الفلوجة، كما أكدت منظمة "اليونيسيف"، فرار يقرب من 35 ألف طفل من مدينة الموصل، منذ بدأ الجيش النظامي عملية استعادة المدينة من تنظيم داعش في أكتوبر الماضي 2016.
السودان واغتصاب النساء
وتعيش السودان حالة فريدة من نوعها مع المرأة، حيث تؤكد التقارير أن المرأة في جنوب السودان، عاشت أسوأ أيم حياتها في عام 2016، حيث لاحقها جميع أنواع الاعتداءات، والتي كان من بينها العنف الجنسي واعتقالات تعسفية، حيث أكد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن الاغتصاب يستخدم في تلك المنطقة كأداة لبث الرعب وكسلاح حرب.
وأوضحت التقارير الحقوقية أن الجماعات المسلحة المتحالفة مع الحكومة يسمح لها باغتصاب النساء على شكل مكافأة أو راتب، بحسب توصيفها وهو ما يمثل خطورة كبيرة في مجال حقوق الإنسان عامة والمرأة بشكل خاص.
ليبيا.. الحقوق المسلوبة
ولم تسلم ليبيا هي الأخرى من انتهاكات حقوق الإنسان التي باتت تغرق فيها، على اعتبار أنها تشد حربا ضروسا بين أطراف متعددة من الصعب جدا التفرقة بين تلك الأطراف، وعليه جاءت الكوارث بين الاحتجاز التعسفي والتعذيب والوفاة رهن الاحتجاز، بجانب حالات الخطف والاعتقال التي تمارسها سلطات السجون والميليشيات، التي تستمر في اعتقال آلاف الليبيين والأجانب بشكل تعسفي، الذين يعتقلون منذ عام 2011، دون أن يواجهوا اتهامات أو محاكمة، أو يحصلوا على الحق في الإجراءات القانونية السليمة، فيما أكدت "هيومن رايتس ووتش" أن هناك أعداد كثيرة في ليبيا من بينها معتقلين ومسجونين، يعاملون بطرق سيئة للغاية، وهو الأمر الذي أكدته بعد زيارات لها قامت بها إلى السجون الليبية الحكومية.